قف بالديار عفا من اهلها الأثر عمر بن أبي ربيعة

قفْ بالديارِ عفا من اهلها الأثرُ،

عفى معالمها الأرواحُ والمطرُ

بالعرصتينِ فمجرى السيلِ بينهما

إلى القرينِ، إلى ما دونهُ البسر

تَبْدُو لِعَيْنَيْكَ مِنْهَا كُلَّما نَظَرْتْ

معاهدَ الحيِّ، دوداة ٌ، ومحتضر

وركدٌ حولَ كابٍ قد عكفنَ به

وَزَيْنَة ٌ ماثِلٌ مِنْهُ وَمُنْعَفِرُ

منازلُ الحيِّ أقوتْ بعد ساكنها،

أمستْ ترودُ بها الغزلانُ والبقر

تَبَدَّلوا بَعْدَهَا داراً وَغَيَّرَها

صَرْفُ الزَّمَانِ وَفي تَكْرَارِهِ غِيَرُ

وَقَفْتُ فيها طَويلاً كَيْ أُسَائِلَها

والدارُ ليس لها علمٌ، ولاحبر

دارُ التي قادني حينٌ لرؤيتها،

وَقَدْ يَقُودُ إلى الحَيْنِ الفَتَى القَدَرُ

خودٌ تضيءُ ظلاَ البيتِ صورتها،

كما يضيءُ ظلامَ الحندسِ القمر

مَجْدُولَة ُ الخَلْقِ لَمْ تُوضَعْ مَنَاكِبُها

ملءُ العناقِ ألوفٌ جيبها عطر

ممكورة ُ الساقِ، مقصومٌ خلاخلها،

فمشبعٌ نشبٌ، منها، ومنكسر

هَيْفاءُ لَفّاءُ مَصْقولٌ عَوَارِضُها

تكادُ، من ثقلِ الأردافِ، تنبتر

تفترُّ عن واضحِ الانيابِ، متسقٍ،

عذبِ المقبلِ، مصقولٍ له أشر

كالمسكِ شيبَ بذوبِ النحلِ يخلطه

ثَلْجٌ بِصهْبَاءَ مِمّا عَتَّقَتْ جَدَرُ

تِلْكَ الَّتي سَلَبَتْني العَقْلَ وکمْتَنَعَتْ

والغانياتُ، وإن واصلتنا، غدر

قَدْ كُنْتُ في مَعْزِلٍ عَنْهَا فَقَيَّضَني

للحينِ، حينَ دعاني للشقا النظر

إني، ومنْ أعملَ الحجاجُ خيفته

خوصَ المطايا وما حجوا وما اعتمروا

لا أَصْرِفُ الدَّهْرَ وُدّي عَنْكِ أَمْنَحُهُ

أخرى أواصلها، ما أورقَ الشجر!

أَنْتِ کلمُنَى وَحَديثُ النَّفْسِ خَالِيَة ً

وَفي الجَمِيعِ وأَنْتِ السَّمْعُ وکلبَصَرُ

يا ليتَ من لامنا في الحبِّ مرُ به،

مما نلاقي، وإنْ لم نحصهِ، العشر

حتى يذوقَ كما ذقنا، فيمنعهُ،

مِمّا يَلَذُّ حَدِيثُ النَّفْسِ والسَّهَرُ

دَسَّتْ إلَيَّ رَسُولاً لا تَكُنْ فَرِقاً

وکحْذَرْ وُقَيْتَ وأَمْرُ الحَازِمِ الحَذَرُ

إنِّي سَمِعْتُ رِجالاً مِنْ ذَوِي رَحِمِي

هُمُ العَدُوُّ بِظَهْرِ الغَيْبِ قَدْ نَذَروا

أن يقتلوكَ، وقاكَ القتلَ قادرهُ،

واللهُ جاركَ مما أجمعَ النفر

السرُّ يكتمهُ الإثنانِ بينهما،

وَكُلُّ سِرٍّ عَدَا الإثْنَيْنِ مُنْتَشِرُ

والمرءُ، إن هو لم يرقبْ بصبوتهِ

لَمْحَ العُيُونِ بِسُوءِ الظَّنِّ يَشْتَهِرُ