يا نَفْسِ! ما هوَ إلاّ صَبرُ أيّامِ،
|
كأنَّ لَذَّاتِهَا أضغاثُ أحلامِ
|
يا نَفسِ! ما ليَ لا أنْفَكّ مِنْ طمعٍ
|
طرفِي غليهِ سريعٌ طامحٌ سامِ
|
يا نَفْسِ! كوني، عن الدّنيا، مُبعدة ً،
|
وَخَلّفّيها، فإنّ الخَيرَ قُدّامي
|
يا نَفْسِ! ما الذُّخرُ إلاّ ما انتَفَعتِ به
|
بالقَبرِ، يَوْمَ يكونُ الدّفنُ إكرامي
|
وَللزّمانِ وَعيدٌ في تَصَرّفِهِ،
|
إن الزمانَ لذو نَقْضٍ وإبرامِ
|
أمّا المَشيبُ فقَد أدّى نَذارَتَهُ،
|
وَقَدْ قَضَى ما عَلَيْهِ مُنذُ أيّامِ
|
إنّي لأستَكْثِرُ الدّنْيا، وأعْظِمُها
|
جهلاً ولم أرَهَا أهلاً لإعظامِ
|
فَلَوْ عَلا بِكَ أقْوامٌ مَناكِبَهُمْ،
|
حثُّوا بنعشكَ إسراعاً بأقدامِ
|
في يومِ آخرِ توديعٍ تودعهُ
|
تهدي إلى حيث لا فادٍ ولا حامِ
|
ما الناسُ إلا كنفسٍ في تقاربهِمْ
|
لولا تفاوتُ أرزاقٍ وأقسامِ
|
كَمْ لابنِ آدَمَ من لهوٍ، وَمن لَعبٍ،
|
وللحوادِثِ من شدٍّ وإقدامِ
|
كمْ قد نعتْ لهمُ الدنيَا الحلولَ بِهَا
|
لوْ أنّهُمْ سَمِعوا مِنْها بأفْهامِ
|
وكمْ تحرمتِ الأيامُ من بشرٍ
|
كانُوا ذوِي قوة ٍ فيهَا وأجسامِ
|
يا ساكِنَ الدّارِ تَبْنيها، وَتَعمُرُها،
|
والدارُ دارُ منيَّاتٍ وأسْقامِ
|
لا تَلْعَبَنّ بكَ الدّنيا وَخُدْعَتُها،
|
فكَمْ تَلاعَبَتِ الدّنْيا بأقْوامِ
|
يا رُبَّ مُقتصدٍ من غيرِ تجربة ٍ
|
وَمُعْتَدٍ، بَعدَ تجريبٍ، وَإحكامِ
|
وربَّ مُكتسبٍ بالحكْمِ رامِيَهُ
|
وربَّ مُستهدِفٍ بالبغيِ للرامِي
|