مالي بدارٍ خلَتْ من أهلِها شُغُلٌ ،
|
ولا شَجاني لها شَخصٌ ولا طَلَلُ
|
ولا رُسُومٌ، ولا أبكي لمَنْزِلَة ٍ،
|
للأهل عَنها، وللجيرانِ مُنْتَقَلُ
|
ولا قَـطَـعْتُ على حَرْفٍ مذَكَّرَة ٍ
|
في مرْفَقَيْها، إذا استَعرَضْتهَا، فَتَلُ
|
بيْداءَ مقْفِرَة ً يوْماً، فأنْعَتها،
|
ولا سـرَى بي ، فأحكيـهِ بها ، جملُ
|
ولا شَتَوْتُ بها عاماً فأدرَكَني
|
فيها المَصيفُ ، فلي عن ذاكَ مرْتحَلُ
|
ولا شَدَدْتُ بها مِنْ خَيمَة ٍ طُنُباً،
|
جارى بها الضّبُّ والحرْباءُ والوَرَلُ
|
لا الْحَزْنُ مني برأي العَينِ أعْرِفُهُ،
|
وليسَ يعرِفُني سَهْلٌ ولا جَبَلُ
|
لا أنعتُ الـرّوضُ إلاّ رأيتُ بـهِ
|
قَصراً مُنيفاً، عليهِ النّخلُ مشتَمِلُ
|
فهاكَ من صِفتي إن كنتَ مُـختَبـراً ،
|
ومُخبـراً نَـفـراً عني ، إذا سـألُـوا
|
نخلٌ، إذا جُلِيَتْ إبّانَ زينتِها،
|
لاحَتْ بأعنـاقِهـا أعْـذاقُـها النُّـحُـلُ
|
أسقاطُ عَسجَدِهِ فيها لآلِئها،
|
منـضُـودَة ٌ ، بسمـوطِ الدُّرّ تتّصِـلُ
|
يَفْـتَضّـها فَـطِـنٌ عِـلْـجٌ بها خَبِـرٌ ،
|
فضَّ العذارى ، حُلاها الرَّيطُ والحُللُ
|
فافتَضّ أوّلَها منها وآخرَها
|
فأصْبَحَتْ، وبها مِن فَحلِها حَبَلُ
|
لم تَمْتَنِعْ عِفّة ً منْهُ، ولا وَرَعاً
|
بلا صَـداقٍ ، ولم يُوجَـدْ لها عَقَـلُ
|
حتى إذا لَقِحَتْ أرْختْ عَقائِصَها،
|
فمالَ مُنتَثِـراً عُرْجونُها الرجِـلُ
|
فَبِيْنَما هي والأرْواحُ تَنْفَحُها،
|
شهريـنِ بارحَـة ً وَهْناً ، وتَنتَحِـلُ
|
أرْخَتْ عُقـوداً مِنَ الياقوتِ تُرْضِعُهُ ،
|
حتى تَمَكّـنَ في أوْصَالِهِ العَسَـلُ
|
يا طيبَ تلكَ عرُوساً في مَجاسِدِها،
|
لو كانَ يَصْلُحُ منهـا الشّمُّ والقُبَـلُ
|
خلالَها شَجَرٌ في فيْئِهِ نَقَدٌ،
|
لا يرْهبُ الذّئْبَ فيها الكبشُ والحملُ
|
إنْ جئتَ زائـرَها غَنّـاكَ طائِـرُها ،
|
برجع الحنة في صوتها هدل
|
من بُلْبُلٍ غَرِدٍ ناداكَ مِن غُصُنٍ،
|
يَبكي لبُـلْـبُلَـة ٍ أوْدَى بهـا خَـبَـلُ
|
هذا فصِفْهُ، وقلْ في وَصْفِهِ سدَداً،
|
مُدّتْ لواصِفِهِ في عُمرِهِ الطِّوَلُ
|
ما بينَ رَبْـعٍ ولارَسْـمٍ ولا طَـلَـلٍ
|
أقوى وبَينيَ في حكمِ الْهَوَى عملُ
|
مالي وعَوْسَجُها بالقاعِ جانيها
|
أفعَى يُقابِلُها عَن جحْرِهِ وَرَلُ
|
إنّي امـرُؤٌ همّتي ، واللهُ يكـلؤني ،
|
أمْرانِ ما فيهِما شرْبٌ ولا أكلُ
|
حبّ النديم، وما في النّاسِ من حسنٍ
|
كفّـي إلَيـهِ إذا راجعْتُـهُ خَـضِـلُ
|
لا أمْـدَحَـنّ ولا أُخْـطي خَلائقَـهُ
|
مَنْ عنْده لي إذا ما جئتُهُ نُزُلُ...
|