لما غدا الثعلب من وجاره، أبو نواس

لَمّا غَدا الثعْلَبُ منْ وِجارِهِ،

يَلتمِسُ الكسْبَ على صِغارِهِ

جَـذْلانَ قـدْ هَـيَّــجَ مـن دُوّارِهِ

عـارَضْـتُـهُ في سَـنَــن امْتيـــارِهِ

بِضَرِمٍ يَمْرَحُ في شِوَارِهِ،

في الحَـلَـقِ الصُّـفْـرِ وفي أسـيـارِهِ

مـضْـطـرِمَ القُـصـرَى من اضْطمارِهِ،

قد نحَتَ التلويحُ من أقطارِهِ

منْ بعْـدِ ما كـانَ إلى أصـبــارِهِ ،

غضّاً كستْهُ الخورُ من عِشارِهِ

أيـامَ لا يُـحْـبَسُ مـنْ عِـثـارِهِ ،

وهْـوَ طَـلى ً لم يـدْنُ من شِـفــارِهِ

فـي مـنـزِلٍ يحـجُـبُ عن زُوّارِهِ ،

يُساس فيه طَرَفيْ نهارِهِ

حتى إذا أحمدَ في ابتيارِهِ،

وآضَ مثـلَ القُـلـبِ من نُـضَـــارِهِ

كـأنّـمـا قُــرّبَ مـنْ هِـجَــارِهِ ،

يجـمـع قُـطـريـه من انْضـمــارِهِ

وإنْ تمَـطّى تـمّ فـي أشْبـارِهِ ،

عَـشْــرٌ، إذا قُـدّرَ فـي اقـتـدارِهِ

كـأنّ لَـحْيَـيْــهِ لــدى افـتِـــرَارِهِ،

شَكّ مساميرٍ على طوارِهِ

كأنّ، خلْفَ ملتقى أشفاره،

جـمـرَ غَـضـى ً يُـدمِـن في استعـارِه

سِـمْـعٌ ، إذا استرْوَحَ لـمْ تمــارِه ،

إلاّ بأنْ يُطلَقَ من عِذارِهِ

فـانصَــاعَ كـالكـوكبِ في انحـدارِهِ،

لفْـتَ المشـيـر مَـوْهِـنــاً بـنــارِهِ

حتى إذا أخْصَفَ في إحضَارِهِ،

خـرّقَ أذْنَـيْـهِ شـبَـا أظْـفَـــارِهِ

حتى إذا مـا انْشَــامَ في غُـبــارِهِ ،

عـافَـرَهُ أخْـرَقُ فـي عِـفــارِهِ

فتَلتَلَ المفْصِلَ من فِقارِهِ،

وقـدّ عــنـه جـانبي صِــــدَارِهِ

لا خيــر في الثـعلـبِ فـي ابتـكــارِه !