غشيتُ لليلى بالبَرودِ مساكناً |
تَقَادَمْنَ فاستَنَّتْ عليها الأَعَاصِرُ |
وأوْحَشْنَ بَعْدَ الحيِّ إلاّ مَسَاكِناً |
يُرينَ حديثاتٍ وهنَّ دواثرُ |
وكانتْ إذا أخلتْ وأمرعَ ربعُها |
يكونُ عليها من صديقكَ حاضرُ |
فَقَدْ خَفَّ منها الحيُّ بَعْدَ إقَامَة ٍ |
فَمَا إنْ بها إلاّ الرِّياحُ العَوائِرُ |
كأَنْ لَم يُدَمِّنْهَا أنيسٌ وَلَمْ يَكُنْ |
لها بَعْدَ أيَّامِ الهِدَمْلَة ِ عَامِرُ |
وَلَمْ يَعْتَلِجْ في حَاضِرٍ مُتَجَاورٍ |
قفا الغَضْيِ مِنْ وَادِي العُشَيرَة ِ سَامِرُ |
سَقَى أُمَّ كُلثُومٍ على نأي دَارِها |
وَنِسْوَتَها جَوْنُ الحَيَا ثُمَّ بَاكرُ |
أحمُّ رجوفٌ مستهلٌّ ربابهُ |
لَهُ فِرَقٌ مُسحَنْفراتٌ صَوَادِرُ |
تَصَعَّدَ في الأَحْنَاءِ ذُو عَجْرَفِيَّة ٍ |
أحمُّ حبركى مُرجفٌ متماطرُ |
وأعرضَ من ذَهبانَ مُعرورِفَ الذُّرى |
تَرَيَّعُ منهُ بالنِّطافِ الحَوَاجِرُ |
أقامَ على جُمدانَ يوماً وليلة ً |
فجمدانُ منهُ مائلٌ متقاصرُ |
وَعَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ وارتَكَى |
يجرُّ كما جرَّ المكيثُ المسافرُ |
بذي هيدبٍ جونٍ تنجِّزُهُ الصِّبا |
وتدفعهُ دفع الطَّلا وهوَ حاسرُ |
وَسُيّلَ أكنَافُ المَرَابِدِ غُدْوَة ً |
وسُيِّلَ منهُ ضاحكٌ والعواقرُ |
ومنُه بصَخْرِ المَحْوِ وَدْقُ غمامة ٍ |
لهُ سَبَلٌ واقْوَرَّ مِنْهُ الغَفائِرُ |
وطبَّقَ من نحوِ النَّجيل كأنّهُ |
بأَلْيَلَ لمّا خَلَّفَ النّخْلَ ذَامِرُ |
وَمَرَّ فأرْوَى يَنْبُعاً فَجُنُوبَهُ |
وقد جِيدَ منهُ جَيْدَة ٌ فَعَبَاثِرُ |
لَهُ شُعَبٌ مِنْها يَمَانٍ وَرَيِّقٌ |
شآمٍ وَنَجْدِيٌّ وآخَرُ غَائِرُ |
فلمّا دنا للاَّبَتَيْنِ تَقُودُهُ |
جَوافِلُ دُهْمٌ بالرَّبَابِ عَوَاجِرُ |
رسا بينَ سلع والعقيقِ وفارعٍ |
إلى أُحُدٍ للمزنِ فيهِ غشامرُ |
بِأَسْحَمَ زَحَّافٍ كَأَنَّ ارتجَازَهُ |
توعُّدُ أَجْمَالٍ لهُنَّ قَرَاقِرُ |
فأمْسى يَسُحُّ الماءَ فَوْقَ وُعَيْرَة ٍ |
لهُ بالِلّوى والوَادِيَيْنِ حَوَائِرُ |
فَأَقْلَعَ عَنْ عُشٍّ وأصْبَحَ مُزْنُهُ |
أَفاءً وآفاقُ السَّماءِ حَواسِرُ |
فكلُّ مسيلٍ من تهامة َ طيِّبٍ |
تَسِيلُ بِهِ مُسلَنطَحَاتٌ دَعَائِرُ |
تُقَلِّعُ عُمْرِيَّ العِضَاهِ كأَنَّها |
بِأَجْوَازِهِ أُسْدٌ لهُنَّ تَزَاؤرُ |
يُغادِرُ صَرْعَى من أَرَاكٍ وَتَنْضُبٍ |
وزرقاً بأثباجِ البحارِ يُغادرُ |
وكلُّ مسيلٍ غارتِ الشّمسُ فوقَهُ |
سَقِيُّ الثُّرَيَا بَيْنَهُ مُتجاوِرُ |
وما أُمُّ خِشْفٍ بالعَلاَيَة ِ شادِنٍ |
أصاعَ لها بانٌ من المردِ ناضرُ |
تَرَعّى بهِ البَرْدَيْنِ ثُمَّ مَقِيلُها |
ذُرَى سَلَمٍ تَأوِي إليها الجآذِرُ |
بأَحْسَنَ مِنْ أُمّ الحُوَيرثِ سُنّة ً |
عَشِيَّة َ دَمْعي مُسبِلٌ مُتبادِرُ |