أَبْدَتْ أَسى ً أَنْ رَأَتْني مُخْلِسَ القُصَبِ |
وآلَ ما كانَ منْ عُجبٍ إلى عَجَبِ |
سِتٌّ وعِشْرُونَ تَدْعُوني فَأَتْبَعُهَا |
إلى المشيبِ ولم تظلمْ ولم تَحُبِ |
يومي من الدَّهرِ مثلُ الدَّهرِ مُشتهرٌ |
عَزْماً وحَزْماً وَسَاعي منه كالحِقبِ |
فأَصْغِري أَنَّ شَيْباً لاَحَ بِي حدَثاً |
وأَكْبِرِي أَنَّني في المَهْدِ لم أَشِبِ |
ولايُؤَرقْكِ أيماضُ القَتيرِ بِهِ |
فإنَّ ذاكَ ابتسامُ الرّأي والأدبِ |
رأتْ تشنُّنهُ فاهتاجَ هائجها |
وقال لاعِجُهَا لِلعَبْرة ِ: انْسكِبي |
لا تُنكري منه تخديداً تجلِّلهُ |
فالسَّيْفُ لا يُزْدَرَى إنْ كانَ ذَا شُطَبِ |
لا يطردُ الهمَّ إلاَّ الهمُّ من رجلٍ |
مُقَلْقِلٍ لِبَنَاتِ القَفْرَة ِ النُّعُبِ |
ماضٍ، إذا الكُرَبُ التفتْ رأيتَ لهُ |
بِوَخْدِهنَّ اسْتِطَالاتٍ على النُّوَبِ |
سَتُصْبِحُ العِيسُ بي، واللَّيْلأُ عِنْدَ فَتًى |
كثيرِ ذكْرِ الرضَا في ساعة ِ الغَضَبِ |
صدفتُ عنهُ، فلم تصدفْ مودَّتهُ |
عنِّي وعاودهُ ظنِّي، فلم يخِبِ |
كالغَيْثِ إِنْ جِئَتَهُ وافَاكَ رَيقُهُ |
وإنْ تحمَّلت عنهُ كان في الطِّلبِ |
خَلاَئِقَ الحَسَنِ استَوْفِي البَقَاءَ، فَقَدْ |
أصبحتِ قُرَّة َ عينِ المجدِ والحسبِ |
كأَنَّماَ هُو مِنْ أَخْلاَقِهِ أَبداً |
وإنْ ثوى وحدهُ في جحفلٍ لَجبِ |
صِيغَتْ لهُ شيمة ٌ غرّاءُ من ذهبٍ |
لكنَّها أَهْلَكُ الأَشياءِ للذَّهَبِ |
لمَّا رَأَى أَدَباً في غَيْرِ ذي كَرَمٍ |
قدْ ضاعَ أوْ كرماً في غير ذي أدبِ |
سمَا إلى السُّورة ِ العلياءِ، فاجتمعا |
في فِعْلِهِ كاجتماعِ النَّورِ والعُشُبِ |
بَلَوْتُ مِنْكَ وأَيَّامِي مُذَمَّمَة ٌ |
مَوَدَّة ً وُجِدَتْ أَحْلَى مِنَ النَّشَبِ |
مِن غَيْرِ مَا سَبَبٍ مَاضٍ، كَفى سَبَباً |
لِلحُر أَنْ يَعْتَفي حُرّاً بِلا سَبَبِ |