عَرِّجْ بِأَطْرَافِ الدّيارِ وَسَلَّمِ
|
وإنْ هِيَ لم تَسْمَعْ ولم تَتَكَلّم
|
فقد قدُمتْ آياتُها وتنكَّرتْ
|
لِمَا مَرَّ مِنْ رِيحٍ وأَوْطَفَ مُرْهِمِ
|
تأمَّلتُ منْ آياتِها بعدَ أهلِها
|
بأطرافِ أعْظَامٍ فأَذْنَابِ أزْنُمِ
|
محانيَ آناءٍ كأنَّ دروسَها
|
دروسُ الجوابي بعد حولٍ مُجرَّمِ
|
يَقُولُ خَليلي سِرْ بنا أيَّ موقفٍ
|
وَقَفْتَ وَجَهْلٍ بالحَلِيمِ المعمَّمِ
|
تَلُومُ وَلَمْ تَعْلَمْ بأسرارِ خُلّة ٍ
|
فتُعذرَ إلاّ عنْ حديثٍ مُرجَّمِ
|
فإنْ كنتُ لم أجهل فقد لمتَ ظالماً
|
وإن كنتُ قد أزرى بيَ الجهلُ فاحلُمِ
|
وفي الحلمِ والإسلامِ للمرءِ وازعٌ
|
وفي تركِ طاعاتِ الفؤادِ المتيَّمِ
|
بَصَائِرُ رُشْدٍ للفَتى مُسْتَبينَة ٌ
|
وأخلاقُ صدقٍ علمُها بالتَّعلُّمِ
|
وَلِيتَ فلم تَشْتِمْ عليّاً ولم تُخِفْ
|
بريّاً ولم تقبلْ إشارة َ مجرمِ
|
وأظْهَرْتَ نورَ الحقِّ فاشتَدَّ نُورُهُ
|
على كُلِّ لَبْسٍ بارِقِ الحَقّ مُظْلمِ
|
وَعَاقَبْتَ فيما قَدْ تَقَدّمْتَ قَبْلَهُ
|
وأعرضتَ عمّا كانَ قبل التّقدُّمِ
|
وصدَّقْتَ بالفِعْلِ المقالَ مَعَ الذي
|
أتيتَ فأمسى راضياً كلُّ مسلِم
|
تَكَلَّمْتَ بالحَقّ المُبينِ وإنّما
|
تَبَيّنُ آياتُ الهُدى بالتّكلّمِ
|
ألا إنما يكفي الفَتَى بَعْدَ زَيْغِهِ
|
مِن الأوَدِ البَادِي ثِقافُ المقوِّمِ
|
وَقَدْ لَبِسَتْ لُبْسَ الهَلُوكِ ثيابَهَا
|
تراءى لك الدُّنيا بكفٍّ ومعصمِ
|
وَتُومِضُ أحياناً بعينٍ مريضَة ٍ
|
وتَبْسِمُ عَنْ مِثْلِ الجُمَانِ المُنظَّمِ
|
فأعرضتَ عنها مشمئزّاً كأنّما
|
سقتك مدوفاً من سمامِ وعلقمِ
|
وَقَدْ كُنْتَ مِنْ أَجْبَالِهَا في ممَنَّعٍ
|
وَمِنْ بَحْرِهَا في مُزْبِدِ المَوْجِ مُفعَمِ
|
وما زلتَ توّاقاً إلى كلّ غاية ٍ
|
بَلَغْتَ بها أعْلَى البِنَاءِ المُقَدَّمِ
|
فلما أتاكَ المُلْكُ عفواً ولم يَكُنْ
|
لطالبِ دُنيا بعْدهُ مِن تَكَلُّمِ
|
تركتَ الذي يفنى وإنْ كانَ مونقاً
|
وآثرْتَ ما يَبْقَى برأيٍ مُصَمِّمِ
|
وأضررتَ بالفاني وشمَّرت للّذي
|
أَمَامَكَ في يومٍ مِنَ الشّرِّ مُظلِمِ
|
وَمَا لَكَ إذا كُنْتَ الخليفة مانع
|
سوى الله من مال رغيب ولا دم سم
|
سما لكَ همٌّ في الفؤادِ مؤرِّقٌ
|
بلغتَ بِهِ أَعْلَى المَعَالِي بسُلّمِ
|
فما بينَ شرقِ الأرضِ والغربِ كلِّها
|
منادٍ ينادي من فصيحٍ وأعجمِ
|
يقولُ : أميرَ المؤمنين ظلمتني
|
بأخذٍ لدينارٍ ولا أخذِ درهمِ
|
ولا بسطِ كفِّ امرئٍ غيرِ مجرمٍ
|
ولا السَّفكِ منهُ ظالماً ملءَ محجَمِ
|
ولو يستطيعُ المسلمونَ تقسَّموا
|
لكَ الشَّطْرَ من أعمارِهِمْ غيرَ
|
فعشتَ به ما حجَّ للهِ راكبٌ
|
مُغذٌّ مطيفٌ بالمقامِ وزمزمِ
|
فأربحْ بها من صفقة ٍ لمبايعٍ
|
وأعظمْ بها أعظمْ بها ثمَّ أعظِمِ ..
|