ابن الصلاح

توفي 540 هـ

هو الشيخ العالم نجم الدين أبو الفتوح أحمد بن محمد بن السري، وكان يعرف بابن الصلاح. 

فاضل في العلوم الحكمية جيد المعرفة بها مطلع على دقائقها وأسرارها، فصيح اللسان قوي العبارة مليح التصنيف متميز في علم صناعة الطب، وكان أعجمياً أصله من همدان، وقطن ببغداد واستدعاه حسام الدين تمرتاش بن الغازي بن أرتق إليه وأكرمه غاية الإكرام، وبقي في صحبته مدة، ثم توجه ابن الصلاح إلى دمشق، ولم يزل بها إلى أن توفي، وكانت وفاته بدمشق ودفن في مقابر الصوفية عند نهر بانياس بظاهر دمشق . 

لابن الصلاح من الكتب مقالة في الشكل الرابع من أشكال القياس الحملي، وهذا الشكل المنسوب إلى جالينوس، كتاب في الفوز الأصغر في الحكمة.

قال ابن أبي أصيبعة في "عيون الأنباء في طبقات الأطباء": ((ابن الصلاح هو الشيخ العالم نجم الدين أبو الفتوح أحمد بن محمد بن السري، وكان يعرف بابن الصلاح فاضل في العلوم الحكمية جيد المعرفة بها مطلع على دقائقها وأسرارها، فصيح اللسان قوي العبارة مليح التصنيف متميز في علم صناعة الطب، وكان أعجمياً أصله من همدان، وقطن ببغداد واستدعاه حسام الدين تمرتاش بن الغازي بن أرتق إليه وأكرمه غاية الإكرام، وبقي في صحبته مدة، ثم توجه ابن الصلاح إلى دمشق، ولم يزل بها إلى أن توفي، وكانت وفاته رحمه اللّه بدمشق ليلة الأحد سنة نيف وأربعين خمسمائة ودفن في مقابر الصوفية عند نهر بانياس بظاهر دمشق .

ونقلت من خط الشيخ الحكيم أمين الدين أبي زكريا يحيى بن إسمعيل البياسي رحمه اللّه قال كان قد ورد إلى دمشق الشيخ الإمام العالم الفيلسوف أبو الفتوح بن الصلاح من بغداد، ونزل عند الشيخ الحكيم أبي الفضل إسمعيل بن أبو الوقار الطبيب، وارد ابن الصلاح أن يستعمل له تمشكا بغداديا، وسأل عن صانع مجيد لعمل ذلك، فدل على رجل يقال له سعدان الإسكاف، فاستعمل التمشك عنده، ولما فرغ منه بعد مدة وجده ضيق الصدر زائد الطول رديء الصنعة، فبقي في أكثر أوقاته يعيبه، ويستقبح صنعته، ويلوم الذي استعمله، وبلغ ذلك الشيخ أبا الحكم المغربي الطبيب، فقال على لسان الفيلسوف هذه القصيدة على سبيل المجون، وذكر فيها أشياء كثيرة من اصطلاحات المنطق والألفاظ الحكمية والهندسية وهي

مصابي مصاب تاه في وصفه عقـلـي

 

وأمري عجيب شرحه يا أبا الـفـضـل

أبثك مـا بـي مـن أسـى وصـبـابة

 

وما قد لقيت في دمـشـق مـن الـذل

قدمت إلـيهـا جـاهـلاً بـأمـورهـا

 

على أنني حوشيت في العلم من جـهـل

وقد كان في رجلي تمشك فـخـانـنـي

 

عليه زمان ليس يحـمـد فـي فـعـل

فقلت عسى أن يخلف الدهـر مـثـلـه

 

وهيهات أن ألقاه في الحزن والسـهـل

ولاحـقـنـي نـذل دهـيت بـقـربـه

 

فلله ما قـاسـيت مـن ذلـك الـنـذل

فقلت له يا سـعـد جـد لـي بـحـاجة

 

تحوز بها شكر امرئ عالـم مـثـلـي

بحقي عسى تستنخـب الـيوم قـطـعة

 

من الأدم المدبوغ بالعـفـص والـخـل

فقال علـى رأسـي وحـقـك واجـب

 

على كل إنسان يرى مذهب الـعـقـل

فناولته في الحال عـشـرين درهـمـا

 

وسوفني شهرين بالدفـع والـمـطـل

فلما قضى الرحـمـن لـي بـنـجـازه

 

وقلت ترى سعدان أنجز لي شـغـلـي

أتى بتمشك ضـيق الـصـدر أحـنـف

 

بكعب غدا حتفاً على الكعب والـرجـل

وبشتيكـه بـشـتـيك سـوء مـقـارب

 

أضيف إلى نعل شـبـيه بـه فـسـل

بشكل علـى الأذهـان يعـسـر حـلـه

 

ويعي ذوي الألباب والعـقـد والـحـل

وكعب إلى القطب الشـمـالـي مـائل

 

ووجه إلى القطب الجنوبي مستـعـلـي

وما كان فـي هـنـدامـه لـي صـحة

 

ولكن فساد شاع في الـفـرع والأصـل

موازاة خطي جـانـبـيه تـخـالـفـا

 

فجزء إلى علو وجـزء إلـى سـفـل

وكم فيه من عـيب وخـرز مـفـتـق

 

يعاف ومن قطع من الزيج والـنـعـل

بوصل ضروري وقد كـان مـمـكـنـاً

 

لعمرك أن يأتي التمشـك بـلا وصـل

وفيه اخـتـلال مـن قـياس مـركـب

 

فلا ينتج الشرطي منه ولا الحـمـلـي

ومن عظم مـا قـاسـيت مـن ضـيق

 

بأسه أخاف على جسمي من السقم والسل

فيا لتمشـك مـذ تـأمـلـت شـكـلـه

 

علمت يقيناً أنـه مـوجـب قـتـلـي

وينشد من يأتيه نعـيي بـجـلـق بـنـا

 

منك فوق الرمل ما بك فـي الـرمـل

فلا تعجبوا مهمـا دهـانـي فـإنـنـي

 

وجدت به ما لـم يجـد أحـد قـبـلـي

ولابن الصلاح من الكتب مقالة في الشكل الرابع من أشكال القياس الحملي، وهذا الشكل المنسوب إلى جالينوس، كتاب في الفوز الأصغر في الحكمة،شهاب الدين السهروردي هو الإمام الفاضل أبو حفص عمر بن كان أوحداً في العلوم الحكمية، جامعاً للفنون الفلسفية، بارعاً في الأصول الفلكية،مفرط الذكاء، جيد الفطرة، فصيح العبارة، لم يناظر أحداً إلا بزّه، ولم يباحث محصلاً إلا أربى عليه، وكان علمه أكثر من عقله)).

المرجع:عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة



بغداد