كذا فليجلَّ الخطبُ وليفدحِ الأمرُ |
فليسَ لعين لم يفضْ ماؤها عذرُ |
توفيتِ الآمالُ بعدَ محمد |
وأصبحَ في شغل عنِ السفر السفرُ |
وما كانَ إلا مالَ من قلَّ مالهُ |
وذخراً لمنْ أمسى وليسَ له ذخرُ |
وما كانَ يدري مجتدي جودِ كفهِ |
إذا ما استهلَّتْ أَنَّه خُلِقَ العُسْرُ |
ألا في سبيلِ اللهِ منْ علطتْ له |
فِجَاجُ سَبِيلِ اللهِ وانثغَرَ الثَّغْرُ |
فَتًى كُلَّما فاضَتْ عُيونُ قَبِيلة ٍ |
دماً ضحكتْ عنه الأحاديثُ والذكرُ |
فتى ماتَ بين الضربِ والطعنِ ميتة ً |
تقومُ مقامَ النصرِ إذْ فاتهَ النصرُ |
وما ماتَ حتى ماتَ مضربُ سيفهِ |
مِنَ الضَّرْبِ واعْتَلَّتْ عليهِ القَنا السُّمْرُ |
وقد كانَ فَوْتُ المَوْتِ سَهْلاً فردَّهُ |
إليه الحِفاظُ المرُّ والخُلُقُ الوَعْرُ |
ونفسٌ تعافُ العارَ حتى كأنَّه |
هو الكفرُ يومَ الروعِ أوْ دونَه الكفرُ |
فأثبتَ في مستنقعِ الموتِ رجله |
وقال لها منْ تحت أخمصكِ الحشرُ |
غَدَا غَدْوَة ً والحَمْدُ نَسْجُ رِدائِهِ |
فلم ينصرفْ إلا وأكفانُه الأجرُ |
تردى ثيابَ الموتِ حمراً فما دجا |
لها الليلُ إلاَّ وهْيَ مِنْ سُنْدُسٍ خَضْرُ |
كأنَّ بَنِي نَبْهَانَ يومَ وَفاتِه |
نُجومُ سَماءٍ خَرَّ مِنْ بَيْنها البَدْرُ |
يعزونَ عن ثاوٍ تُ عزى بهِ العلى |
ويبكي عليهِ الجودُ والبأسُ والشعرُ |
وأني لهمْ صبرٌ عليه وقد مضى |
إلى الموتِ حتى استشهدوا هو والصبرُ! |
فتًى كانَ عَذْبَ الرُّوحِ لامِنْ غَضاضَة ٍ |
ولكنَّ كبراً أنْ يقالَ به كبرُ! |
فتى سلبتهُ الخيلُ وهوَ حمى لها |
وبَزَّتْهُ نارُ الحَرْبِ وهْوَ لها جَمْرُ |
وقدْ كانتِ البيضُ المآثيرُ في الوغى |
بَواتِرَ فهْيَ الآنَ مِن بَعْدِهِ بُتْرُ |
أمنْ بعدِ طيِّ الحادثاتِ محمداً |
يكونُ لأثوابِ الندى أبداً نشرُ ؟! |
إذا شجراتُ العرفِ جذَّتْ أصولها |
ففي أيِّ فرعٍ يوجدُ الورقُ النضرُ ؟ |
لَئِنْ أُبغِضَ الدَّهْرُ الخَؤونُ لِفَقْدِهِ |
لَعَهْدِي بهِ مِمَّنْ يُحَبُّ له الدَّهْرُ |
لئنْ غدرتْ في الروعِ أيامُه بهِ |
لَما زَالتِ الأيَّامُ شِيمتُها الغَدْرُ |
لئن ألبستْ فيهِ المصيبة َ طيءٌ |
لَمَا عُريَتْ منها تَمِيمٌ ولا بَكْرُ |
كذلكَ ما نَنفَكُّ نَفْقدُ هالِكاً |
يُشارِكُنا في فَقْدِهِ البَدْوُ والحضْرُ |
سقى الغيثُ غيثاً وارتِ الأرضُ سخصه |
وإنْ لم يكنْ فيهِ سحابٌ ولا قطرُ |
وكيفَ احتمالي للسحابِ صنيعة ً |
بإسقائِها قَبْراً وفي لَحدِهِ البَحْرُ ! |
مضى طاهرَ الأثوابِ لم تبقَ روضة ٌ |
غداة ً ثوى إلا اشتهتْ أنَّها قبرُ |
ثَوَى في الثَّرَى مَنْ كانَ يَحيا به الثَّرَى |
ويغمرُ صرفَ الدهرِ نائلُهُ الغمرُ |
عليك سَلامُ اللهِ وَقْفاً فإنَّني |
رَأيتُ الكريمَ الحُرَّ ليسَ له عُمْرُ |