غدَوتَ مريضَ العقلِ والدّينِ فالقَني |
لتسمعَ أنباءَ الأمورِ الصحائحِ |
فلا تأكُلْن ما أخرجَ الماء، ظالماً، |
ولا تبغِ قوتاً من غريض الذّبائحِ |
وأبيَضَ أُمّاتٍ، أرادتْ صريحَه |
لأطفالها، دون الغواني الصّرائح |
ولا تفجَعَنّ الطّيرَ، وهيَ غوافلٌ، |
بما وضعتْ، فالظّلمُ شرُّ القبائح |
ودعْ ضرَبَ النّحل، الذي بكَرت له، |
كواسِبَ منْ أزهارِ نبتٍ فوائح |
فما أحرزَته كي يكونَ لغيرِها، |
ولا جمَعَتْهُ للنّدى والمنائح |
مسحْتُ يدي من كلّ هذا، فليتني |
أبَهْتُ لشأني، قبل شيب المسائح |
بَني زمني، هل تعلمون سرائراً، |
علمتُ، ولكني بها غيرُ بائح؟ |
سريتمْ على غَيٍّ، فهلاّ اهتدَيتمُ |
بما خيّرَتْكُمْ صافياتُ القرائح |
وصاحَ بكم داعي الضّلال، فما لكم |
أجَبتمْ، على ما خيّلتْ، كلَّ صائح؟ |
متى ما كشَفْتمْ عن حقائقِ دِينِكمْ، |
تكشّفتمُ عن مُخزياتِ الفضائح |
فإن تَرشُدوا لا تخضبوا السّيفَ من دمٍ، |
ولا تُلزِموا الأميالَ سَبرَ الجرائح |
ويُعجبني دأبُ الذينَ ترهَبوا، |
سوى أكلِهمْ كدَّ النفوسِ الشّحائح |
وأطيبُ منهم مطعماً، في حياته، |
سُعاةُ حلالٍ، بين غادٍ ورائح |
فما حبسَ النّفسَ المسيحُ تعبُّداً، |
ولكن مشى، في الأرض، مِشيةَ سائح |
يغيّبُني، في التُّربِ، من هو كارهُ، |
إذا لم يغيّبْني كَريهُ الرّوائح |
ومن يَتوقّى أنْ يجاورَ أعظُماً، |
كأعظُمِ تلكَ الهالكاتِ الطّرائح |
ومن شرّ أخلاقِ الأنيسِ، وفعلِهم، |
خُوارُ النّواعي والْتِدامُ النّوائح |
وأصفَحُ عن ذنبِ الصّديقِ وغيره، |
لسكنايَ بيتَ الحقّ بينَ الصّفائح |
وأزهدُ في مدح الفتى، عند صِدْقهِ، |
فكيفَ قبولي كاذباتِ المدائح! |
وما زالتِ النّفسُ اللّجوجُ مطيةً، |
إلى أن غدتْ إحدى الرّذايا الطّلائح |
وما يَنْفَعُ الانسانَ أنّ غمائماً |
تَسُحُّ عليهِ، تحتَ إحدى الضّرائح |
ولو كان، في قُربٍ من الماءِ، رغبةٌ، |
لنافسَ ناسٌ في قبورِ البطائح |