خليليّ، مرا بي على رسمِ منزلِ،
|
وربعٍ لشنباءَ ابنة ِ الخيرِ، محولِ
|
أَتَى دونَهُ عَصْرٌ، فَأَخْنَى بِرَسْمِهِ
|
خلوجان من ريحٍ جنوبٍ وشمالِ
|
سرا جلَّ ضاحي جلده ملتقاهما،
|
وَمَرَّ صَباً بِکلْمَوْرِ هَوْجاءُ مَحْمَلِ
|
وبدلَ بعدَ الحيِّ عيناً سواكناً،
|
وَخَيْطَ نَعامٍ بِکلأَمْاعزِ هُمَّلِ
|
بما قد أرى شنباءَ حيناً تحلهُ،
|
وَأَتْرَابَهَا، في نَاضِرِ النَّبْتِ مُبْقِلِ
|
أَعَالِيَ تُصْطَادُ الفُؤادَ نِسَاؤهُمْ
|
بِعَيْنَيْ خَذولٍ مُؤنِقِ الجَمِّ مُطْفِلِ
|
وَوَحْفٍ يُثَنَّى في العِقَاصِ كَأَنَّهُ
|
دَواني قُطُوفٍ، أَو أَنَابِيبُ عُنْصُلِ
|
تَضِلُ مَدَارِيها، خِلاَلَ فُروعِها،
|
إذا أَرْسَلَتْها، أَوْ كَذَا غَيْرَ مُرْسَل
|
وتنكلُّ عن غرٍّ، شتيتٍ نباته،
|
عِذابٍ ثَناياهُ، لَذِيذِ المُقَبَّلِ
|
كَمِثْلِ أَقاحي الرَّمْلِ، يَجْلو مُتُونَهُ
|
سُقُوطُ نَدًى مِنْ آخِرِ کللَّيْلِ مُخْضِلِ
|
إذا ابتسمت، قلتَ انكلالُ غمامة ٍ،
|
خَفَا بَرْقُها في عَارِضٍ مُتَهَلِّلِ
|
كَأَنَّ سَحِيقَ المِسْكِ خَالطَ طَعْمَهُ
|
وَرِيحَ الخُزَامَى في جَدِيدِ القَرَنْفُلِ
|
بِصَهْبَاء، دِرْيَاقِ المُدامِ، كَأَنَّهَا
|
إذا ما صفا راووقها، ماءُ مفصل
|
وَتَمْشي عَلَى بَرْدِيَّتَيْنِ غَذاهُمَا
|
يَهَامِيمُ أَنْهَارٍ بِأَبْطَحَ مُسْهَلِ
|
مِنَ الحَورِ، مِخْمَاصٌ، كَأَنَّ وِشَاحَهَا
|
بِعُسْلُوجِ غَابٍ، بَيْنَ غِيلٍ وَجَدْوَلِ
|
قَلِيلَة ُ إزْعاجِ الحَدِيثِ يَرُوعُها
|
تَعَالي الضُّحَى لَمْ تَنْتَطقْ عَنْ تَفَضُّلِ
|
نؤوم الضحى ، ممكورة ُ الخلق، غادة ٌ،
|
هَضِيمُ الحَشا حُسّانَة ُ المُتَجَمَّلِ
|
فَأَمْسَتْ أَحَادِيثَ الفُؤادِ وَهَمَّهُ،
|
وإنْ كَانَ مِنْهَا قَدْ غَدا لَمْ يُنَوَّلِ
|
وقد هاجني منها على النأي دمنة ٌ
|
لها بقديدٍ، دون نعفِ المشلل
|
أرادت، فلم تسطع كلاماً فأومأت
|
إلينا، ونصتْ جيدَ أحورَ مغزل
|
فقلتُ لأصحابي: اربعوا بعضَ ساعة ٍ
|
عَلَيَّ، وَعوجُوا مِنْ سَواهِم ذُبَّلِ
|
قليلاً، فقالوا: إنّ أمركَ طاعة ٌ،
|
لما تشتهي فاقضِ الهوى ، وتأمل
|
لَكَ اليَوْمُ حَتَّى اللَّيْلِ، إنْ شِئْتَ، فَأْتِهِمْ
|
وصدرُ غدٍ أو كله غيرَ معجل
|
فَإنَّا عَلَى أَنْ نُسْعِفَ النَّفْسَ بِکلهَوَى
|
حراصٌ، فما حاولتَ من ذاكَ فافعل
|
وَنَصُّ المَطَايا في رِضَاكَ وَحَبْسُها
|
لَكَ، اليَوْمَ، مَبْذُولٌ، وَلَكِنْ تَجَمَّلِ
|
فلما رأيتُ الحبسَ في رسمش منزلٍ
|
سفاهاً وجهلاً بالفؤاد الموكل
|
فَقُلْتُ لَهُمْ: سِيرُوا فَإنَّ لِقَاءَها
|
توافي الحجيج، بعدَ حولٍ مكمل
|
فَمَا ذِكْرُهُ شَنْبَاء، وَکلدَّارُ غَرْبَة ٌ،
|
عنوجٌ، وإن يجمعْ يضرَّ وينحل
|
وإنْ تنأَ، تحدثْ للفؤادِ زمانة ٌ،
|
وإنْ تَقْتَرِبْ تَعْدُ العَوادي وَتَشْغَلِ
|
وإن يحضرِ الواشي تطعهُ، وإن يقل
|
بها كاشحٌ عندي يجبْ ثم يعزل
|
وإنْ تعدُ لا تَحْفِلْ، وإنْ تَدْنُ لا تَصِلْ،
|
وإن تنأَ لا نصبرْ، وغن تدنُ أجذل
|
وإن تلتمسْ منا المودة َ، نعطها،
|
فقد طالَ، لو تبكي إلى متجودٍ،
|
بكاكَ إلى شنباءَ، يا قلبُ، فاحتل
|
أَفقْ إنَّما تَبكي إلى مُتَمَنِّعٍ،
|
من البخلِ، مألوسِ الخليقة ِ، حول
|
فقد كاد يسلو القلبُ عنها، ومن يطل
|
عليه التنائي والتباعدُ، يذهل
|
عَلَى أَنَّهُ، إنْ يَلْقَها بَعْدَ غَيْبَة ٍ،
|
يعدُ لكَ داءٌ عائدٌ، غيرُ مرسل
|
فَإنَّكِ لو تَدْرِينَ أَنْ رُبَّ فِتْيَة ٍ
|
عجالى ، ولولا انتِ، لم اتعجل
|
منعتهمُ التعريسَ، حتى بدا لهم
|
قَوَارِبُ مُعْروفٍ مِنَ الصُّبْحِ مُنْجَلِ
|
يَنُصّونَ بِکلمَوْماة ِ خوصاً كَأَنَّها
|
شرائحُ ينعٍ، أو سراءُ معطل
|
دِقاقاً بَراها السَّيْرُ، مِنْها مُنَعَّلُ السّـ
|
السريحِ، وواقٍ من حفى ً لم ينعل
|
وأضحوا جميعاً تعرفُ العينُ فيهمُ
|
كَرَى النَّوْمِ، مُسْتَرْخي العَمَائِمِ، مُيَّلِ
|
عَلَى هَدَم جَعْدِ الثَّرَى ذي مَسَافَة ٍ
|
مخوفِ الردى ، عاري البنائق، مهمل
|
تَرَى جِيَفَ الحِيتَانِ فيهِ كَأَنَّها
|
خِيامٌ عَلَى ماءٍ حَديثٍ مُنَهَّل
|
إرادَة َ أَنْ أَلْقَاكِ، يا أَثْلَ، وَکلْهَوَى
|
كذلك حمالُ الفتى كلَّ محمل
|
فبعضَ البعادِ، يا أثيلَ، فإنني
|
تَرُوكُ الهَوَى ، عَنِ الهَوَانِ بِمَعْزَلِ
|
أبى ليَ عرضي أن أضامَ، وصارمٌ
|
حُسامٌ، وَعِزَّ مِنْ حَدِيثٍ وَأَوَّلِ
|
مقيمٌ، بإذنِ اللهِ، ليس ببارحٍ،
|
مَكَانَ الثُّرَيّا قَاهِرٌ كُلَّ مَنْزِلِ
|
أَقَرَّتْ مَعَدٌّ أَنَّنا خَيْرُها جَدًى
|
لِطَالِبِ عُرْفٍ، أَوْ لِضَيْفٍ مُحَمَّلِ
|
مقاويلُ بالمعروفِ، خرسٌ عن الخنى ،
|
قُضاة ٌ بِفَصْلِ الحَقِّ في كُلِّ مَحْفِلِ
|
أخوهمْ إلى حصنٍ منيعٍ، وجارهمْ
|
بِعَلْيَاء عِزٍّ، لَيْسَ بِکلْمُتَذَلِّلِ
|
وفينا إذا ما حادثُ الدهرِ أجحفتْ
|
نوائبه، والدهرُ جمُّ التنقل،
|
لذي الغرمِ أعوانٌ، وبالحقّ قائلٌ،
|
وَلِلْحَقِّ تَبّاعٌ، وَلِلْحَرْبِ مُصْطَلِ
|
وللخيرِ كسابٌ، وللمجدِ رافعٌ،
|
وللحمدِ أعوانٌ، وللخيلِ معتل
|
نبيحُ حصونَ من نعادي، وحصننا
|
أَشَمُّ مَنيعٌ، حَزْنُهُ لَمْ يُسَهَّلِ
|
نقودُ ذليلاً من نعادي، وقرمنا
|
أبيُّ القيادِ، مصعبٌ لم يذلل
|
نفللُ أنيابَ العدوّ، ونابنا
|
حَديدٌ شَديدٌ رَوْقُهُ لَمْ يُفَلَّلِ
|
أَولئِكَ آبائِي، وَعِزِّي، وَمَعْقِلي
|
إلَيْهِمْ، أُثَيْلَ، فَکسْأَلي أَيَّ مَعْقِلِ!
|