أحمـد بـن بـلا

1919م-2012
ولد أحمد بن بلا أول رئيس للجمهورية الجزائرية وقائد ثورتها في قرية مرنية بالقرب من
وهران بالجزائر. أما هو فيقول أنه على الأرجح ولد في قرية اسمها "مغنية" بين سنتي 1916 و1918.

درس في ابتدائية القرية ثم انتقل إلى تلمسان ليتابع دراسته الثانوية. كان والده مغربياً من مدينة
مراكش ومن قبيلة اسمها "عرش أولاد سيدي الرحال"، قدم إلى "مغنية" لأسباب خاصة أجبرته على الهجرة. أما والدته فهي ابنة عم والده هاجرت من مراكش إلى "مغنية" بحراً في نهايات القرن التاسع عشر خوفا من الطرق البرية التي لم تكن آمنة.

بدأ بن بلا وعيه الوطني وهو بعد في الصفوف الثانوية. فقد "شعرنا"، كما يقول "بأننا جزائريون وهم فرنسيون.. نحن مسلمون وهم كفار.. وكان الوعي مبكراً. وقد أيدنا ودعمنا ثورة الأمير عبد الكريم الخطابي عندما نشبت ضد الفرنسيين والاسبان".. ويقول: "إن أول ما حصلت عليه وقرأته كان كتاب غوستاف لوبون "تاريخ العرب" وكان ممنوعاً ولو وجدوه عندي، فالعقوبة لا تقل عن سنتين"..

التحق بخدمة الجيش الفرنسي في فترة الخدمة الإلزامية. وخلال هذه الفترة صارت عملية الحصول على الكتب أفضل من قبل. "وقد تكرست في نفسي"، كما يقول: "هواية القراءة السياسية". وقال إنه قرأ في هذا الوقت كل مؤلفات الأمير
شكيب إرسلان مترجمة إلى الفرنسية وسواه من الزعماء المسلمين والعرب.

اتصل أثناء وجوده في الجيش الفرنسي بحزب الشعب الجزائري ولكنه لم ينتسب إليه في تلك الفترة. وعند خروجه من الجيش نهائياً سنة 1945 بدأ عمله في هذا الحزب في قريته مغنية مع عبد القادر بركة.

دخل السجن لأول مرة سنة 1950 وبقي فيه حوالى السنتين. وكانت التهمة الموجهة إليه تأسيس منظمة سرية تمس أمن الدولة. وبعد الإفراج عنه سنة 1952 ذهب إلى القاهرة حيث كرّس وقته ونشاطه للعمل "ليلاً ونهاراً من أجل الثورة". وكانت القاهرة يومها قد انتصرت على العهد الملكي وقامت ثورة يوليو/ تموز 1952. ويقول بن بلا عن هذه الفترة: "لقد ارتبطنا في تلك الأيام برباط من الأخوة والجهاد والمحبة، وكان رباطاً ثورياً نظيفاً وطاهراً بين ثورة يوليو وثورة نوفمبر".

ثورة أول نوفمبر 1954 هي ثورة الجزائر ضد الفرنسيين وحكمهم المستمر منذ أكثر من قرن وربع القرن. فقد كانت ثورة ضد استعمار استيطاني أسسها وقادها أحمد بن بلا نفسه.

يقول بن بلا عن هذه الثورة إنها لم تكن حصيلة نضال عفوي، بل ثمرة نضال بدأ سنة 1926 قاده "حزب النجم الشمالي أفريقي" الذي تأسس في فرنسا في العشرينات، ثم تسلم راية النضال حزب الشعب في الثلاثينات، هذا الحزب الذي عمّق مفهوم الثورة ولاقى الكثير من الاضطهاد الشديد وتصدّر المطالبة باستقلال الجزائر الذي سبق أن وعدت فرنسا به إذا ما انتصر الحلفاء على ألمانيا النازية. وكانت فرنسا قد جندت أعداداً ضخمة من الجزائريين والمغاربة للقتال في صفوفها بفضل هذا الوعد.

وافقت فرنسا على الترخيص لحزب الشعب سنة 1947 بعد صدامات واسعة مع الجزائرين قتل في إحداها فقط عام 1945 أكثر من خمسة وأربعين ألف جزائري (مايو/أيار 1945) أثناء تظاهرهم مطالبين بالاستقلال.

رحب الحزب بالترخيص له للعمل علناً ولكنه حافظ على كوادره السرية التي أكملت عملها "تحت السطح".

جاءت الانتخابات وسيطر حزب الشعب على كل الأصوات في جميع المدن والبلديات مما أزعج فرنسا وخططت لضرب الحزب بدءاً بتفجير التناقضات التي كانت تظهر بين حين وآخر داخل الحزب، فاستمالت الركن الأساس في "فرع الحزب العلني" مصالي الحاج بينما بقي "الفرع السري" على عدائه للمستعمرين، مؤمنا بالثورة طريقاً لتحرير الجزائر. وكان هذا الفرع قد أسس "الكشافة المسلمين" الجزائريين فعمل على تصعيد التدريبات العسكرية داخل إطار الكشافة. كان هذا التنظيم الذي ترأسه في تلك الفترة آيت أحمد قوي التركيب منضبط قائما على الإسلام. فكانت أناشيده إسلامية والصلاة إجبارية والكتب الموضوعة بين يدي الأعضاء إسلامية التوجيه.

انفجرت الثورة الجزائرية في تشرين الثاني/نوفمبر 1954. إتخذ قرار اعتماد الكفاح المسلح في 25 تموز/يوليو 1954 في "كلو سالمبيه" في مدينة الجزائر. وكانت اللجنة التي اتخذته تتألف من اثنين وعشرين زعيماً بينهم محمد بو ضياف، العربي بن مهيدي، يوسف زيغوت ومراد ديدوش وسواهم. وكان بن بلا يومها في الخارج يتنقل متخفيا بجواز سفر مزور يحمل اسم مزياني مسعود.

انتخب بن بلا بعد انتصار الثورة أول رئيس للجمهورية الجزائرية، وانتهى حكمه على اثر انقلاب عسكري قاده العقيد هواري بومدين سنة 1965 وأودع بن بلا وبعض رفاقه السجن.

تزوج أحمد بن بلا وهو في السجن عام 1970 من صحفية جزائرية اسمها زهرة كانت معارضة له. وبعد مقابلته في السجن انقلبت إلى مؤيدة له ولقضيته وبقيت معه في السجن سبع سنوات أنجبا خلالها ابنتيهما مهدية ونورية. أما ابنهما علي فقد أنجباه خارج السجن.

  


القاهرة