الفضل بن مروان

توفي 250 هـ

ورد في كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان:

 

" أبو العباس الفضل بن مروان بن ماسرخس وزير المعتصم، وهو الذي أخذ له البيعة ببغداد وكان المعتصم يومئذ ببلاد الروم، فإنه توجه إليها صحبة أخيه المأمون، فاتفق موت المأمون هناك، وتولى المعتصم بعده، واعتد له المعتصم بها يدا عنده وفوض إليه الوزارة يوم دخوله بغداد، وهو يوم السبت مستهل شهر رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين، وخلع عليه، ورد أموره كلها إليه، فغلب عليه بطول خدمته، وتربيته إياه واستقل بالأمور، وكذلك كان في أواخر ولاية المأمون، فإنه غلب عليه كثيرا. وكان نصراني الأصل قليل المعرفة بالعلم حسن المعرفة بخدمة الخلفاء، وله ديوان رسائل وكتاب المشاهدات والأخبار التي شاهدها، ومن كلامه: مثل الكتاب كالدولاب إذا تعطل انكسر. وكان قد جلس يوما لقضاء أشغال الناس ورفعت إليه قصص العامة، فرأى في جملتها رقعة مكتوبا فيها:

تفرعنت يا فضل بن مروان فاعتبر

 

فقبلك كان الفضل والفضل والفضل

ثلاثة أملاك مضوا لـسـبـيلـهـم

 

أبادتهم الأقياد والحبس والـقـتـل

وإنك قد أصبحت في الناس ظالمـا

 

ستودي كما أودى الثلاثة من قبـل

 

أراد الفضول الثلاثة الذين تقدم ذكرهم، وهم: الفضل بن يحيى البرمكي، والفضل بن الربيع، والفضل بن سهل.


وذكر المرزباني في معجم الشعراء هذه الأبيات للهيثم بن فراس السامي، من بني سامة ابن لؤي، وكذا ذكرها الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار.


ومثل هذه القضية ما جرى لأسد بن زريق الكاتب، فإنه جاء إلى باب أبي عبد الله الكوفي لما قلد مكان أبي جعفر بن شيرزاد، وانتقل إلى داره، وجلس في دسته، فمنعه البواب من الدخول إليه، فرجع إلى داره وكتب إليه:

 

إنا رأينا حجابا منك قـد عـرضـا

 

فلا يكن ذلنا فيه لك الـغـرضـا

اسمع مقالي ولا تغضب علي فمـا

 

أبغي بذلك لا مـالا ولا عـرضـا

الشكر يبقى ويفنى ما سواه، وكـم

 

سواك قد نال ملكا فانقضى ومضى

في هذه الدار في هذا الرواق على

 

هذا السرير رأيت العز وانقرضـا

 

فلما وقف أبو عبد الله على هذه الأبيات استدعاه واعتذر إليه وقضى حاجته.

 

وقد سبق نظير هذا في ترجمة عبد الملك بن عمير، وما جرى له مع عبد الملك ابن مروان الأموي لما حضر بين يديه رأس مصعب بن الزبير، فلينظر هناك.

 

ثم إن المعتصم تغير على الفضل بن مروان، وقبض عليه في رجب سنة إحدى وعشرين ومائتين، ولما قبض عليه قال: عصى الله في طاعتي فسلطني عليه، ثم خدم بعد ذلك جماعة من الخلفاء، ثم توفي في شهر ربيع الآخر سنة خمسين ومائتين، وعمره ثمانون سنة، رحمه الله تعالى.

 

وقال في كتاب الفهرست: عاش ثلاثا وتسعين سنة، والله أعلم بالصواب.

 

وقال الطبري: كانت نكبته في صفر من السنة المذكورة. وقال الصولي: أخذ المعتصم من داره لما نكبه ألف ألف دينار، وأخذ أثاثا وآنية بألف ألف دينار، وحبسه خمسة أشهر، ثم أطلقه وألزمه بيته، واستوزر أحمد بن عمار.

 

ومن كلامه: لا تتعرض لعدوك وهو مقبل، فإن إقباله يعينه عليك، ولا تتعرض له وهو مدبر، فإن إدباره يكفيك أمره.

 

وجاء في "سير أعلام النبلاء" للذهبي:

" الوزير الكبير حدث عن علي بن عاصم.

روى عنه: المبرد وسليمان بن وهب الكاتب وغيرهما.

يكنى أبا العباس أصله من البردان وتنقلت به الأحوال إلى وزارة المعتصم وكان من البلغاء وكان المعتصم كثير البذل فربما عطل منه الفضل فنفاه إلى السن واستوزر ابن الزيات ثم إنه سكن بعد سامراء.

وعنه قال: أنعمت النظر في علمين فلم أرهما يصحان: السحر والنحو.

 

وكان الفضل فيه مع جوره تيه وبأو.

 

توفي خاملاً سنة خمسين ومائتين وأصله نصراني لعله بلغ التسعين وقد خدم المأمون.

 

قال ابن النجار: هو الفضل بن مروان بن ماسرجس كان بديع الخط منشئاً لم يزل في ارتقاء والناس يحسدونه حتى نكب وأدى أربعين ألف ألف درهم فكان المعتصم يقول: عصى الله وأطاعني فسلطني الله عليه. قلت: ثم أطلقه وألزمه بيته واستوزر أحمد بن عمار.

وقيل: ألقيت رقعة إليه فيها.

تفرعنت يا فضل بن مروان فاعتبر

 

فقبلك كان الفضل والفضل والفضل

ثلاثة أملاك مضوا لـسـبـيلـهـم

 

أبادتهم الأقياد والـذل والـقـتـل

 

عنى الفضل بن يحيي البرمكي والفضل بن الربيع الحاجب والفضل بن سهل".

 



المعتصم
بغداد
المأمون
بغداد
رمضان
المرزباني