وفتيان صدق قد صرفت مطيهم أبو نواس

وفتيانِ صِدْقٍ قد صَرَفْتُ مَطيّهُمْ

إلى بيْتِ خمّـارِ نَزَلْنا بهِ ظُـهْـرَا

فلمّا حكَى الزُّنَّارُ: أنْ ليس مسلماً،

ظَنَنّـا به خيْراً ؛ فظـنّ بنا شَرّا

فقلنا: على دينِ المسيحِ بن مرْيمٍ؟

فأعْرَضَ مُزْوَرّاً، وقال لنا هُجرَا

و لكنّ يهـوديّ ، يحبّك ظـاهـراً ،

ويُضْمِرُ في المكْنونِ منه لكَ الخترَا

فقلنا له: ما الاسمُ؟ قال: سَمَوألٌ،

على أنذني أُكْـنى بعَـمـْـروٍ ولا عَمْـرَا

و ما شرّفَتني كُنْيَة ً عَـرَبيـّـة ٌ ،

و لا أكْسَـبَتْني لا سـنــاءً ولا فـَــخْــرَا

و لكنّها خَفّتْ ، وقَلّتْ حروفُهـا،

و ليستْ كأخرَى إنمّـا خُلِقـتْ وَقْـرَا

فقلنا لهُ عُجْباً بظرْفِ لِسانِهِ:

أجدْتَ ، أبا عمـروٍ ، فجـوّدْ لنا الخـمـرا

فأدبَرَ كـالمـزْوَرِّ ، يقسـم طـرْفَهُ:

لأرْجُلِنا شطْراً، وأوْجُهِنا شَطْرَا

و قال : لَعَمْـري لوْ أحطْـتُمُ بأمرنـا

لَلُمْـناكُـمْ ، لكنْ سنـوسِعـكمْ عــذرَا

فجـاءَ بـها زيتيّة ً ، ذهبيـة ً ،

فلم نستطِعْ دون السّجودِ لها صَبرَا

خرجنا، على أنّ الْمُقَامَ ثلاثَة ٌ،

فطابتْ لنا حتى أقمنـا بهـا شهــرا

عصَابَة ُ سُوءٍ لا يرى الدهرُ مثلهمْ،

و إنْ كنْتُ منهمْ لا بريـاً، ولاصِفْرَا

إذا ما دَنَا وقْتُ الصّلاة ِ رَأيْتَهُمْ

يحثّونها، حتى تفوتَهُم سكْرَا