دع العبرات تنهمر انهمارا أبو فراس الحمداني

دَعِ العَبَرَاتِ تَنهَمِرُ انْهِمَارَا،

و نارَ الوجدِ تستعرُ استعارا

أتطفأُ حسرتي ، وتقرُّ عيني ،

و لمْ أوقدْ ، معَ الغازينَ ، نارا؟

رأيتُ الصبرَ أبعدَ ما يرجَّى ،

إذَا ما الجَيْشُ بِالغَازِينَ سَارَا

وَأعْدَدْتُ الكَتَائِبَ مُعْلَماتٍ

تنادي ، كلَّ آنٍ ، بي : سعارا

وَقَدْ ثَقّفْتُ للهَيْجَاءِ رُمْحي،

وَأضْمَرْتُ المَهَارِي والمِهَارَا

و كانَ إذا دعانا الأمرُ حفَّتْ

بِنَا الفِتْيَانُ، تَبتَدِرُ ابْتِدَارَا

بخيلٍ لاَ تعاندُ منْ عليها ،

وَقَوْمٍ لا يَرَوْنَ المَوْتَ عَارَا

وراءَ القافلينَ بكلِّ أرضٍ ،

وَأَوَّلُ مَنْ يُغِيرُ، إذَا أغَارَا

ستذكرني ، إذا طردتْ ، رجالٌ ،

دفقتُ الرمحَ بينهمُ مرارا

و أرضٌ ، كنتُ أملؤها خيولاً ،

و جوٍّ ، كنتُ أرهقهُ غبارا

لَعَلّ الله يُعْقِبُني صَلاحاً

قويماً ، أو يقليني العثارا

فأشفي منْ طعانِ الخيلِ صدراً

وَأُدرِكُ من صُرُوفِ الدّهرِ ثَارَا

أقمتُ على " الأميرِ " ، وكنتُ ممنْ

يعزُّ عليهِ فرقتهُ ، اختيارا

إذا سارَ " الأميرُ " ، فلا هدوا

لنفسي أو يؤوبَ ، ولا قرارا

أكابدُ بعدهُ همَّـا ، وغمَّـا ،

و نوماً ، لا ألذُّ به غرارا

وَكُنْتُ بِهِ أشَدّ ذَوِيّ بَطشاً،

وَأبْعَدَهُم، إذا رَكِبُوا، مَغَارَا

أشُقّ، وَرَاءهُ، الجَيشَ المُعَبّا،

و أخرقُ ، بعدهُ ، الرهجَ المثارا

إذَا بَقِيَ الأمِيرُ قَرِيرَ عَيْنٍ

فديناهُ ، اختياراً ، لا اضطرار

أبٌ برٌّ ، ومولى ، وابنُ عمٍ ،

و مستندٌ ، إذا ما الخطبُ جارا

يَمُدّ عَلى أكَابِرِنَا جَنَاحاً،

و يكفلُ ، في مواطننا ، الصغارا

أراني اللهُ طلعتهُ ، سريعاً ،

وَأصْحَبَهُ السّلامَة َ، حَيثُ سَارَا

وَبَلّغَهُ أمَانِيَهُ جَمِيعاً،

و كانَ لهُ منَ الحدثانِ جارا