أخرقاءُ للبينِ استقلَّتْ حمولُها |
نَعَمْ غَرْبَة ً فَالْعَيْنُ يَجْرِي مَسِيلُهَا |
كَأَنْ لَمْ يَرُعْكَ الدَّهْرُ بِالْبَيْنِ قَبْلَهَا |
لميٍّ ولم تشهدْ فراقاً يُزيلها |
بَلَى فَاسْتَعَارَ الْقَلْبُ يَأْساً وَمَانَحَتْ |
على إثرها عينٌ طويلٌ همولُها |
كأَنِّي أَخوُ جِرْيَالَة ٍ بَابِلِيَّة ٍ |
من الرّاحِ دبَّتْ في العظامِ شمولُها |
غَدَاة َ اللِّوَى إِذْ رَاعَنِي الْبَيْنُ بَغْتَة ً |
وَلَم يُوِد مِنْ خَرْقآءَ شَيْئاً قَتِيلُهَا |
ولا مثلَ وجدي يومَ جرعاءِ مالكٍ |
وَجُمْهُورِ حُزْوَى يَوْمَ سَارَتْ حُمُولُهَا |
فَأَضْحَتْ بِوَعْسَآءِ النُّمَيْطِ كَأَنَّهَا |
ذُرَى الأَثْلِ مِنْ وَادي الْقُرَى وَنَخِيلُهَا |
وَفي الْجِيرَة ِ الغَادِين حُورٌ تَهَيَّمَتْ |
قُلوبَ الصِّبَى حَتَّى اسْتُخِفَّتْ عُقُولُهَا |
كأنَّ نعاجَ الرملِ تحتَ خدورِها |
بوهبينَ أو أرطى رُماحَ مقيلُها |
عَواطِفُ يَسْتَثْبِتْنَ فِي مَكْنَسِ الضُّحَى |
إِلَى الْهَجْرِ أَفْيَآءً بَطِيئاً ضُهُولُهَا |
يَزِيدُ التَّنَائي وَصْلَ خَرْقَآءَ جِدَّة ً |
إذا خانَ أرماثَ الحبالِ وصولُها |
خَلِيلَيَّ عُدَّا حَاجَتِي مِنْ هَوَاكُمَا |
وَمَنْ ذَا يُؤَاسي النَّفْسَ إِلاَّ خَلِيلُهَا |
ألمّا بميٍّ قبلَ أنْ تطرحَ النَّوى |
بِنَا مَطْرَحاً أَوْ قَبْلَ بَيْنٍ يُزِيلُهَا |
وإنْ لمْ يكنْ إلاّ تعلُّلَ ساعة ٍ |
قليلاً فإنِّي نافعٌ لي قليلُها |
لَقَدْ أُشْرِبَتْ نَفْسِي لِمَيٍّ مَوَدَّة ً |
تقضّى اللَّيالي وهو باقٍ وسيلُها |
ولو كلَّمتْ مستوعلاً في عماية ٍ |
تصبّاهُ منْ أعلى عماية َ قيلُها |
ألا رُبَّ همٍّ طارقٍ قدْ قريتُهُ |
مَوَاكِبَة ً يَنْضُو الرِّعَانَ ذَمِيلُهَا |
رتاجُ الصَّلا مكنوزة ُ الحاذِ يستوي |
على مثلِ خلقاءِ الصَّفاة ِ شليلُها |
وَأَبْيَضَ تَسْتَحِيي مَنْ اللَّوْمِ نَفْسُهُ |
إذا صيَّرَ الوجناءَ حرفاً نحولُها |
ندي المحلِ بسّامٍ إذا القومُ قطَّعتْ |
أحَادِيثَهُمْ يَهْمَآءُ عَارٍ مَقِيلُهَا |
إذا انجابَ أظلالُ السُّرى عنْ قلوصهِ |
وقدْ خاضها حتَّى تجلَّى ثقيلُها |
غدا وهوَ لا يعتادُ عينيهِ كسرة ً |
إِذَا ظُلْمَة ُ اللَّيْلِ اسْتَقَلَّتْ فُضُولُهَا |
نقيَّ المآقي ساميَ الطَّرفِ إذ غدا |
إلى كلِّ أشباحٍ بدتْ يستحيلُها |
دعاني بأجوازِ الفلا ودعوتهُ |
لهاجرة ٍ حانتْ وحانَ رحيلُها |
فقمنا إلى مثلِ الهلالينِ لاحنا |
وإياهما عرضُ الفيافي وطولُها |
وَسُوجَيْنِ أَحْيَاناً مَلُوعَيْنِ بِالَّتِي |
على مثلِ حرفِ السَّيفِ يُمسي دليلُها |
وصافي الأعالي أنجلُ العينِ رُعتهُ |
بعانكة ٍ ثبجاءَ قفرٍ أميلُها |
وَأَبْيَضَ مَوْشيِّ الْقَمِيصِ نَصَبْتُهُ |
على خصرِ مقلاتٍ سفيهٍ جديلُها |
قذوفٍ بعينيها إذا اسودَّ غرضها |
جؤوبُ الموامي حينَ يدمى نقيلُها |
وبيضاءَ لا تنحاشُ منّا وأمُّها |
إذا ما رأتنا زيلَ منّا زويلُها |
فَلاَة ٌ تَقُدُّ الآلَ عَنْهَا وَتَرْتَمِي |
إِذَا نُتِجَتْ مَاتَتْ وَحيَّ سَلِيلُهَا |
أريتُ المهارى والديها كليهما |
بِصَحْرَآءَ غُفْلٍ يَرْمَحُ الآلَ مِيلُهَا |
إذا الشَّخصُ فيها هزَّهُ الآلُ أغمضتْ |
عَلَيْهِ كَإِغْمَاضِ الْمُقَضِّي هُجُولُهَا |
عَلَى حِمْيَرِيَّاتٍ كَأَنَّ عُيُونَهَا |
قَلاَتُ الصَّفَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ سُمُولُهَا |
كَأَنَّا نَشُدُّ الْمَيْسَ فَوْقَ مَرَاتِجٍ |
منَ الحُقبِ أسفى حَزنُها وسهولُها |
رعتْ واحفاً فالجزعَ حتى تكمَّلتْ |
جمادى وحتَّى طارَ عنها نسيلُها |
وَحَتَّى اسْتَبَانَ الْجَأْبُ بَعْدَ امْتِنَآئِهَا |
مِنَ الصَّيْفِ مَا اللاَّتِي لَقِحْنَ وَحُولُهَا |
أَبَتْ بَعْدَ هَيْجِ الأرْضِ إِلاَّ تَعَلُّقاً |
بعهدِ الثَّرى حتى طواها ذُبولُها |
حَشَتْهَا الزُّبَانَى حِرَّة ً في صُدُورِهَا |
وَسَيَّرَهَا مِنْ صُلْبِ رَهْبَى ثَمِيلُهَا |
فَلَمَّا حَدَا اللَّيْلُ النَّهَارَ وَأَسْدَفَتْ |
هَوَادِي الدُّجَى مَا كَادَ يَدْنُو أَصِيلُهَا |
حداها جميعُ الأمرِ مُجلوِّذُ السُّرى |
حداءً إذا ما استسمعتهُ يهولُها |
مصكٌّ كمقلاءِ الفتى ذادَ نفسهُ |
عنِ الوردِ حتى ائتجَّ فيها غليلُها |
تغنَّيهِ منْ بينِ الصَّبيَّينِ أُبنة ٌ |
نَهُومٌ إِذَا ما ارْتَدَّ فِيهَا سَحِيلُهَا |
فظلَّتْ تفالى حولَ جأبٍ كأنَّه |
ربيئة ُ أثآرٍ عظامٍ ذحولُها |
محانيقَ أمثالَ القنا قدْ تقطَّعتْ |
قوى الشكِّ عنها لو يُخلَّى سبيلُها |
تُرَاقِبُ بَيْنَ الصُّلْبِ وَالْهَضْبِ وَالْمِعَى |
معى واحفٍ شمساً بطيئاً نزولُها |
ترى القلوة َ القوداءَ فيها كفاركٍ |
تصدَّى لعينيها فصدَّتْ حليلُها |
فأوردها مسجورة ً ذاتَ عرمضٍ |
تغولُ سيولَ المكفهرّاتِ غولُها |
فأزعجها رامٍ بسهمٍ فأدبرتْ |
لَهَا رَوْعَة ٌ يَنْفِي السِّلاَمَ حَفِيلُهَا |
تقولُ سليمى إذْ رأتني كأنَّني |
لنجمِ الثُّريّا راقبٌ أستحيلُها |
أشكوى حمتكَ النَّومَ أم نفَّرتْ به |
همومٌ تعنَّى بعدَ وهنٍ دخيلُها |
فقلتُ لها: لا بلْ همومٌ تضيَّفتْ |
ثَوِيَّكِ وَالظَّلْمَآءُ مُلْقًى سُدُولُهَا |
أَتَى دُونَ طَعْمِ النَّوْمِ تَيْسِيرِى َ الْقِرَى |
لَهَا واحْتِيَالِي أيَّ جَالٍ أُجِيلُهَا |
فَطَاوَعْتُ هَمي فَانْجَلَى وَجْهُ بَازِلٍ |
مَنَ الأَمْرِ لَمْ يَتْرُكْ خِلاَجاً بُزُولُهَا |
فقالتْ: عبيدَ اللهِ من آلِ معمرٍ |
لِرِفْدِ الْقُرَى وَالرِيّحِ صَافٍ بَلِيْلُهَا |
فَتًى بَيْنَ بَطْحَاويْ قُرَيْشٍ كَأَنَّهُ |
صفيحة ُ ذي غربينِ صافٍ صقيلُها |
إذا ما قريشٌ قيلَ: أينَ خيارُها |
أَقرَّتْ بِهِ شُبَّانُهَا وَكُهُولُهَا |