أخوكِ مُعَذَّبٌ يا أُمّ دفرٍ، |
أظَلّتْهُ الخطوبُ وأرهقَتهُ |
وما زالتْ معاناةُ الرّزايا |
على الإنسانِ، حتى أزهَقَته |
كأنّ حَوادِثَ الأيّامِ آمٌ، |
تُريقُ بجَهلِها ما أدهَقَته |
تَروقُكَ من مَشارِبها بمُرٍّ، |
وكلُّ شَرابِها ما روّقَته |
ونَفسي والحَمامةُ لم تُطَوَّقْ، |
مُيَسِّرَةٌ لأمْرٍ طُوّقَتْه |
أرى الدّنيا، وما وُصِفَتْ ببِرٍّ، |
متى أغنَتْ فَقيراً أوهَقَته |
إذا خُشِيَتْ لشَرٍّ عَجّلَتهُ؛ |
وإنْ رُجيَتْ لخَيرٍ عوّقَته |
حَياةٌ، كالحِبالةِ، ذاتُ مكرٍ؛ |
ونفسُ المرءِ صَيدٌ أعلَقَته |
وأنظُرُ سَهمَها قد أرسَلَتهُ |
إليّ بنكبَةٍ، أو فوّقَته |
فَلا يُخدَعْ، بحيلَتِها، أريبٌ، |
وإنْ هيَ سوّرَتْهُ ونَطّقَته |
تعلّقَها ابنُ أُمّكَ في صِباهُ، |
فهامَ بفارِكٍ ما عُلّقَتْه |
أجَدّتْ في مُناهُ وعودَ مَينٍ، |
إلى أن أخلَفتَه، وأخلَقتَه |
يُطَلِّقُ عِرْسَه، إن مَلّ منها، |
ويأسَفُ إثرَ عِرسٍ طَلّقَته |
أكلّتْهُ، النّهارَ، وأنصَبَتْهُ، |
وأشكَتهُ، الظّلامَ، وأرّقَته |
سقَتهُ زمانَهُ مَقِراً وصاباً، |
وكأسُ الموتِ آخِرُ ما سقَته |
وما عافَتهُ، لكنْ عَيّفَتهُ؛ |
وما نتَقَتْ علاه، بل انتَقَتْه |
نُبَكّي للمُغَيَّبِ في ثراه، |
وذلكَ مُستَرَقٌّ أعتَقَتْه |
عَجوزُ خِيانَةٍ حضَنَتْ وليداً، |
فلَدّتْهُ الكَريهَ وشرّقَته |
أذاقَتْهُ شَهِيّاً من جَناها، |
وصَدّتْ فاهُ عَمّا ذَوّقَته |
تُشَوِّقُهُ إلَيهِ بسوءِ طَبعٍ، |
ليُشقِيَهُ عَذابٌ شَوّقَتْه |
أضَرّتْ بالصَّفا وتَخَوّنَتْهُ، |
ومَرّتْ بالصفاء فرنّقَتْه |
عَدَدْنا من كَتائِبِها المَنايا، |
وكم فتَكَتْ بجَمعٍ فرّقَتْه |
قضَتْ دَينَ ابن آمنةٍ، وجازَتْ |
بإيوانِ ابنِ هُرمُزَ فارتَقَته |
طَوتْ عنه النّسيمَ، وقد حَبَته، |
وحَيّتهُ بِنَوْرٍ فتّقَتْه |
كَسَتهُ شبابَهُ ونضَتهُ عَنهُ، |
وكَرّتْ للمَشيبِ، فمَزّقَته |
وعاثَتْ في قُواهُ فحلّمَتْه، |
وقِدْماً أيّدَتْهُ فنَزّقَتْه |
تميتُ مُسافراً، ظلماً، بهَجلٍ، |
وفي بَحرِ المَهالِكِ غَرَّقَتْه |
فإمّا في أريزٍ أخصَرَتْهُ، |
وإمّا في هَجيرٍ حَرّقَتْه |
وما حقَنَتْ، دمَ الإنسانِ فيها، |
رُموسُ في الرَّغامِ تَفَوّقَتْه |
وقد رَفَعتْ غَمائِمَ للرّزايا، |
على وَجهِ الترابِ، فطَبّقَته |
تُؤمِّلُ مَخلَصاً من ضِيقِ أمرٍ، |
وليسَ يُفَكُّ عانٍ أوثَقَتْه |
هيَ افتَتحتْ له، في الأرض، بيتاً، |
فبوّتْه النّزيلَ، وأطبَقَته |
ونحنُ المزمعونَ وشيكَ سيرٍ، |
لِنَسلُكَ في طَريقٍ طَرّقَتْه |
هَوتْ أُمٌّ لنا غدَرَتْ وخانتْ، |
ولم تَشفِ السّليلَ ولا رَقَته |
إذا التَفَتَ ابنُها عَنها بزُهدٍ، |
ثَنَتْهُ بزُخرُفيٍّ نَمّقَته |
ولو قدرَ العبيدُ على إباقٍ، |
لَبادَرَ عَبدُ سُوءٍ أوبَقَته |
أُقاتُ الشيءَ بعدَ الشيءِ فيها، |
ليُمسِكَني، فليتيَ لم أُقَتْه |
عذَلتُ حُشاشةً حَرصتْ عليها، |
فَجاءَتْني بعُذْرٍ لَفّقَتْه |
وتُسألُ عَن بَقاءٍ أُعطيَتْهُ، |
غَداً، في أيّ شيءٍ أنفَقَتْه |
ولَستُ بفاتحٍ للرّزْقِ باباً، |
إذا أيْدي الحَوادثِ أغلَقَته |
تَمَنّى دولَةً رجلٌ غَبيٌّ، |
ولو حازَ المَمالِكَ ما وَقَتْه |
وإنّ المُلكَ طَوْدٌ أثْبَتَتْهُ |
صرُوفُ الدّهرِ، ثُمّتَ أقلَقَته |
ومَنْ يَظفَرْ بأمرٍ يَبتَغيهِ، |
فأقضِيَةُ المُهَيمِنِ وَفّقَتهْ |
لَنا مُهَجٌ يُمازِجُها خِداعٌ، |
تَوَدُّ قَسِيَّها لو نَفّقَتْهُ |
ووالدَةٌ بنَتْ جَسداً بنحضٍ، |
وفاءَتْ فَيْئَةً، فتَعَرّقَتْه |
تَوَطّأتِ الفَطيمَ، على اعتمادٍ، |
فَما أبْقَت علَيهِ، ولا اتّقَتْه |
ولم تكُ رائماً ساءَتْ رَضيعاً، |
وحَنّتْ بَعدَها فتَمَلّقَتْه |
حَياتُكَ هَجعَةٌ: سُهدٌ ونومٌ، |
ورؤيا هاجعٍ ما أنّقَتْه |
فمِنْ حُلمٍ يسرُّكَ أبطَلَتهُ؛ |
ومِنْ حُلْمٍ يضرُّكَ حَقّقَته |
وكمْ أدّى، أمانَتَهُ إلَيها، |
أمينٌ خَوّنَتْهُ، وسَرّقَتْه |
وقائمُ أُمّةٍ زكّتْهُ عَصراً، |
فلمّا أن تمكّنَ، فسّقَته |
وإن أدنَتْ لنا أملاً، فقُلنا: |
أتانا، أبعَدَتهُ وأسحَقَتْه |
ووَقتيَ كالسّفينَةِ سَيّرَتْهُ، |
ومِن سُوءِ الجَرائمِ أوسَقَتْه |
حثتْ، يَبسَ الرَّغامِ على رَضيعٍ، |
يَدٌ، بأبيهِ آدَمَ ألحَقَتْه |
وكم صالَتْ، على بَرٍّ تَقيٍّ، |
أكفٌّ، بالمَواهبِ أرفَقَته |
وأنفاسي موَكَّلةٌ برُوحٍ |
أراحَتها، وعُمرٍ أمحَقَته |