يا صاحبيّ، قفا نستخبرِ الدارا، |
أَقْوَتْ فَهَاجَتْ لَنَا بِکلنَّعْفِ تذْكَارَا |
تبدلَ الربعُ ممنْ كان يسكنه، |
أُدْمَ الظِّبَاءِ بِهِ يَمْشِينَ أَسْطَارا |
وَقَدْ أَرَى مَرَّة ً سِرْباً بِهِ حَسَناً |
مِثْلَ الجَآذِرِ أَثْيَاباً وأَبْكَارا |
فيهنّ هندٌ، وهندٌ لا شبيهَ لها، |
مِمَّنْ أَقَامَ مِنْ الجِيرانِ أَوْ سَارا |
هَيْفاءُ مُقْبِلَة ً عَجْزَاءُ مُدْبِرَة ً |
تخالها في ثياب العصب دينارا |
تفترُّ عن ذي غروبٍ، طعمه ضربٌ، |
تخالهُ برداً من مزنة ٍ مارا |
كَأَنَّ عِقْدَ وِشَاحَيْها عَلى رَشَإٍ |
يَقْرو مِنَ الرَّوْضِ رَوْض الحَزْن أَثمارا |
قَامَتْ تَهَادَى وأَتْرَابٌ لَهَا مَعَها |
هَوْناً تَدافُعَ سَيْلِ الزُّلِّ إذْ مارا |
يممنَ مورقة َ الأفنانِ، دانية ً، |
وفي الخلاءِ، فما يؤنسنَ ديارا |
قالت: لوَ انّ أبا الخطابِ وافقنا، |
فنلهوَ اليومَ، أوْ تنشدنَ أشعارا |
فلم يرعهنّ إلا العيسُ طالعة ً، |
يحملنَ بالنعفِ ركاباً وأكوارا |
وفارسٌ معه البازي، فقلنَ لها: |
هَا هُمْ أُولاءِ وَما أَكْثَرْنَ إكْثارا |
لَمّا وَقَفْنا وَغَيَّبْنا رَكَائِبَنا |
بُدّلنَ بالْعُرْفِ بَعْدَ الرَّجْعِ إنْكارا |
قلن: انزلوا نعمتْ دارٌ بقربكمُ، |
أهلاً وسهلاً، من زائرٍ زارا |
لما ألمتْ باصحابي وقد هجعوا، |
حَسِبْتُ وَسْطَ رجالِ القَوْمِ عَطّارا |
مِنْ طِيبِ نَشْر الَّتي نامَتْكَ إذْ طَرَقَتْ |
ونفحة ِ المسكِ والكافور إذ ثارا |
فقلتُ: من ذا المحيي؟ وانتبهتُ له، |
أمْ من محدثنا هذا الذي زارا؟ |
قالت: محبٌّ رماهُ الحبُّ آونة ً، |
وَهَيَّجَتْهُ دَواعي الحُبِّ إذْ حارا |
حُلّي إزارَكِ سُكْنَى غَيْرَ صاغِرَة ٍ |
إنْ شِئْتِ وکجْزي مُحِبَّاً بِکلَّذي سارا |
فَقَدْ تَجَشَّمْتُ مِنْ طُولِ السُّرَى تَعَباً |
وَفي الزِّيارَة ِ قَدْ أَبْلَغْتُ أَعْذَارا |
إنّ الكواكبَ لا يشبهنَ صورتها، |
وهنّ أسوأُ منها، بعدُ، أخبارا |