الدارُ ناطقة ٌ وليستْ تنطقُ |
بدثورها أنَّ الجديدَ سيخلقُ |
دمنٌ تجمعتِ النوى في ربعها |
وتَفَرَّقَتْ فيها السَّحابُ الفُرَّقُ |
فترقرقتْ عيني مآقيها إلى |
أَنْ خِلْتُ مُهْجَتي التي تَتَرقْرَقُ |
يا سهمُ كيفَ يفيقُ من سكرِ الهوى |
حَرَّانُ يُصْبَحُ بالفِرَاقِ ويُغْبَقُ؟! |
ما زالَ مشتملَ الفؤادِ على أسى ً |
والبَيْنُ مُشْتَمِلٌ على مَنْ يَعْشَقُ |
حكمتْ لأنفسها الليالي أنَّها |
أَبداً تُفَرقُنا ولاتَتَفَرَّقُ |
عمرِي لقَدْ نَصَحَ الزَّمانُ وإِنَّه |
لمنَ العجائبِ ناصحٌ لا يشفقُ ! |
إنْ تلغِ موعظة َ الحوادثِ بعدما |
وضحتْ فكمْ منْ جوهرٍ لا ينفقُ ! |
إِنَّ العَزَاءَ وإِنْ فَتى ً حُرِمَ الغِنَى |
رزقٌ جزيلٌ للذي لا يُرزقُ ! |
هممُ الفتى في الأرضِ أغصانُ الغنى |
غُرِسَتْ وليسَتْ كلَّ عامٍ تُورِقُ |
يا عُتْبَة َ ابنِ أَبي عُصَيْمٍ دَعْوَة ً |
شَنْعَاءَ تَصْدِمُ مِسْمَعَيْكَ فتَصْعَقُ |
أخرست إذْ عاينتني حتى إذا |
ما غبت عنْ بصري ظللتَ تشدَّقُ ؟! |
وكذا اللئيم يقولُ إنْ نأتِ النوى |
بِعَدوهِ ويَحُولُ ساعَة َ يُصْدَق |
عَيْرٌ رَأَى أَسدَ العَرينِ فَهَالَه |
حتَّى إِذَا وَلَّى تَوَلَّى يَنْهَقُ! |
أَوْ مِثْلَ رَاعي السُّوءِ أَتلفَ ضأْنَه |
ليلاً وأصبحَ فوقَ نشزٍ ينعقُ ! |
هيهاتَ غالكَ أنْ تنالَ مآثري |
إستٌ بها سعة ٌ وباعٌ ضيقُ ! |
وتَنْقُّلٌ مِنْ مَعْشَرٍ في مَعْشَرٍ |
فكأنَّ أمَّكَ أوْ أباكَ الزئبقُ |
أإلى بنِي عَبدِ الكَريمِ تَشاوَسَتْ |
عَيْنَاكَ وَيْلَكَ خِلْفَ مَنْ تَتَفَوَّقُ |
قَوْمٌ تَراهُمْ حينَ يَطْرُقُ مَعْشَرٌ |
يسمونَ للخطبِ الجليلِ فيطرِقُ |
قومٌ إذا اسودَّ الزمانُ توضحوا |
فيهِ فغُودِرَ وَهوَ مِنْهُمْ أَبلَقُ |
ما زالَ في جرمِ بن عمروٍ منهمُ |
مفتاحٌ بابٍ للندى لا يُغلقُ |
ما أنشئتْ للمكرمات سحابة ٌ |
إلا ومنْ أيديهمُ تتدفَّقُ |
أنظرْ فحيثُ ترى السيوفَ لوامعاً |
أَبَداً فَفَوْقَ رُؤُوسِهِم تَتَأَلَّقُ |
شوسٌ إذا خفقتْ عقابُ لوائِهمْ |
ظلَّتْ قلوبُ الموتِ منهمْ تخفقُ |
بُلْهٌ إِذا لَبِسُوا الحَدِيدَ حَسِبتَهُم |
لم يحسبوا أنَّ المنية َ تخلقُ |
قلْ ما بدا لك يا ابنَ ترنَا فالصَّدا |
بِمُهَذَّبِ العِقيانِ لا يَتَعَلَّقُ |
أَفَعِشْتَ حتَّى عِبْتَهم قُل لي مَتى |
فَرزِنتُ سُرْعَة َ ما أرَى يا بَيدَقُ |
جدعاً لأنفِ طيءٍ إنْ فتَّها |
وَلَوَأنَّ رُوحَك بالسماكَ مُعَلَّقُ |
إني أراكَ حلمتَ أنَّكَ سالمٌ |
مِنْ بَطْشِهِمْ ما كلُّ رُؤيا تَصْدُقُ |
إِيَّاكَ يَعني القائلونَ بِقَوْلِهِم |
إنَّ الشقيَّ بكلِّ حبلٍ يخنقُ |
سِر أَينَ شِئْتَ مِنَ البِلادِ فإِنَّ لي |
سوراً عليكَ من الرجالِ يخندقُ |
وقبيلة ً يدعُ المتوجُ خوفهمْ |
فكأنَّما الدنيا عليهِ مطبقُ |
وقَصائداً تَسْري إليكَ كأنَّها |
أَحلامُ رُعْبٍ أَوْ خُطُوبٌ طُرَّقُ |
من منهضاتكَ مقعداتِكَ خائفاً |
مستوهلاً حتى كأنَّكَ تطلِقُ |
مِنْ شاعِرٍ وقَفَ الكَلامُ بِبابهِ |
واكْتَنَّ في كَنَفي ذَرَاهُ المَنْطِقُ |
قدْ ثقفتْ منهُ الشآمُ وسهلتْ |
منه الحجازُ ورققتْهُ المشرِقُ |