أيحلو ، لمن لا صبر ينجده ، صبر أبو فراس الحمداني

أيحلو ، لمنْ لاَ صبرَ ينجدهُ ، صبرُ

إذا ما انقضى فكرٌ ألمَّ بهِ فكرُ ؟

أممعنة ً في العذلِ ، رفقاً بقلبهِ ‍!

أيحملُ ذا قلبٌ ، ولوْ أنهُ صخرُ ؟

عَذيرِي من اللاّئي يَلُمنَ على الهَوَى

أما في الهوى ، لو ذقنًَ طعمَ الهوى عذرُ؟

أطَلْنَ عَلَيْهِ اللّوْمَ حَتى تَرَكْنَهُ

وَسَاعَتُهُ شَهْرٌ، وَلَيْلَتُهُ دَهْرُ

و منكرة ٍ ما عاينتْ من شحوبهِ

وَلا عَجَبٌ، ما عَايَنَتهُ، وَلا نُكْرُ

وَيُحمَدُ في العَضْبِ البِلى وهوَ قاطعٌ

ويحسنُ في الخيلِ المسمومة ِ، الضمرُ

و قائلة ٍ : " ماذا دهاكَ " ؟ ـ تعجباً ـ

فقلتُ لها : " يا هذهِ أنتِ والدهرُ ! "

أبِالبَينِ؟ أمْ بالهَجرِ؟ أمْ بِكِلَيْهِمَا

تشاركَ ، فيما ساءني ، البينُ والهجرُ ؟

يُذَكّرُني نَجْداً حَبيبٌ، بأرْضِهَا،

أيا صاحبيْ نجوايَ ، هلْ ينفعُ الذكرُ ؟

نطاولت الكثبانُ ، بيني وبينهُ ،

وَبَاعَدَ، فيمَا بَيْنَنَا، البَلَدُ القَفْرُ

مفاوزُ لا يعجزنَ صاحبَ همة ٍ ،

وإن عجزتْ ، عنها ، الغريرية ُ الصبرُ

كَأنّ سَفِيناً، بينَ فَيْدٍ وَحَاجِرٍ،

يحفُّ بهِ ، منْ آلِ قيعانهِ ، بحرُ

عدانيَ عنهُ : ذودُ أعداءِ منهلٍ ،

كثيرٌ إلى ورادهُ النظرُ الشزرُ

وَسُمرُ أعَادٍ، تَلمَعُ البِيضُ بَينَهمْ،

وَبِيضُ أعَادٍ، في أكُفّهِمُ السُّمْرُ

وَقَوْمٌ، مَتى مَا ألْقَهُمْ رَوِيَ القَنَا،

و أرضٌ متى ما أغزها شبعَ النسرُ

وَخَيلٌ يَلُوحُ الخَيرُ بَينَ عُيُونِهَا،

و نصلٌ ، متى ما شمتهُ نزلَ النصرُ

إذَا مَا الفَتى أذْكَى مُغَاوَرَة َ العِدى

فكلُّ بلادٍ حلَّ ساحتها ُ ثغرُ

و يوم ٍ، كأنَّ الأرضَ شابتْ لهولهِ ،

قطعتُ بخيلٍ حشوُ فرسانها صبرُ ،

تَسِيرُ عَلى مِثْلِ المُلاءِ مُنَشَّراً،

وَآثَارُهَا طَرْزٌ لأطْرَافِهَا حُمْرُ

أُشَيّعُهُ وَالدّمْعُ مِنْ شِدّة ِ الأسَى ،

على خدهِ نظمٌ ، وفي نحرهِ نثرُ

وعدتُ ، وقلبي في سجافِ غبيطه ِ،

ولي لفتاتٌ ، نحو هودجه، كثرُ

و فيمنْ حوى ذاكَ الحجيجُ خريدة ٌ

لها دونَ عَطفِ السّترِ من صَوْنها سترُ

و في الكم ِّكفٌّ يراها عديلها ،

و في الخدرِ وجهٌ ليسَ يعرفهُ الخدرُ

فَهَلْ عَرَفاتٌ عَارِفاتٌ بِزَوْرِهَا؟

و هلْ شعرتْ تلكَ المشاعرُ والحجرُ ؟

أمَا اخضَرّ من بُطْنانِ مكّة َ ما ذَوَى ؟

أما أعشبَ الوادي أما أنبتَ الصخرُ ؟

سَقَى الله قَوْماً، حَلّ رَحلُكِ فيهمُ،

سحائبَ، لا قُلَّ جداها ، ولا نزرُ!