نُعْمُ الفُؤَادِ مَزارُها مَحْظُورُ |
بعدَ الصفاءِ، وبيتها مهجورُ |
لجّ البعادُ بها وشطّ بركبها |
نائي المَحَلِّ عَنِ الصَّدِيقِ غَيُورُ |
حَذِرٌ قَلِيلُ النَّوْمِ ذو قاذورَة ٍ |
فطنٌ، بألبابِ الرجالِ بصير |
لَمْ يُنْسِني ما قَدْ لَقِيتُ وَنأْيُها |
عَنِّي وأَشغالٌ عَدَتْ وأُمُورُ |
ممشى وليدتها إليّ، وقد دنا |
مِنْ فِرْقَتي يَوْمَ الفِرَاقِ بُكُورُ |
وَمَفِيضَ عَبْرَتَها وَمَوْمَى كَفِّها |
وَرِدَاءُ عَصْبٍ بَيْنَنا مَنْشُورُ |
أن أرجِ رحلتك الغداة َ إلى غدٍ، |
وثواءُ يومٍ، إنْ ثويتَ، يسير |
لَمّا رآني صَاحِبايَ كأَنَّني |
تَبِلٌ بِهَا أَوْ مُوَزَعٌ مَقْمورُ |
وتبينا أنّ الثواءَ لبانة ٌ |
مني، وحبسهما عليّ كبير |
قالا: أنقعدُ أن نروحُ؟ وما تشأ |
نَفْعَلْ وأَنْتَ بِأَنْ تُطَاعَ جَديرُ |
إن كنتَ ترجو أن تلاقي حاجة ً، |
فَکمْكُثْ فَأَنْتَ عَلَى الثَّواءِ أَمِيرُ |
فَأَتَيْتُها وکللَّيْلُ أَدْهَمُ مُرْسَلٌ |
وَعَلَيْهِ مِنْ سَدَفِ الظَّلامِ سُتُورُ |
رحبتُ حين لقيتها، فتبسمتْ، |
وَكَذَاكُمُ ما يَفْعَلُ المَحْبُورُ |
وَتَضَوَّعَ المِسْكُ الذَّكِيُّ وَعَنْبَرٌ |
من جيبها، قد شابهُ كافور |
كنا كمثلِ الخمرِ، كان مزاجها |
بالماءِ لا رنقٌ، ولا تكدير |
فَلَئِنْ تَغَيَّرَ مَا عَهِدْتَ وأَصْبَحَتْ |
صدفتْ، فلا بذلٌ، ولا ميسور |
لَبِما تُسَاعِفُ بِاللِّقاءِ وَلُبُّها |
فرحٌ بقربِ مزارنا، مسرور |
إذْ لا تغيرها الوشاة ُ، فودها |
صافٍ نُرَاسِلُ مَرَّة ً وَتزُورُ |
لا تأمننّ الدهرَ أنثى بعدها، |
إنّي لآمِنِ غَدْرِهِنَّ نَذيرُ |
بَعْدَ الَّتي أَعْطَتْكَ مِنْ أَيمانِها |
ما لا يُطِيقُ مِنَ العُهُودِ ثَبِيرُ |
فإذا وَذَلِكَ كَانَ ظِلَّ سَحَابَة ٍ |
نَفَحَتْ بِهِ في المُعْصِرَاتِ دَبُورُ |