سعدت غربة النوى بسعاد أبو تمام

سَعِدَتْ غَرْبَة ُ النَّوى بِسُعَادِ

فهيَ طوعُ الإتهامِ والإنجادِ

فارَقتْنَا ولِلْمَدَامِعِ أَنْوَا

ءٌ سَوَارٍ عَلَى الخُدُودِ غَوَادِ

كُلَّ يَومٍ يَسْفَحْنَ دَمْعَاً طَريفاً

يُمْتَرَى مُزْنُهُ بشَوْقٍ تِلادِ

واقعاً بالخدودِ والحرِّ منهُ

واقعٌ بالقلوبِ والأكبادِ

وعلى العيسِ خردٌ يتبسم

نَ عنِ الأشنبِ الشتيتِ البرادِ

كان شوكَ السيالِ حسناً فأمسى

دونهُ للفراقِ شوكُ القتادِ

شابَ رأسي ، وما رأيتُ مشيبَ الرأ

سِ إلاَّ منْ فضلِ شيبِ الفؤادِ

وكَذاكَ القُلُوبُ في كُل بُؤْسٍ

ونَعِيمٍ طَلائعُ الأجْسَادِ

طَالَ إنْكَارِيَ البَيَاضَ وإِنْ عُمرْ

تُ حيناً، أنكرتُ لونَ السوادِ

نَالَ رَأْسِي منْ ثُغْرَة ِ الهم مالَمْ

يَسْتَنِلْهُ مِنْ ثُغْرة ِ المِيلادِ

زارني شخصهُ بطلعة ضيمٍ

عمرتْ مجلسي من العوادِ

يَا أَبا عبد اللَّه أَوْرَيْتَ زَنْدَاً

في يدي كان دائمَ الإصلادِ

أنت جبتَ الظلامَ عن سبل الآ

لِ إذْ ضلَّ كلُّ هادٍ وحادِ

فكأنَّ المغذِّ فيها مقيمٌ

وكأَنَّ السّاري عَلَيْهِن غَادِ

وضياءُ الآمالِ أفسحُ في الطر

فِ وفي القلبِ منْ ضياءِ البلادِ

كان في الأَجْفَلَى وفي النَّقَرَى عُرْ

فُكَ نَضْرَ العُمومِ نَضْرَ الوِحَادِ

ومنَ الحظِّ في العلى خضرة ُ المعرو

ف في الجَمْعِ منْهُ والإِفْرَادِ

كُنْتُ عَنْ غَرْسِهِ بعيداً فأَدْنَتْـ

ـنِي إليه يَداكَ عنْدَ الجِدَادِ

سَاعَة ً لو تَشاءُ بالنصْف فيها

لمنعتَ البطاءَ خصلَ الجيادِ

لَزِمُوا مَرْكزَ النَّدَى وذَرَاهُ

وعدتنا عنْ مثل ذاكَ العوادي

غيرَ أنَّ الرب إلى سبلِ الأنوا

ءِ أدنى والحظُّ حظُّ الوهادِ

بعدما أصلت الوشاة ُ سيوفاً

قَطعَتْ فيَّ وهْيَ غَيْرُ حِدَادِ

من أَحَاديثَ حينَ دَوَّخْتَها بالرّأْ

ي كانتْ ضعيفة َ الإسنادِ

فنَفَى عنْكَ زُخْرُفَ القَوْلِ سَمْعٌ

لمْ يَكُنْ فُرْصَة ً لغَيْرِ السَّدَادِ

ضَرَبَ الحلْمُ والوقارُ عليْه

دُونَ عُورِ الكلاَمِ بالأَسْدَادِ

وحوانٍ أبتْ عليها المعالي

أَنْ تُسَمَّى مَطِيَّة َ الأَحْقَادِ

ولعمري أنْ لو أضحتَ لأقدم

تَ لحتفي ضغينة َ الحسادِ

حملَ العبءَ كاهلٌ لكَ أمسى

لخطوبِ الزمان بالمرصادِ

عَاتقٌ مُعْتَقٌ منَ الهُونِ إلاَّ

منْ مُقَاسَاة مَغْرَمٍ أَو نَجادِ

للحمالات والحمائل فيه

كلحوب المواردِ الأعدادِ

مُلئَتْكَ الأَحْسَابُ أَيُّ حيَاءٍ

وحَيَا أَزْمَة ٍ وحَيَّة ٍ وَادِ!

لَوْ تَرَاخَتْ يَدَاكَ عَنْهَا فُوَاقاً

أكلتها الأيامُ أكلَ الجرادِ

أنتَ نَاضَلْتَ دُونَها بِعَطَايَا

رَائحاتٍ عَلَى العُفَاة غَوَادي

فإذا هلهلَ النوالُ أتتنا

ذاتَ نيرينِ مطبقاتُ الأيادي

كُلُّ شَيءٍ غَثٌّ إِذَا عَادَ والـ

معروفُ غثٌّ ما كانَ غيرَ معادِ

كَادَتِ المَكْرُمَاتُ تَنْهَدُّ لَوْلاَ

أنها أيدتْ بخيرِ إيادِ

عندهمْ فرجُ اللهيف وتص

ديقُ ظنونِ الزوارِ والروادِ

بِأَحَاظِي الجُدُود لا بلْ بِوْشكِ

الجد لا بلْ بسُؤْدَد الأجدَادِ

وكأنَّ الأعناقَ يومَ الوغى أوْ

لَى بِأَسْيَافهمْ منَ الأَغْمَادِ

فإذا ضلتِ السيوفُ غداة َ الرو

عِ كانتْ هوادياً للهوادي

قد بَثَثْتُمْ غَرْسَ المَودَّة والشَّحْـ

ـنَاءِ في قَلْب كل قَارٍ وَبادِ

أبغَضُوا عزَّكُمْ ووَدُّوا ندَاكُمْ

فقروكمْ من بغضة ٍ وودادِ

لاعَدَمْتُمْ غَريب مَجْدٍ رَبَقْتُمْ

في عُرَاهُ نَوافرَ الأَضْدَاد