أرقتُ وشر الداء هم مؤرق
|
كأنّي أسيرٌ جانَبَ النومَ مُوثَقُ
|
تذكّرَ سلمى ، أو صريعٌ لِصَحْبهِ
|
يقول إذا ما عزت الخمر : أنفقوا
|
يُشِبُّ حُميّا الكأسِ فيهِ إذا انتشى
|
قديمُ الخِتامِ بابِليٌّ مُعَتَّقُ
|
يقولُ الشُّروبُ: أيُّ داءٍ أصابَهُ؟
|
أتخبيل جن أم دهاه المروق ؟
|
يَموتُ ويَحْيا تارة ً مِنْ دَبيبِها
|
وليسَ لهُ أنْ يُفصِحَ القيلَ منْطِقُ
|
وأعجب سلمى أن سلمى كأنها
|
من الحسن حوراء المدامع مرشق
|
دعاها إلى ظلٍّ تُزجّي غَزالَها
|
مع الحر عمري من السدر مورق
|
تَعَطَّفُ أحياناً عليهِ وتارة ً
|
تكاد - ولم تغفل - من الوجد تخرق
|
وللحلي وسواسٌ عليها إذا مشت
|
كما اهتزَّ في ريحٍ من الصَّيْف عِشْرِقُ
|
إذا قَتَلَتْ لم يُؤْدَ شيئاً قتيلُها
|
برهرهة ٌ ريا تود وتعشق
|
وتَبْسِمُ عن غُرٍّ رُواءٍ كَأَنَّها
|
أقاح بريانٍ من الروض مشرق
|
كأنَّ رُضابَ المِسْكِ فوقَ لِثاتها
|
وكافورَ دارِيٍّ وراحاً تُصَفَّقُ
|
حمته من الصادي فليس تنيله
|
وإنْ ماتَ ما غنّى الحمامُ المطوَّقُ
|
تكونُ وإنْ أعطتْك عهداً كأنَّها
|
إذا رُمْتَ مِنْها الودَّ نجمٌ مُحَلِّقُ
|
فبرح بي منها عداة ٌ فصرمها
|
عليَّ غرامٌ وادّكارٌ مُشوِّقُ
|
وقالَ العدوُّ والصديقُ كِلاهُما
|
لنابغة البكري شعرٌ مصدق
|
فأَحْكَمُ أَلْبابِ الرجالِ ذَوو التقى
|
وكل امرئٍ لا يتقي الله أحمق
|
وللناسِ أهواءٌ وشَتّى هُمومُهُمْ
|
تَجَمَّعُ أحياناً، وحيناً تَفَرَّقُ
|
وزرع وكل الزرع يشبه أصله
|
هم ولدوا شتى مكيسٌ ومحمق
|
فذو الصمت لا يجني عليه لسانه
|
وذو الحلمِ مَهْدِيٌّ وذو الجهل أَخْرقُ
|
ولست - وإن سر الأعادي - بهالكٍ
|
وليس يُنجّيني من الموتِ مُشْفِقُ
|
وأشوسَ ذي ضغنٍ تراهُ كأنَّهُ
|
ـ إذا أَنْشَدَتْ يوماً رُواتي ـ مُخَنَّقُ
|
ولم يأته عني من الشم عاذرٌ
|
خَلا أنَّ أمثالي تُصيبُ وتَعْرُقُ
|
وبدلت من سلمى وحسن صفاتها
|
رسوماً كسحق البرد بل هي أخلق
|
عفتها خسا الأرواح تذرى خلالها
|
وجالَ على القضِّ الترابُ المدقَّقُ
|
وغيرها جونٌ ركامٌ مجلجلٌ
|
أجشُّ خَصيفُ اللونِ يخبو ويَبْرُقُ
|
يلالي وميضٌ مستطيرٌ يشبه
|
مهامهَ محالاً بها الآلُ يخفقُ
|
تنوءُ بأحمالٍ ثِقالٍ، وكُّلها
|
ـ وقد غرقت بالماءِ ـ ريّانُ مُتْأَقُ
|
كأنَّ مصابيحاً غذا الزيتُ فُتْلَهَا
|
ذبالاً به باتت إذا التج تذلق
|
كأنّ خَلايا فيهِ ضَلّتْ رِباعُها
|
ولَجَّة ُ حُجّاجٍ وغابٌ يُحَرَّقُ
|
تَمَرَّضَ تَمْريهِ الجَنوبُ مع الصَّبا
|
تَهامٍ يَمانٍ أَنْجَدٌ وهو مُعْرِقُ
|
يَسُحُّ رَوايا فهو دانٍ يَثُجُّها
|
هَريتُ العَزالي كُلُّها مُتَبَعِّقُ
|
يُسيلُ رمالاً لم تَسِلْ قبلَ صَوْبِهِ
|
وشقَّ الصِّفا منهُ معَ الصخرِ مُغْدِقُ
|
سقى بعدَ مَلْحوبٍ سَناماً ولَعْلَعاً
|
وقد رَوِيَتْ منهُ تَبوكٌ وأَرْوَقُ
|
وأضحت جبال البحتريين كلها
|
ـ وما قَطَنٌ منها بناجٍ ـ تُغَرَّقُ
|
إذا فرقٌ في الدار خارت فنتجت
|
أتى بعدها من دلح العين فرق
|
فأقلعَ ـ إِذْ خَفَّ الرَّبابُ فلم يقُم ـ
|
رُكامٌ تزجيهِ الشَّمالُ وتَسْحَقُ
|
فمنهُ كأمثالِ العُهونِ دِيارُها
|
لها صبحٌ نورٌ من الزهر مونق
|
عفتْ غير أطلالٍ ، تعطف حولها
|
مراشيقُ أُدْمٌ دَرُّها يُتَفَوَّقُ
|
وشُوهٌ كأمثالِ السبائجِ أُبَّدٌ
|
لها من نتاج البيض في الروض دردق
|
يقود الرئال حين يشتد ريشها
|
خَريقانِ من رُبْدٍ جَفولٍ ونِقْنِقُ
|
يكاد إذا ما احتك يعقد عنقه
|
من اللين مكسو الجناحين أزرق
|
فراسنُها شَتَّانِ: وافٍ وناقصٌ
|
فأنصافُها منهنَّ في الخلق تُسْرَقُ
|
نقانقُ عُجْمٌ أُبَّدٌ وكأنَّما
|
مع الجن باتت بالمواسي تحلق
|
ترى حِزَقَ الثيرانِ يحمينَ حائلاً
|
فكلٌّ لهُ لَدْنٌ سِلاحٌ مُذَلَّقُ
|
تُزَجّي المَها السفُعُ الخدودِ جآذِراً
|
وِراداً إِذا رُدَّتْ من الرِيِّ تَسْنَقُ
|
وتخذُلُ بالقيعانِ عِينٌ هَوامِلٌ
|
لَها زَمَعٌ من خَلْفِ رُحٍّ مُعَلَّقُ
|
إذا أجفلت جالت كأن متونها
|
سيوفٌ جرى فيها من العتق رونق
|
وكل مسح أخدري مكدمٍ
|
له عانة ٌ فيها يظل ويشهق
|
بأكفالها من ذبه بشباته
|
خدودٌ وما يلقى أَمَرُّ وأَعْلَقُ
|
إذا انْصَدَعَتْ وانصاعَ كانَ كأنما
|
بهِ ـ وَهْوَ يَحْدوهاـ من الجِنِّ أَوْلَقُ
|
هواملُ في دارٍ كأنَّ رُسومَها
|
من الدرس عادي من الكتب مهرق
|
فمنهُنَّ نُؤْيٌ خاشِعٌ وَمُشَعَّثٌ
|
وسُفْعٌ ثلاثٌ قد بَلينَ وأوْرَقُ
|
فجشمت نفسي - يوم عي جوابها
|
وعيْنيَ مِن ماءِ الشُّؤونِ تَرقْرَقُ
|
من الأرض - دوياً يخاف بها الردى
|
تغربلُهُ ذيلُ الرياحِ تُرابَها
|
فليسَ لوحشيٍّ بها مُتعلَّقُ
|
بِها جِيفُ الحَسْرى ، أُرومٌ عِظامُها
|
إذا صفحت في الآل تبدو وتغرق
|
كأنَّ مُلاءَ المحضِ فوق مُتونِها
|
ترى الأكم منه ترتدي وتنطق
|
ويومٍ من الجوزاءِ مُسْتَوْقِدِ الحصى
|
تكاد عضاه البيد منه تحرق
|
لَهُ نِيْرتا حَرٍّ، سَمومٌ، وشَمْسُهُ
|
صِلابُ الضَّفا منْ حرِّها تَتَشَقَّقُ
|
إذا الريحُ لم تسكُنْ وهاجَ سَعيرُها
|
وخبَّ السَّفا فيها وجالَ المُخزَّقُ
|
وظَلَّتْ حَرابِيُّ الفلاة ِ كأنَّها
|
منَ الخَرْدلِ المَطْرُوقِ بالخَلِّ تَنْشَقُ
|
بأدماء من حر الهجان نجيبة ٍ
|
أجادَ بِها فَحْلٌ نجيبٌ وأينُقُ
|
بَقِيَّة ُ ذَوْدٍ كالمَها أُمَّهاتُها
|
تخيرها ثم اصطفاها محرق
|
لها كاهلٌ مثل الغبيط مؤربٌ
|
وأَتْلعُ مَصْفوحُ العَلابي عَشَنَّقُ
|
وجمجمة ٌ كالقبر بادٍ شؤونها
|
وسامِعتا نابٍ ولَحْيٌ مُعَرَّقُ
|
وعينان كحلاوان تنفي قذاهما
|
إذا طَرَفتْ أشْفارُ عَيْنٍ وحِمْلِقُ
|
وخدّانِ زَانَا وَجْهَ عَنْسٍ كأنَّها
|
وقد ضمرت قرمٌ من الأدم أشدق
|
وخَطْمٌ كَسَتْهُ واضِحاً مِنْ لُغامِها
|
نفاه من اللحيين دردٌ وأروق
|
يُبَلُّ كَنَعْلِ السِّبْتِ طَوْراً وتارة ً
|
يكفُّ الشَّذا مِنْها خَريعٌ وأَفَرقُ
|
يعوم ذراعاها وعضدان مارتا
|
فكلٌ لهُ جافٍ عن الدفِّ مِرْفَقُ
|
مُضَبَّرة ٌ أُجْدٌ كأنَّ مَحالَها
|
ومابين متنيها بناءٌ موثق
|
وتَلوي بِجَثْلٍ كالإهانِ كأنَّما
|
بِهِ بَلَحٌ خُضْرٌ صِغارٌ وأَغْدُقُ
|
مَناسِمُ رِجْليها إِذا ما تقاذَفتْ
|
يَداها وحُثَّتْ بالدوائرِ، تَلْحقُ
|
على لاحبٍ يزداد في اللبس جدة ً
|
ويبلى عن الإعفاء طوراً ويخلق
|
تقلب أخفاقاً بعوجٍ كأنها
|
مرادي غسانية ٍ حين تعتق
|
وكانتْ ضِناكاً قد علا النحضُ عَظْمَها
|
فعادتْ مَنيناً لحمُها مُتعرَّقُ
|
إذا حُلَّ عنها كُورُها خَرَّ عِنْدَهُ
|
طليحان مجترٌ وأشعث مطرق
|
وماءٍ كأنَّ الزيتَ فوق جِمامِهِ
|
متى ما يذقه فرط القوم يسبق
|
فَوَصَّلْتُ أَرْماثاً قِصاراً وبَعْضُها
|
ضعيف القوى بمحمل السيف موثق
|
إلى سفرة ٍ ، أما عراها فرثة ٌ
|
ضعافٌ ، وأما بطنها فمخرق
|
أَلُدُّ بما آلَتْ من الماءِ جَسْرة ً
|
تكادُ إذا لُدَّتْ من الجهدِ تَشَرقُ
|