ألم تسألِ الأطلالَ والمتربعا، |
ببطنِ حلياتٍ، دوارسَ بلقعا؟ |
إلى الشريِ من وادي المغمس بدلت |
معالمه وبلاً ونكباءَ زعزعا |
فَيَبْخَلْنَ أَوْ يَخْبِرْنَ بِکلْعَلْمِ بَعْدَما |
نَكأَنْ فُؤاداً كَانَ قِدْماً مُفَجَّعا |
بهندٍ، وأترابٍ لهندٍ، إذِ الهوى |
جميعٌ، وإذ لم يخشَ أن يتصدعا |
وإذ نحنُ مثلُ الماءِ، كان مزاجهُ |
كَمَا صَفَّقَ السّاقِي الرَّحِيقَ المُشَعْشَعَا |
وإذْ لا نطيعُ العاذلين، ولا نرى |
لواشٍ لدينا يطلبُ الصرمَ مطمعا |
تنوعتنَ حتى عاودَ القلبَ سقمهُ، |
وَحَتَّى تَذَكَّرْتُ الحَدِيثَ الموَدَّعا |
فَقُلْتُ لِمُطْرِيهِنَّ: وَيحك! إنَّما |
ضَرَرتَ فَهَلْ تَسطِيعُ نَفْعاً فَتَنْفَعَا؟ |
وأشريتَ فاستشرى وإن كان قد صحا |
فؤادٌ بأمثالِ المها كان موزعا |
وَهَيَّجْتَ قَلْباً كَانَ قَدْ وَدَّعَ الصِّبا |
وأَشْيَاعَهُ فَکشْفعْ عَسَى أَنْ تُشَفَّعا |
لَئِنْ كَانَ ما حَدَّثْتَ حَقّاً فَمَا أَرَى |
كَمِثْلِ الأُلَى أَطْرَيْتَ في النَّاسِ أَرْبَعا |
فقال: تعالَ انظرْ، فقلتُ: وكيفَ لي؟ |
أَخَافُ مَقاماً أَنْ يَشيعَ فَيَشْنُعَا |
فَقَالَ: کكْتَفِلْ ثُمَّ کلْتَثِمْ فَأْتِ باغِياً |
فَسَلِّمْ وَلاَ تُكْثِرْ بِأَنْ تَتَوَرَّعا |
فَإنِّي سأُخْفِي العَيْن عَنْكَ فَلاَ تُرَى |
مخافة َ أن يفشو الحديثُ، فيسمعا |
فَأَقْبَلْتُ أَهْوي مِثْلَ ما قالَ صاحِبي |
لِمَوْعِدِهِ أَزْجي قَعُوداً مُوَقَّعا |
فلما توافقنا، وسلمتُ، أشرقت |
وُجُوهٌ زَهاها الحُسْنُ أَنْ تَتَقَنَّعا |
تَبَالَهْنَ بِکلْعِرْفَانَ لَمّا رَأَيْنَني |
وقلنَ: امرؤ باغٍ أكلّ وأوضعا! |
وَقَرَّبْنَ أَسْبَابَ الصِّبَا لِمُتَيَّمٍ |
يَقِيسُ ذِراعاً كُلَّما قِسْنَ إصْبَعَا |
فلما تنازعنَ الأحاديثَ، قلنَ لي: |
أَخِفْتَ عَلَيْنَا أَنْ نُغَرَّ وَنُخدَعا؟ |
فَبکلأَمْسِ أَرْسَلْنَا بِذَلِكَ خَالِداً |
إلَيْكَ وَبَيَّنَّا لَهُ الشَّأْنَ أَجْمَعَا |
فما جئتنا إلا على وفقِ موعدٍ، |
على ملإٍ منا خرجنا له معا |
رَأَيْنَا خلاءً مِنْ عُيونٍ وَمَجْلِساً |
دميثَ الربى ، سهلَ المحلة ِ، ممرعا |
وقلنا: كريمٌ نالَ وصلَ كرائمِ، |
فَحُقَّ لَهُ في اليَوْمِ أَنْ يَتَمَتَّعا |