يا هذه أقصري ما هذه بشر أبو تمام

يا هذهِ أقصري ما هذهِ بشرٌ

ولا الخَرائِدُ مِنْ أَتْرَابِها الأُخَرُ

خَرَجْنَ في خُضْرَة ٍ كالرَّوْضِ ليسَ لَها

إلاَّ الحُليَّ على أَعنَاقِها زَهَرُ

بِدُرَّة ٍ حَفَّها مِنْ حَوْلِها دُرَرٌ

أَرْضَى غَرامِيَ فيها دَمْعِيَ الدرَرُ

رِيَمٌ أَبَتْ أَنْ يَرِيمَ الْحُزنُ لي جَلَداً

والعينُ عينٌ بماءِ الشوقِ تبتدرُ

صَبَّ الشَّبَابُ عليها وهْوَ مُقَتَبلٌ

ماءً مِنَ الحُسْن ما في صَفْوِهِ كَدَرُ

لَوْلا العُيُونُ وتُفَّاحُ الْخُدُودِ إذاً

ما كانَ يَحسُدُ أَعمَى مَنْ له بَصَرُ

حُييتَ مِن طَلَلٍ لم تُبْقِ لي طَللاً

إلاَّ وفيهِ أَسى ً تَرشيحُهُ الذكَرُ

قَالُوا أَتَبكي على رَسْمٍ فقُلتُ لهم:

منْ فاتهُ العينُ هدى ً شوقهُ الأثرُ

إنَّ الكرامَ كثيرٌ في البلادِ وإنْ

قَلُّوا كمَا غَيْرُهم قُلٌّ وإنْ كَثُروا

لا يدهمنكَ منْ دهمائهمْ عددٌ

فإِنَّ جُلَّهُمُ بَل كُلّهُمْ بَقَرُ

وكُلّما أَمسَتِ الأَخطارُ بَيْنَهُمُ

هَلْكَى تَبيَّنَ مَنْ أَمسَى له خَطَرُ

لَوْ لَمْ تُصادِفُ شِيَاتُ البُهْم أكثرَ ما

في الخَيْلِ لم تُحْمَدِ الأَوضَاحُ والغُرَرُ

نِعْمَ الفَتى عُمَرٌ في كل نائِبَة ٍ

نابتْ وقلتْ لهُ "نعم الفتى عمرُ

يُعْطِي ويَحْمَدُ مَنْ يأْتِيهِ يَحْمَدُه

فشكرهُ عوضٌ ومالهُ هدرُ

مُجَردٌ سَيْفَ رَأْيٍ مِنْ عَزِيمَتِه

للدهرِ صيقلهُ الإطراقُ والفكرُ

عَضباً إذا سَلَّه في وَجْهِ نائِبة ٍ

جاءَتْ إليْهِ بَناتُ الدَّهْرِ تعتَذِرُ

وَسَائِلٍ عَنْ أبي حَفْصٍ فَقُلْتُ له

أمسكُ عنانكَ عهُ إنهُ القدرُ

هُوَ الهُمامُ هُوَ الصَّابُ المُريحُ هو الـْ

ـحَتْفُ الوَحِيُّ هو الصَّمصَامَة ُ الذَّكَرُ

فَتى ً تَراهُ فتنفي الْعُسْرَ غُرَّتُه

يمناً وينبعُ منْ أسرارها اليسرُ

فِدًى له مُقشعِرٌّ حِينَ تَسْأَلُهُ

خَوْفَ السُّؤَالِ كأَنْ في جِلدِه وَبَرُ

أنى ترى َ عاطلاً منْحلي مكرمٍة

وكلَّ يَوْمٍ تُرَى في مالِكَ الغِيَرُ !

للَّهِ دَرُّ بَنِي عبْدِ العَزِيزِ فكَمْ

أردوا عزيزِ عدى ِّ في خدهَّ صعر

يا ليتَ شعري منْ هاتا مآثرهُ

ماذا الذي ببلوغِ النجمِ ينتظرُ

بالشعرِ طولٌ إذا اصطكتْ قصائدهُ

في مَعْشَرٍ وبهِ عَنْ مَعْشر قِصَرُ

سافرْ بطرفكَ في أقصى مكارمنا

إنْ لم يكنْ لكَ في تأْسِيسها سَفَرُ

هلْ أورقَ المجدُ إلاَّ في بني أددٍ

لوْلا أَحادِيثُ بَقَّتْها مآثِرُنا

مِنَ النَّدى والرَّدَى لم يُعْجِب السَّمرُ