ومشتعل الخدين، يسحر طرفه، أبو نواس

ومُشتعِلِ الخدّيْنِ، يسحَرُ طرْفُهُ،

له سِمَة ٌ يحكي بها سمة َ البَدرِ

إذا مـا مشَى يهْتَـزّ من دونِ نَحْــرِهِ

وأعْطافِهِ منْهُ إلى منْتَهى الخصرِ

وليستْ خُـطاهُ حينَ يُـزْهَى بـرِدفهِ ،

إذا ما مشَى في الأرضِ ، أكثَر من فِترِ

دعوتُ لهُ باللّيْلِ صاحبَ حانة ٍ

بمـُـنْتقَـصِ الأطـرافِ ، مُـنـخسِفِ الظهرِ

فجاءَ به في اللّيـلِ سَـحْـباً ، كأنّمـا

يجُـرّ قتيـلاً، أو نَـشـيـراً من القَـبـرِ

فـقـرَبَ من نحـو الأبـاريقِ خَـدّهُ ،

وقَهْـقَـهَ مـسـرُوراً من القَـرْقَـفِ الخـمرِ

فصَبّ فـأبْـدتْ ، ثمّ شُـجّتْ، فكُتّبَتْ

ثمـانٍ من الوَاوَاتِ يضْـحَكْتنُ في سطرِ

فـقـُـلْتُ لها : يا خَمْرُ كمْ لك حجَــة ً ؟

فقالتْ: سكنْتُ الدنّ ردْحاً من الدهرِ

فـقلتُ لها: كسرى حـواكِ ؛ فعبّسَتْ

وقـالتْ : لقد قصّـرْتَ في قلّـة ِ الصّبرِ

سمعتُ بذي القرْنَينِ قبل خُروجِهِ،

وأدركتُ موسَى قبل صاحبهِ الخِضرِ

ولو أنّني خُـلّدْتُ فيـه سـكَـنْـتُـهُ

إلى أن يُـنـادي هاتفُ اللهِ بالحـشْــرِ

فبتْنَا عَلى خيرِ العُقارِ عوابساً،

وإبلِيسُ يحْـدُونَـا بـألـْـوِيــة ِ السكْرِ