رقتْ حواشي الدهرُ فهيَ تمرمرُ |
وغَدَا الثَّرَى في حَلْيِهِ يَتكسَّرُ |
نَزلَتْ مُقَدمَة ُ المَصِيفِ حَمِيدة ً |
ويدُ الشتاءِ جديدة ُ لا تكفرُ |
لولا الذي غرسَ الشتاءُ بكفهِ |
لاَقَى المَصِيفُ هَشَائِماً لاتُثْمِرُ |
كمْ ليلة ٍ آسى البلادَ بنفسهِ |
فيها ويَوْمٍ وَبْلُهُ مُثْعَنْجِرُ |
مَطَرٌ يَذُوبُ الصَّحْوُ منه وبَعْدَه |
صَحْوٌ يَكادُ مِنَ الغَضَارة يُمْطِرُ |
غَيْثَانِ فالأَنْوَاءُ غَيْثٌ ظاهِرٌ |
لكَ وجههُ والصحوُ غيثٌ مضمرٌ |
وندى ً إذا ادهنتْ بهِ لممُ الثرى |
خِلْتَ السحابَ أتاهُ وهو مُعَذرُ |
أربيعنا في تسعَ عشرة َ حجة ً |
حَقّاً لَهِنَّكَ لَلرَّبيعُ الأزْهَرُ |
ما كانتِ الأيامُ تسلبُ بهجة ً |
لو أنَّ حسنَ الروضِ كانَ يعمرُ |
أولا ترى الأشياءَ إنْ هيَ غيرتْ |
سَمُجتْ وحُسْنُ الأرْضِ حِينَ تُغَيَّرُ |
يا صاحِبَيَّ تَقصَّيا نَظرَيْكُمَا |
تريا وجوهَ الأرضِ كيفَ تصورُ |
تريا نهاراً مشمساً قد شابهُ |
زهرُ الربا فكأنما هو مقمرُ |
دنيا معاشٌ للورى حتى إذا |
جليَ الربيعُ فإنما هيَ منظرُ |
أضحتْ تصوغُ بطونها لظهورها |
نَوْراً تكادُ له القُلوبُ تُنَورُ |
مِن كل زَاهِرَة ٍ تَرقْرَقُ بالنَّدَى |
فكأنها عينٌ عليهِ تحدرُ |
تَبْدُو وَيحجُبُها الجَمِيمُ كأنَّها |
عَذْرَاءُ تَبْدُو تارَة ً وتَخَفَّرُ |
حتَّى غَدَتْ وَهَدَاتُها ونِجَادُها |
فِئتيْنِ في خِلَعِ الرَّبيع تَبَخْتَرُ |
مُصْفَرَّة ً مُحْمَرَّة ً فكأنَّها |
عُصَبٌ تَيَمَنُّ في الوَغَا وتَمَضَّرُ |
منْ فاقعِ غضَّ النباتِ كأنهُ |
دُرٌّ يُشَقَّقُ قَبْلُ ثُمَّ يُزَعْفَرُ |
أو ساطعِ في حمرة ٍ فكأنَّ ما |
يدنو إليهِ منَ الهواءِ معصفرُ |
صنعُ الذي لولا بدائعٌ صنعهِ |
ماعَادَ أصْفَرَ، بَعْدَ إِذْ هُوَ أَخْضَرُ |
خلقٌ أطلَّ منَ الربيعِ كأنهُ |
خلقٌ الإمامِ وهديهُ المتيسرِ |
في الأَرْضِ مِنْ عَدْلِ الإمام وجُودِه |
ومِنَ النّباتِ الغض سُرْجٌ تَزْهَرُ |
تُنْسَى الرياض وما يُرَوّضُ فَعْلُه |
أَبَداً على مَرّ اللَّيالي يُذْكَرُ |
إنَّ الخَلِيفَة َ حينَ يُظلِمُ حادثٌ |
عينُ الهدى وله الخلافة ٌ محجرُ |
كَثُرَتْ بهِ حَرَكاتُها ولقَدْ تُرَى |
منْ فترة ٍ وكأنها تتفكرُ |
ما زِلْتُ أَعْلَمُ أَنَّ عُقْدَة َ أَمْرِها |
في كفهِ مذ خليتْ تتخيرُ |
سكنَ الزمانُ فلا يدٌ مذمومة ً |
للحادِثَاتِ ولا سَوَامٌ يُذْعَرُ |
نَظَمَ البِلادَ فأَصبَحتْ وكأنَّها |
عقدٌ كأنَّ العدلَ فيهِ جوهرُ |
لم يبقَ مبدى موحشٌ إلاَّ ارتوى |
مِنْ ذِكْرهِ فكأنَّما هُوَ مَحْضَرُ |
ملكٌ يضلُّ الفخرُ في أيامهِ |
ويقلُّ في نفحاتهِ ما يكثرُ |
فَلَيَعْسُرَنَّ على اللَّيَالي بَعْدَهُ |
أنْ يبتلى بصروفهنَ المعسرُ |