لنمنا وصرف الدهر ليس بنائم أبو تمام

لنمنا وصرفُ الدهرِ ليسَ بنائمٍ

خزمنا لهُ قسراً بغيرِ خزائمِ

ألَسْتَ تَرى سَاعَاتِهِ واقتِسَامَها

نفوسَ بني الدنيا اقتسامَ الغنائمِ ؟

لَيَالٍ إذا أنحَتْ عليكَ عُيونَها

أرتْكَ اعتباراً في عيونِ الأراقمِ

شرقنا بذمِّ الدهرِ يا سلمُ إنهُ

يسيء فما يألو وليس بظالمِ

إذا فقد المفقودُ من آل مالكٍ

تَقَطَّعَ قَلْبي رَحْمَة ً للمَكارِمِ

خليليَّ من بعد الأسى والجوى قفا

ولاتَقِفا فَيْضَ الدُّموعِ السَّواجِمِ

أَلِمَّا فهَذا مَصْرَعُ البأْسِ والنَّدَى

وحسبُ البكا إنْ قلتُ مصرعُ هاشمِ

ألمْ تريا الأيامَ كيفَ فجعننا

بهِ ثمَّ قدْ شاركننا في المآتم؟!

خَطَوْنَ إليهِ مِنْ نَدَاهُ وبأْسِهِ

خَلائِقَ أوْقَى مِنْ سُتُورِ التَّمائِمِ

خَلائِقَ كالزَّغْفِ المُضَاعَفِ لم تَكُنْ

لِتَنْفُذَها يَوْماً شَبَاهُ اللَّوائِمِ

ولو عاشَ فينا بعضَ عيشِ فعالهِ

لأخلقَ أعمارَ النسورِ القشاعمِ

رَأَى الدَّهْرُ مِنْهُ عَثْرَة ً ماأقالَها

وهَلْ حازِمٌ يَأْوِي لِعَثْرة ِ حَازِمِ 

لَئِنْ كانَ سَيْفُ المَوْتِ أسودَ صارِماً

لقدْ فلَّ منهُ حدَّ أبيض صارمِ

أصابَ امرءاً كانتْ كرائمُ مالهِ

عليهِ إذا ما سيلَ غيرَ كرائمِ

جَرَى المَجْدُ مَجْرَى النَّوْمِ منه فلم يَكُنْ

بغيرِ طعانٍ أو سماحٍ بحالمِ

تبينُ في إشراقِهِ وهوَ نائمٌ

بأنَّ الندى في روحهِ غيرُ نائمِ

فإنَّ توهِ في الدنيا دعائمُ عمرِهِ

فما جُودُه فيها بِوَاهي الدَّعائِمِ

إذا المرءُ لم تهدمْ علاهُ حياتُهُ

فليسَ لها الموتُ الجليلُ بهادِمِ

أهاشمُ صارَ الدمعُ ضربة َ لازمٍ

وماكانَ لَوْلا أنتَ ضَرْبَة لازِمِ

أهاشمُ للحيينِ فيكَ مصائبٌ

دلوه جُمعتْ كانتْ لبعضِ المَواسمِ

مَسَاعٍ تَشَظَّتْ في المَواسِمِ كُلها

ولو جمعتْ كانتْ كبعضِ المواسمِ

لَيَوْمُكَ عندَ الأَزْدِ يَوْمٌ تَخَزَّعَتْ

خُزَاعة ُ مِنها في بُطونِ التَّهَائمِ

وما يَوْمُ زُرْتَ اللَّحْدَ يَوْمُكَ وَحْدَه

علينا ولكنْ يومُ عمرٍو وحاتمِ

فكمْ ملحدٍ في يوم ذلك غانمٍ

وكم منبرٍ في يوم ذلك غارمِ !

لئن عمَّ ثكلاً كلَّ شيءٍ مصابُهُ

لَقَدْ خَصَّ أطرافَ السُّيوفِ الصَّوارِمِ

تسلبتِ الدنيا عليهِ فأصبحتْ

خَلائِقُها مِثلَ الفِجَاجِ القَواتِمِ

وما نَكْبَة ٌ فاتتْ بهِ بِعَظيمة ٍ

ولكنَّها مِنْ أُمَّهَاتِ العَظَائِمِ

بني مالكِ قدْ نبهتْ خاملَ الثرى

قُبُورٌ لكمْ مُستَشْرِفاتُ المَعَالِمِ

رَوَاكِدُ قِيسُ الكَف مِنْ مُتنَاوِلٍ

وفيها عُلًى لاتُرتَقَى بالسَّلالِمِ

قضيتم حقوقَ الأرضِ منكمْ بأعظمٍ

عظَامٍ قَضَتْ دَهْراً حُقُوقَ المَقَاوِمِ

خدعتُ لئن صدَّقتُ أنَّ غيابة ً

تكشفُ إلا عن وجوهِ الهيائمِ

رَأَيتُهمُ رِيشَ الجَنَاحِ إذا ذَوَتْ

قَوادِمُ منها أُيدَتْ بِقَوَادِمِ

إذَا اختَلَّ ثَغْرُ المَجْدِ أضحَى جِلادُهمْ

ونائلهمْ من حولهِ كالعواصمِ

فلا تطلبوا أسيافهُمْ في جفونِها

فقدْ أسكنتْ بينَ الطلى والجماجمِ

إذَا ما رِماحُ القَوْمِ في الرَّوْعِ أُكرِمَتْ

مشَارِبُهَا عاشُوا كِرَامَ المَطَاعِمِ