أيا أم الأسير ، سقاك غيث أبو فراس الحمداني

أيا أمَّ الأسيرِ ، سقاكِ غيثٌ ،

بكُرْهٍ مِنْكِ، مَا لَقِيَ الأسِيرُ!

أيا أمَّ الأسيرِ ، سقاكِ غيثٌ ،

تَحَيّرَ، لا يُقِيم وَلا يَسِير!

أيا أمَّ الأسيرِ ، سقاكِ غيثٌ ،

إلى منْ بالفدا يأتي البشيرُ؟

أيا أمَّ الأسيرِ ، لمن تربى

وقدْ متِّ ، الذوائبُ والشعورُ ؟

إذا ابنكِ سارَ في برٍ وبحرٍ ،

فمنْ يدعو لهُ ، أو يستجيرُ ؟

حرامٌ أن يبيتَ قريرَ عينٍ !

ولؤمٌ أنْ يلمَّ بهِ السرورُ !

وَقَد ذُقتِ الرَزايا وَالمَنايا

وَلا وَلَدٌ لَدَيكِ وَلا عَشيرُ

و غابَ حبيبُ قلبكِ عنْ مكانٍ ،

مَلائِكَة ُ السّمَاءِ بِهِ حُضور

لِيَبْكِكِ كُلُّ يَوْمٍ صُمتِ فيهِ

مُصَابِرَة ً وَقَد حَميَ الهَجِير

لِيَبْكِكِ كُلّ لَيلٍ قُمْتِ فيهِ

إلى أنْ يبتدي الفجرُ المنيرُ!

لِيَبْكِكِ كُلّ مُضْطَهَدٍ مَخُوفٍ

أجرتيهِ ، وقدْ عزّ المجيرُ !

لِيَبْكِكِ كُلّ مِسكِينٍ فَقِيرٍ

أغَثْتِيهِ، وَمَا في العَظْمِ زِير

أيا أماهُ ، كمْ همٍّ طويلٍ

مضى بكِ لمْ يكنْ منهُ نصيرُ ! ؟

أيا أماهُ ، كمْ سرٍّمصونٍ

بقلْبِكِ، مَاتَ لَيسَ لَه ظُهُور

أيا أماهُ ، كمْ بشرى بقربي

أتَتْكِ، وَدُونَها الأجَلِ القَصِير

إلى منْ أشتكي ؟ ولمنْ أناجي ،

إذا ضاقتْ بما فيها الصدورُ ؟

بِأيّ دُعَاءِ دَاعِيَة ٍ أُوَقّى ؟

بأيِّ ضياءِ وجهٍ أستنيرُ ؟

بِمَن يُستَدفَعُ القَدرَ المُوَفّى

بِمَن يُستَفتَحُ الأَمرُ العَسيرُ

نُسلَّى عنكَ : أنا عنْ قليلٍ ،

إلى ما صرتِ في الأخرى ، نصيرُ