لهانَ علينا أن نقولَ وتفعلا
|
ونَذكُرَ بعضَ الفَضْلِ عنكَ وتُفْضِلا
|
أَبَا جَعْفرٍ أَجْرَيْتَ في كل تَلْعَة ٍ
|
لنا جعفراً من فيض كفيكَ سلسلا
|
فكَمْ قَدْ أثرنا مِنْ نَوالِكَ مَعْدِناً
|
وكمْ قدْ بنينا في ظلالكَ معقلا!
|
رجَعْتَ المنَى خُضَراً تُثَنَّى غُصُونُها
|
علينا وأطلقتَ الرجاء المكبلا
|
ومايَلْحَظُ العَافي جَدَاكَ مؤمّلاً
|
سَوَى لَحْظَة حَتَّى يؤوبَ مُؤَملا
|
لقدْ زدتَ أوضاحي امتداداً ولم أكنْ
|
بهيماً ولا أرضى من الأرضِ مجهلا
|
ولكن أيادٍ صادفتني جسامُهَا
|
أغرَّ فأوفَتْ بي أغَرَّ مُحَجَّلا
|
إذا أحسنَ الأقوامُ أن يتطاولوا
|
بلا نِعمَة ٍ أحسنْتَ أن تَتَطَوَّلا
|
تعظمتَ عن ذاكَ التعظُّمِ منهمُ
|
وأوْصَاكَ نُبْلُ القَدْر ألاَّ تَنَبَّلا
|
تَبيتُ بَعِيداً أنْ تُوجهَ حِيلَة ً
|
على نشبِ السلطان أو تتأولا
|
إذا ما أصابوا غرة ً فتمولوا
|
بها راحَ بيتُ المال منك ممولا
|
هَزَزْتَ أمِيرَ المؤمنينَ مُحَمَّداً
|
فكانَ رُدينيّاً وأبيضَ مُنْصُلا
|
فمَا إنْ تُبَالي أنْ تُجَهزَ رَأْيَهُ
|
إلى ناكِثٍ أَلاَّ تُجَهزَ جَحفَلا
|
ترى شخصَه وسطَ الخلاقة ِ هضبة ً
|
وخُطْبَتَه دُونَ الخِلافَة ِ فَيْصَلا
|
وأنَّكَ إذْ ألبَسْتَه العِزَّ مُنْعِماً
|
وسربلتَهُ تلك الخلافة ِ فيصلا
|
لتقضي به حقَّ الرعية ِ آخراً
|
وتَقْضي بهِ حَقَّ الخِلافة ِ أوَّلا
|
فما هضبتا رضوى ولا ركنُ معنقٍ
|
ولا الطودُ من قدسٍ ولا أنفُ يذبلا
|
بأثقلَ منهُ وطأة ً حينَ يغتدي
|
فَيُلْقي وَرَاءَ المُلْكِ نَحْراً وكَلْكَلا
|
منيعُ نواحي السرِّ فيهِ، حصينُها
|
إذَا صَارَتِ النَّجْوَى المُذَالَة ُ محفِلا
|
تَرَى الحَادِثَ المُسْتَعْجِمَ الخَطْب مُعْجَماً
|
لديْهِ ومشكُولاً إذا كانَ مُشكلا
|
وجَدْنَاكَ أنْدَى مِنْ رِجَالٍ انَامِلاً
|
وأحسنَ في الحاجات وجهاً وأجملا
|
تضيءُ إذا اسودَّ الزمانُ وبعضُهم
|
يَرَى الموتَ أنْ يَنهَلَّ أَوْ يَتَهلَّلا
|
وواللهِ ما آتيكَ إلا فريضة ً
|
وآتي جَميعَ النَّاس إلاَّ تَنَفُّلا
|
وليسَ امرؤ في الناس كنت سلاحَهُ
|
عشية َ يلقى الحادثاتِ بأعزَلا
|
يَرَى دِرْعَهُ حَصْدَاءَ والسَّيْفَ قاضِياً
|
وزُجَّيْهِ مسْمُومَيْن والسّوْطَ مِغْوَلا
|
سأقطعُ أمطاءَ المطايا برحلة ٍ
|
إلى البلدِ الغربيِّ هجراً ومُوصلا
|
إلى الرحِم الدنيا التي قدْ أجفها
|
عُقُوقِي عَسَى أَسْبَابُها أن تَبَلَّلا!
|
قبيلٌ وأهلٌ لمْ ألاقِ مشوقهُمْ
|
لوشْكِ النَّوَى إلاَّ فُوَاقاً كلا وَلا
|
كأنَّهم كانُوا لخفة ِ وقفتي
|
مَعَارِفَ لي أو مَنْزلاً كانَ مَنْزلا
|
ولَوْ شِيتُ لَمَّا التَاثَ بِري عليهمِ
|
ولم يكُ إجمالاً لكانَ تجمُّلا
|
فلمْ أجدِ الأخلاقَ إلاَّ تَخَلُّفاً
|
ولم أجدش الأفضالَ إلاَّ تَفَضُّلا
|
وأصرفُ وجهي عن بلادٍ غدا بها
|
لساني مشكولاً وقلبيَ مُقفلا
|
وجَدَّ بها قَومٌ سِوَايَ، فصَادفُوا
|
بها الصنعَ أعشى والزمانَ مُغفلا
|
كلابٌ أغارَتْ في فَريسِة ضَيْغَمٍ
|
طروقاً وهامٌ أطعمتْ صيدَ أجدلا
|
وإنَّ صريحَ الرأي والحزم لامرئٍ
|
إذا بَلَغَتْهُ الشَّمسُ أنْ يَتَحوَّلا
|
وإلاَّ تَكُنْ تِلْكَ الأمَانيُّ غَضَّة ً
|
ترفُّ فحسبي أنْ تصادفَ ذبَّلا
|
فَلْيسَ الذي قَاسَى المَطَالِبَ غُدْوَة ً
|
هبيداً كمنْ قاسى المطالبَ حنظلا
|
لئن هممي أوجدنني في تقلبي
|
مآلاً، لقد أفقدنني منكَ موئلا
|
وإنْ رُمْتُ أَمْراً مُدْبِرَ الوَجْهِ إنَّني
|
سأتْركُ حَظّاً في فِنائِكَ مُقْبِلا
|
وإنْ كنتُ أخطو ساحة َ المَحْل إنَّني
|
لأتركُ رَوْضاً مِنْ جدَاكَ وجَدْولا
|
كذلكَ لا يُلْقِي المُسَافِرُ رَحْلَه
|
إلى منقلِ حتى يُخلفّ منقلا
|
ولا صاحبُ التطوافِ يعمرُ منهلاً
|
وربعاً إذا لم يخلِ ربعاً ومنهلا
|
ومنْ ذا يداني أو ينائي وهلْ فتى
|
يحلُّ عرى الترحالِ أو يترحلا!
|
فمرني بأمرٍ أحوذيٍّ فإنني
|
رَأَيْتُ العِدَا أثْروا وأصبحتُ مُرْمِلا
|
فَسِيَّانِ عِنْدي صَادفَوُا لي مَطْمَعاً
|
أُعَابُ بهِ أو صَادَفُوا لي مَقْتلا
|
ووالله لا أنفكُّ أهدي شوارداً
|
إليكَ يحملنَ الثناءَ المنخلا
|
تَخَالُ بهِ بُرْداً عليكَ مُحَبَّراً
|
وتَحْسَبُهُ عِقْداً عليكَ مُفَصَّلا
|
ألذَّ منَ السلوى وأطيبَ نفحة ً
|
من المسكِ مفتوقاً وأيسرَ محملا
|
أخفَّ على قلبٍ وأثقلَ قيمة ً
|
وأقْصَرَ في سَمْع الجَليسِ وأطْوَلا
|
ويُزْهَى له قَوْمٌ ولَمْ يُمْدَحوا بهِ
|
إذَا مَثَلَ الرَّاوي بهِ أوْ تَمثَّلا
|
على أن إفراطَ الحياءِ استمالني
|
إليك ولمَ أعدِلْ بعرْضَيَ مَعْدِلا
|
فثَّقلتُ بالتخفيفِ عنكَ وبعضهمْ
|
يُخفِّفُ في الحاجاتِ حتى يُثقِّلا!
|