لولا حـذاري من جنان أبو نواس

لولا حِـذَاريَ من جنانِ

لخَـلْعْتُ عن رأسي عِنانِ

وركبْتُ ما أهوَى ، وكمْ

أجْفُو مَقالَة َ مَنْ نَهَاني

وخرَجتُ أخبِطُ سادراً،

لمْ أغنَ عن حبّ الغواني

قد ذُبْتُ، غيرَ حُشاشة ٍ

في النفسِ تحبسُها الأماني

يا من يلومُ على الصّبـا !

دَعْني ، فشَـأنُكَ غيرُ شاني

لم تَلقَ منْ حُرَقِ الهوَى ،

ما قد لقـيتُ على عِـنانِ

أنّى تردّ عليّ قلْـ

ـباً راح في غَلَق الرهانِ

قَلْباً، إذا كَلّفْتُهُ

غيرَ الذي يهوى عصاني

قد خُـضْتُ في لُـجَـجِ الهوى ،

وشـرِبْتُ صافيـة ً الدّنــانِ

ومُضَمَّخَاتٍ بالعَبيـ

رِ نَـزَلْنْ من غُـرَفِ الجِنـانِ

راضَـعْتُهُـنّ من الصّـبــا

كأسـاً عقـَـدْنَ بها لسـاني

يحفُـفْـنَ أحْـوَرَ كالغـزا

لِ أمِـرَّ إمْـرارَ العَـنَـانِ

يَمْشي برِدْفٍ كالنَّقَا،

يخْتالُ تحْتَ قضيبِ بانِ

فإذا انجليْتِ، فجاملي،

كيلا أموتَ على المكـانِ

ولقـد أقولُ لمَـنْ دعــا

هُ من الهوَى ما قد دعاني:

أبْلِغْ هواكَ منَ الغِنا،

والكأس، واغنَ عن الزّمانِ

لا يشْـغَـلَنّـكَ غيرُ ما

تَهْوَى ، فكلّ العيشِ فَانِ

ودَعِ الْهَوانَ لأهْلِهِ،

إذا زُلْـتَ عن دارِ الهوانِ