يا بعدَ غاية ِ العينِ إنْ بعدوا |
هيَ الصبابة ُ طولَ الدهرِ والسهدُ |
قالُوا: الرَّحيلُ غداً لاشَكَّ، قُلْتُ لَهُمْ |
اليوْمَ أيقَنْتُ أنَّ اسْمَ الْحِمامِ غَدُ |
كَمْ مِن دَمٍ يُعْجِزُ الْجيْشَ اللُّهَامَ إِذَا |
بانوا ستحكمُ فيهِ العرمسُ الاجدُ |
ما لامرىء ٍ خاضَ في بحرِ الهوى عمرٌ |
إلاَّ ولِلْبَيْنِ مِنْهُ السَّهْلُ والْجَلَدُ |
كأنَّما البيْنُ مِنْ إِلْحَاحِهِ أَبَداً |
على النُّفُوسِ أَخٌ لِلْموْتِ أَوْ وَلَدُ |
تَدَاوَ مِنْ شَوْقِكَ الأَقْصَى بما فَعَلَتْ |
خَيْلُ ابنِ يُوسُفَ والأبطالُ تَطَّردُ |
ذاكَ السرورُ الذي آلتْ بشاشتهُ |
أَلاَّ يجَاورَهَا في مُهْجَة ٍ كَمَدُ |
لَقِيتَهُمْ والمَنَايَا غَيْرُ دَافِعَة ٍ |
لما أمرتَ بهِ والملتقى كبدُ |
في مَوْقِفٍ وَقَف الْمَوْتُ الزُّعَافُ بهِ |
فالْمَوْتُ يُوجَدُ والأَرْوَاحُ تُفْتَقَدُ |
في حَيْثُ لا مَرْتَعُ البِيضِ الرقاقِ إذا |
أصلتنَ جدبٌ ولا وردُ القنا ثمدُ |
مُسْتَصْحِباً نِيَّة ً قد طَالَ ما ضَمِنَتْ |
لكَ الخطوبَ فأوفتْ بالذي تعدُ |
ورُحْبَ صَدْرِ لَو أنَّ الأَرْضَ وَاسِعَة ٌ |
كَوُسْعِهِ لم يَضِقْ عن أَهْلِهَا بَلَدُ |
صدعتَ جريتهمْ في عصبة ٍ قللٍ |
قدْ صَرَّحَ الماءُ عَنها وانجلى الزَّبَدُ |
مِنْ كل أَرْوَعَ تَرْتَاعُ المنونُ لَهُ |
إذا تجردَ لا نكسٌ ولا جحدُ |
يكادُ حينَ يلاقي القرن منْ حنقٍ |
قبْل السنَانِ عَلَى حَوبَائِهِ يَرِدُ |
قَلُّوا، ولكنَّهْمْ طَابُوا، فأَنْجَدَهُمْ |
جَيْشُ مِنَ الصَّبْرِ لا يُحصَى لَهُ عَدَدُ |
إذا رأوا للمنايا عارضاً لبسوا |
مِنَ الْيَقينِ دُرُوعاً مالَها زرَدُ |
نأوا عن المصرخِ الأدنى ، فليسَ لهمْ |
إلا السيوفَ على أعدائهمْ مددُ |
وَلَّى مُعَاوِيَة ٌ عَنْهمْ وقدْ حَكمت |
فيه القَنَا، فأَبَى الْمِقْدَارُ والأَمَدُ |
نَجَّاكَ في الرَّوْعِ مَا نَجَّى سَمِيَّكَ في |
صِفينَ والْخَيْلُ بالْفُرْسَانِ تنجَرِدُ |
إن تنفلتْ وأنوفُ الموتِ راغمة ً |
فاذهبْ فأنتَ طليقُ الركضِ يا لبدُ |
لاخَلْقَ أرْبَطُ جَأْشاً مِنْكَ يَوْم تَرى |
أبا سعيدٍ ولم يبطش بكَ الزؤدُ |
أمَا وقدْ عِشْتَ يَوْماً بَعْدَ رُؤْيَتِه |
فافخَرْ فإنَّكَ أنت الفارِسُ النَّجُدُ |
لوْ عاينَ الأسدُ الضرغامُ رؤيتهُ |
ما ليمَ أن ظنَّ رعباً أنهُ الأسدُ |
شتانَ بينهما في كلِّ نازلة ٍ |
نَهْجُ القَضَاءِ مُبينٌ فيهما جَدَدُ |
هَذَا عَلى كَتِفَيْهِ كُل نازِلَة ٍ |
تُخشَى ، وذَاكَ على أَكْتَافِهِ اللبَدُ |
أعيا عليَّ وما أعيا بمشكلة ٍ |
بسندبايا ويومُ الروعِ محتشدُ |
منْ كانَ أنكأَ حداً في كتائبهمْ |
أأنتَ أمْ سيفكَ الماضي أم الأحدُ؟ |
لا يومَ أكثرُ منهُ منظراً حسناً |
والْمَشرَفيَّة ُ في هَامَاتِهمْ تخِدُ |
أنهَبْتَ أَرْواحَهُ الأرْمَاحَ إذْ شُرِعَتْ |
فَما تُرَدُّ لِرَيْبِ الدَّهْرِ عَنْهُ يَدُ |
كأنها وهيَ في الأوداجِ والغة ٌ |
وفي الكلى تجدُ الغيظ الذي نجدُ |
مِنْ كل أزرَقَ نَظَّارٍ بِلا نظرٍ |
إلى المقاتل ما في متنهِ أودُ |
كأنَّهُ كان تِرْبَ الْحُب مُذْ زَمَنٍ |
فليسَ يعجزهُ قلبٌ ولا كبدُ |
تركتَ منهم سبيلَ النارِ سابلة ً |
في كل يومٍ إليها عصبة ٌ تفدُ |
كأنَّ بابك بالبذينِ بعدهمُ |
نُؤيٌ أقامَ خِلافَ الْحَي أوْ وَتِدُ |
بكل مُنعَرَجٍ مِنْ فارِسٍ بَطَلس |
|
لما غدا مظلمَ الأحشاءِ منْ أشرٍ |
أسكَنت جانحَتَيْهِ كَوْكباً يَقِدُ |
وهَارِبٍ ودخيلُ الروْعِ يَجْلُبُهُ |
إلى المنونِ كما يستجلبُ النقدُ |
كأنَّما نَفسُهُ مِن طولِ حَيْرَتِها |
منها على نفسهِ يومَ الوغى رصدُ |
تالله ندري : أألإسلامُ يشكرها |
مِن وقعة ٍ أَمْ العبَّاس أَمْ أُدَدُ |
يَوْمٌ به أخَذَ الإسلامُ زينَتَهُ |
بِأَسْرِهَا واكتسَى فَخْراً به الأبَدُ |
يومٌ يجيُ إذا قام الحسابُ ولمْ |
يذممهُ بدرٌ ولم يفضحْ به أحدُ |
وأهلُ موقانَ إذْ ماقوا فلا وزرٌ |
أنجاهمُ منكَ في الهيجا ولا سندُ |
لمْ تبقَ مشركة ٌ إلاَّ وقدْ علمتْ |
إن لم تتبْ أنهُ للسيف ما تلدُ |
وَالبَبْرُ حِينَ اطْلَخَمَّ الأَمْرُ صبَّحهُمْ |
قَطْرٌ مِنَ الْحَرْبِ لَمَّا جَاءَهُمْ خَمدُوا |
كادَت تُحَلُّ طُلاَهُمْ مِنْ جَماجمهمْ |
لوْ لمْ يحلوا ببذلِ الحكمِ ما عقدوا |
لكن ندبتَ لهمْ رأيَ ابنِ محصنة ٍ |
يخاله السيفُ سيفاً حين يجتهدُ |
في كلِّ يومٍ فتوحٌ منكَ واردة ٌ |
تَكادُ تَفهمُهَا مِن حُسْنها البُرُدُ |
وَقَائِعٌ عَذُبَتْ أَنْبَاؤُهَا وحَلَتْ |
حَتَّى لَقَدْ صارَ مَهْجُوراً لها الشُّهُدُ |
إنَّ ابنَ يوسفَ نجى الثغرَ منْ سنة ٍ |
أَعْوامُ يُوسُفَ عَيْشٌ عِنْدَها رَغَدُ |
آثارُ أموالكَ الأدثارِ قد خلقتْ |
وخَلَّفَتْ نِعماً آثارُها جُدُدُ |
فافْخَر فَمَا من سَماءٍ للنَّدى رُفِعَتْ |
إِلاَّ وأَفْعالُكَ الحُسْنَى لها عَمَدُ |
واعْذِرْ حَسُودَكَ فيما قد خُصِصْتَ به |
إِنَّ العُلَى حَسَنٌ في مِثْلِها الْحَسَدُ |