قلْ للمليحة ِ: قد أبلتنيَ الذكرُ، |
فَکلدَّمْعُ كُلَّ صَبَاحٍ فِيكِ يَبْتَدِرُ |
فَلَيْتَ قَلْبي وَفِيهِ مِنْ تَعَلُّقِكُمْ |
ما لَيْسَ عِنْدي لَهُ عِدْلٌ وَلاَ خَطَرُ |
أفاقَ، إذ بخلت هندٌ، وما بذلتْ |
مَا كُنْتُ آمُلُهُ مِنْها وأَنْتَظِرُ |
وَقَدْ حَذِرْتُ النَّوَى في قُرْبِ دَارِهِمُ |
فَعِيلَ صَبْري وَلَمْ يَنْفَعْنيَ الحَذَرُ |
قد قلتُ، إذ لم تكن للقلبِ ناهية ٌ |
عَنْها تُسَلِّي وَلاَ لِلْقَلْبِ مُزْدَجِرُ |
يَا لَيْتَني مِتُّ إذْ لَمْ أَلْقَ مِنْ كَلَفي |
مفرحاً، وشآني نحوها النظر |
وشاقني موقفٌ بالمروتينِ لها، |
والشَّوْقُ يُحْدِثُهُ لِلعاشِقِ الفِكَرُ |
وقولها لفتاة ٍ غيرِ فاحشة ٍ: |
أَرَائِحٌ مُمْسِياً أَمْ بَاكِرٌ عُمَرُ |
اللَّه جَارُ لهُ إمَّا أَقَامَ بنا |
وفي الرحيلِ، إذا ما ضمهُ السفر |
فَجِئْتُ أَمْشي وَلَمْ يُغْفِ الأُلى سَمَرُوا |
وصاحبي هندوانيٌّ به أثر |
فلم يرعها، وقد نضتْ مجاسدها، |
إلا سوادٌ، وراءَ البيت، يستتر |
فلطمتْ وجهها، واستنبهتْ معها |
بَيْضَاءُ آنِسَة ٌ مِنْ شَأْنِها الخَفَرُ |
ما باله حين يأتي، أختِ، منزلنا، |
وقد رأى كثرة َ الأعداءِ، إذ حضروا |
لَشِقْوَة ٌ مِنْ شَقَائي أُخْتِ غَفْلَتُنا |
وشؤمُ جدي، وحينٌ ساقه القدر |
قَالَتْ: أَرَدْتَ بِذا عَمْداً فَضيحَتَنا |
وصرمَ حبلي، وتحقيقَ الذي ذكروا |
هَلاَّ دَسَسْتَ رَسولاً مِنْكَ يُعْلِمُني |
ولم تعجلْ إلى أنْ يسقطَ القمر |
فقلتُ: داعٍ دعا قلبي، فأرقهُ، |
ولا يتابعني فيكم، فينزجر |
فبتُّ أسقى عتيقَ الخمرِ خالطهُ |
شَهْدٌ مَشَارٌ وَمِسْكٌ خَالِصٌ ذَفِرُ |
وَعَنْبَرَ الهِنْدِ والكَافُورَ خَالَطَهُ |
قرنفلٌ، فوقَ رقراقٍ لهُ أشر |
فبتُّ ألثمها طوراً، ويمتعني، |
إذا تمايلُ عنهُ، البردُ والخصر |
حتى إذا الليلُ ولى ، قالتا زمراً: |
قُوما بِعَيْشِكُما قَدْ نَوَّر السَّحَرُ |
فَقُمْتُ أَمْشي وَقَامَتْ وَهْيَ فَاتِرَة ٌ |
كَشَارِبِ الخَمْرِ بَطَّى مَشْيَهُ السَّكَرُ |
يَسْحَبْنَ خَلْفي ذُيُولَ الخَزِّ آوِنَة ً |
وناعمَ العصبِ كيلا يعرفَ الأثر |