عنت فأعرض عن تعريضها أربي أبو تمام

عَنَّتْ فأَعْرَضَ عَنْ تَعْرِيضَها أَرَبي

يا هذه اعذري في هذه النكبِ

إليكِ ويلكِ عمن كان ممتلئاً

وَيْلاً عليكِ ووَيْحاً غيرَ مُنْقَضِبِ

في صدرهِ من همومٍ يعتلجن بهِ

وسَاوِسٌ فُرَّكٌ لِلخُرَّدِ العُرُبِ

ردَّ اتدادُ الليالي غربَ أدمعهِ

فذابَ هما وجمدُ العينِ لم يذبِ

لا أَنَّ خَلْفَكِ لِلَّذَّاتِ مُطَّلَعاً

لكنَّ دونكِ موتَ اللهو والطربِ

وحادثاتِ أَعاجِيبٍ خَساً وَزَكاً

ما الدهرُ في فعلهِ إلاّ أبو العجبِ

يغلبن قومَ الكماة ِ المعلمينَ بها

و يستقدنَ لفرسانٍ على القصبِ

فما عدمتُ بها لا جاحداً عدماً

صبراً يقومُ مقامَ الكشفِ للكربِ

ما يحسمُ العقلُ والدنيا تساسُ يهِ

مايحسم الصبرُ في الأحداثِ والنوبِ

الصَّبْرُ كاسٍ وَبَطْنُ الكَف عارِيَة ٌ

والعَقْلُ عارٍ إذا لم يُكْسَ بالنَّشَبِ

ما أَضيَعَ العَقْلَ إِنْ لم يَرْعَ ضَيْعَتَه

وفرٌ وايُّ رحى ً دارت بلا قطبِ

نَشِبْتُ في لُجَجِ الدُّنيا فأَثْكَلَني

مالي وأبتُ بعرضٍ غيرِ مؤتشبِ

كَمْ ذُقْتُ في الدَّهْرِ مِنْ عُسْرٍ ومِنْ يُسُرٍ

و في بني الدهرِ من رأسٍ ومن ذنبِ

أَغَضي إِذا صَرْفُهُ لم تُغْضِ أَعينُهُ

عَني وأَرضَى إِذا ما لَجَّ في الغَضَبِ

وإِنْ بُلِيْتُ بِجِدٍّ مِنْ حُزُونَتِه

سهلتهُ فكأني منهُ في لعبِ

مقصرٌ خطراتِ الهمِّ في بدني

عِلْماً بأَنيَ ما قَصَّرْتُ في الطَّلَبِ

بأيّ وخدِ قلاصٍ واجتيابِ فلاً

أدراكُ رزقٍ إذاما كان في الهربِ

ماذا عليّ إذا لم يَزُلْ وَتَرِي

في الرمي ان زلن أغراضي فلم أصبِ

في كلّ يومٍ أظافيري مفللة ٌ

تَسْتَنْبِطُ الصُّفْرَ لي مِنْ مَعْدِنِ الذَّهَبِ

ما كنتُ كالسَّائِلِ الأَيَّامِ مُخْتَبِطاً

عَنْ لَيْلَة ِ القَدْرِ في شَعْبَانَ أَوْ رَجَبِ

بل سافعٌ بنواصي الأمرِ مشتملٌ

على قَوَاصِيهِ في بَدْءٍ وفي عَقَبِ

ما زلتُ أرمي بآمالي مراميها

لم يُخْلِقِ العِرْضَ مني سُوءُ مُطَّلَبي

بغربة ٍ كاغترابِ الجودِ ان برقت

بأوبة ٍ ودقت بالخلف والكذبِ

إذا عنيتُ لشأوٍ قلتُ إني قد

أَدْركْتُهُ أَدرَكَتْني حِرْفَة ُ الأَدَبِ!

وخَيْبَة ٍ نَبَعتْ مِن غَيْبَة ٍ شَسَعَتْ

بأَنْحُسٍ طَلَعَتْ في كل مُضْطَرَبِ

ما آبَ مَنْ آبَ لم يَظْفَرْ بِبُغْيتِهِ

ولم يَغِبْ طالِبٌ للنُّجْحِ لم يَخِبِ!