لعَمري لقد نُوديتَ لوْ كنتَ تسمَعُ؛
|
ألمْ ترَ أنَّ الموْتَ مَا ليْسَ يُدْفَعُ
|
ألمْ تَرَ أنَّ النَّاسِ فِي غَفَلاتِهِمْ
|
ألمْ تَرَ أسبابَ الأمُورِ تَقَطَّعُ
|
ألمْ تَرَ لَذّاتِ الجَديدِ إلى البِلى ؛
|
ألمْ تَرَ أسْبابَ الحِمامِ تُشَيَّعُ
|
ألَمْ تَرَ أنَّ الفَقْرَ يعقِبُهُ الغِنَى
|
ألَمْ تَرَ أنَّ الضِّيْقَ قَدْ يَتَوَسَّعُ
|
ألَمْ تَرَ أنَّ الموتَ يهتِرُ شبيبة ً
|
وَأنّ رِماحَ المَوْتِ نحوَكَ تُشرَعُ
|
ألمْ تَرَ أنَّ المرْءَ يشبَعُ بطْنُهُ
|
وناظِرُهُ فِيمَا تَرَى ليْسَ يشبَعُ
|
أيا باني الدُّنْيَا لغيرِكَ تبْتَنِي
|
وَيَا جَامِعَ الدُّنْيَا لغيرِكَ تَجْمَعُ
|
ألَمْ تَرَ أنَّ المْرءَ يَحْبِسُ مَالَهُ
|
ووارِثُهُ فيهِ، غَداً، يَتَمَتّعُ
|
كأنّ الحُماة َ المُشفِقِينَ عَلَيكَ قد
|
غَدَوْا بكَ أوْ رَاحُوا رَوَاحاً فأبرَعُوا
|
ومَا هُوَ إلاَّ النَّعْشُ لَوْ قَدْ دَعَوْا بهِ
|
تُقَلُّ، فتُلْقَى فوْقَهُ ثُمّ تُرْفَعُ
|
ومَا هُوَ إلاَّ حادِثٌ بَعْدَ حادِثٍ
|
فمِنْ أيّ أنواعِ الحوادثِ تَجزَعُ
|
ألا، وَإذا أُودِعتَ تَوْديعَ هالِكٍ،
|
فآخِرُ يَوْمٍ منْكَ يَوْمٌ تُوَدَّعُ
|
ألا وكَما شَيّعْتَ يَوْماً جَنَازَة ً،
|
فأنْتَ كمَا شَيّعْتَهُمْ سَتُشيَّعُ
|
رَأيْتُكَ في الدّنْيا على ثِقَة ٍ بها،
|
وإنَّكَ فِي الدُّنيا لأنْتَ المُرَوَّعُ
|
ولمْ تعْنَ بالأمْرِ الَّذِي هُوَ واقِعٌ
|
وكُلُّ امْرِىء ٍ يُعْنَى بِمَا يَتَوَقَّعُ
|
وإنَّكَ للْمَنْقُوضُ فِي كُلِّ حَالَة ٍ
|
وَإنّ بني الدّنيا على النْقضِ يُطبَعوا
|
إذا لم يَضِقْ قوْلٌ عَلَيكَ، فقل بهِ،
|
وَإن ضَاق عنكَ القوْلُ فالصّمتُ أوسعُ
|
فَلا تَحتَقِرْ شَيئاً تَصاغَرْتَ قدرَه،
|
فإنّ حَقيراً قد يَضُرّ ويَنْفَعُ
|
تَقَلَّبْتَ فِي الدُّنْيَا تَقَلُّبَ أهْلِهَا
|
وَذُو المالِ فِيهَا حَيْثُ مَا مَال يتبَعُ
|
ومَا زِلتُ أُرْمَى كُلَّ يَوْمٍ بعِبْرَة ٍ
|
تكَادُ لَهَا صُمُّ الجبالِ تَصَدَّعُ
|
فما بالُ عَيْني لا تَجُودُ بمائِهَا
|
وَما بالُ قَلبي لا يَرِقّ ويَخشَعُ
|
تَبَارَكَ مَنْ لاَ يمْلِكُ المُلْكُ غَيرُهُ
|
متَى تنقَضِي حَاجَاتُ مَن ليسَ يقْنَعُ
|
وَأيّ تمرىء ٍ في غاية ٍ، ليسَ نَفسُه
|
إلى غاية ٍ أُخرَى ، سواها، تَطَلَّعُ
|
وَبَعضُ بني الدّنيا لبَعضٍ ذَريعَة ٌ،
|
وَكُلٌّ بِكُلٍّ قَلّمَا يَتَمَتّعُ
|
يُحَبُّ السَّعِيدُ العَدْلُ عِنْدَ احتِجاجِهِ
|
ويبغِي الشَّقيُّ البَغْيَ والبَغْيُ يصرَعُ
|
ولَمْ أرَ مِثْلَ الحقِّ أقْوَى لحُجَّة ٍ
|
يدُ الحقّ، بينَ العلمِ والجهل، تَقرَعُ
|
وذُو الفضْلِ لا يهتزُ إنْ هزَّهُ الغنى
|
لِفَخْرٍ ولاَ إنْ عضَّهُ الدَّهْرُ يَفْزَعُ
|