قَطّعْتُ مِنْكِ حبَائِلَ الآمالِ،
|
وحططتُ عن ظهرِ المطيِّ رحالِي
|
وَيَئِسْتُ أنْ أبقَى لشيءٍ نِلتُ ممّا
|
فيكِ يا دنيا وإن يبقَى لِي
|
فَوَجَدْتُ بَرْدَ اليَأسِ بَينَ جَوانحي،
|
وأرحْتُ من حَلِّي ومن ترحالِي
|
ولئنْ يئستُ لرُبَّ برقة ِ خُلَّبٍ
|
بَرَقَتْ لذي طَمَعٍ، وَبَرْقة ِ آلِ
|
فالآنَ، يا دُنْيا، عَرَفْتُكِ فاذهَبي،
|
يا دارَ كُلّ تَشَتّتٍ وَزَوَالِ
|
والآنَ صارَ ليَ الزمانُ مؤدَّباً
|
فَغَدَا عَليّ وَرَاحَ بالأمْثَالِ
|
والآن أبصرتُ السبيلَ إلى الهدَى
|
وَتَفَرّغَتْ هِمَمي عَنِ الأشْغالِ
|
وَلَقَدْ أقامَ ليَ المَشيبُ نُعاتَهُ،
|
تُفضي إليَّ بمفرقٍ وقذالِ
|
وَلَقَدْ رَأيْتُ المَوْتَ يُبْرِقُ سَيْفَهُ
|
بيَدِ المَنيّة ِ، حَيثُ كنتُ، حِيالي
|
وَلَقَدْ رَأيْتُ عُرَى الحَياة ِ تخَرّمَتْ،
|
وَلَقَدْ تَصَدّى الوَارِثُونَ لمَالي
|
وَلَقَدْ رَأيْتُ على الفَنَاءِ أدِلّة ً،
|
فيما تَنَكّرَ مِنْ تَصَرّفِ حالي
|
وَإذا اعتَبرْتُ رَأيتُ خَطبَ حوادِثٍ
|
يَجرينَ بالأرْزاقِ، وَالآجالِ
|
وإذا تَنَاسَبَتِ الرّجالُ، فما أرَى
|
نَسَباً يُقاسُ بصالِحِ الأعْمالِ
|
وَإذا بحَثْتُ عَنِ التّقيّ وَجَدْتُهُ
|
رَجُلاً، يُصَدِّقُ قَوْلَهُ بفِعَالِ
|
وَإذا اتَقَى الله امْرُؤٌ، وَأطاعَهُ،
|
فَيَداهُ بَينَ مَكارِمٍ وَمَعَالِ
|
وعلى التَّقِيِّ إذا ترسَّخَ في التُّقى
|
تاجان تاج سكينة ٍ وجلالِ
|
وَاللّيْلُ يَذْهَبُ وَالنّهارُ، تَعاوُراً
|
بالخلقِ في الإدبارِ والإقبالِ
|
وَبحَسْبِ مَنْ تُنْعَى إلَيْهِ نَفْسُهُ
|
منهُ بأيامٍ خلَتْ ولَيالِ
|
إضرِبْ بطَرْفِكَ حيثُ شئتَ، فأنتَ في
|
عبرٍ لهنَّ تداركٌ وتوالِ
|
يبكي الجديدُ وأنتَ في تجديدهِ
|
وَجَميعُ ما جَدّدْتَ منهُ، فبَالِ
|
يا أيّها البَطِرُ الذي هوَ في غَدٍ،
|
في قَبرِهِ، مُتَفَرّقُ الأوْصالِ
|
وَلَقَلّ ما تَلْقَى أغَرّ لنَفسِهِ
|
مِنْ لاعِبٍ مَرِحٍ بها، مُختالِ
|
يا تاجِرَ الغَيّ المُضِرَّ بِرُشْدِهِ،
|
حتى متَى بالْغِيِّ أنت تُغالِي
|
الحَمْدُ للّهِ الحَميدِ بِمَنّهِ
|
خسرتْ ولمْ تربحْ يدُ البطَّالِ
|
للّهِ يَوْمٌ تَقْشَعِرّ جُلُودُهُمْ،
|
وَتَشيبُ مِنْهُ ذَوَائِبُ الأطْفالِ
|
يَوْمُ النّوازِلِ والزّلازِلِ، وَالحَوا
|
ملِ فيهِ إذْ يقذفنَ بالأحمالِ
|
يومُ التَّغابُنِ والتبايُنِ والتنا
|
زُلِ والأمورِ عظيمة ِ الأهوالِ
|
يومٌ ينادَى فيه كُلُّ مُضللٍ
|
بمقطَّعاتِ النارِ وألأغلالِ
|
للمتقينَ هناكَ نزلُ كرامة ٍ
|
عَلَتِ الوُجُوهَ بنَضرَة ٍ، وَجَمالِ
|
زُمرٌ اضاءتْ للحسابِ وجوهُهَا
|
فَلَهَا بَرِيقٌ عِندَها وَتَلالي
|
وسوابقٌ غرٌّ محجَّلة ٌ جرتْ
|
خُمْصَ البطونِ خفيفة َ الأثقالِ
|
مِنْ كُلّ أشعَثَ كانَ أغبرَ ناحِلاً،
|
خلقَ الرداء مرقَّعَ السربالِ
|
حِيَلُ ابنِ آدَمَ في الأُمورِ كَثيرَة ٌ
|
والموت يقطعُ حيلةَ المحتالِ
|
نزلُو بأكرمِ سيدٍ فأظلُّهُمْ
|
في دارِ مُلْكِ جَلالَة ٍ، وَظِلالِ
|
وَمِنَ النعاة ِ إلى ابنِ آدَمَ نَفْسَهُ،
|
حَرَكُ الخُطى ، وَطلوعُ كلّ هِلالِ
|
ما لي أرَاكَ لحُرّ وَجْهِكَ مُخْلِقاً،
|
أخْلَقْتِ، يا دُنْيا، وُجُوهَ رِجالِ
|
كُنْ بالسّؤالِ أشَدّ عَقْدِ ضَنَانَة ٍ،
|
ممنْ يضنُّ عليكَ بالأموالِ
|
وَصُنِ المَحامِدَ ما استَطَعتَ فإنّها
|
في الوَزْنِ تَرْجُحُ بذلَ كلّ نَوَالِ
|
وَلَقَدْ عَجِبْتُ مِنَ المُثَمِّرِ مالَه،
|
نسيَ المثمِّرُ زينة َ الإقلالِ
|
وإذا امرؤٌ لبسَ الشكوكَ بعزمِهِ
|
سَلَكَ الطّريقَ على عُقودِ ضَلالِ
|
وَإذا ادّعَتْ خُدَعُ الحَوادِثِ قَسوَة ً،
|
شَهِدَتْ لَهُنّ مَصارِعُ الأبْطالِ
|