الدهر لونان أعيى ثالث لهما أبو العلاء المعري

الدّهرُ لوْنانِ أعْيى ثالثٌ لهما،

وكم أتاكَ بأشباهٍ وألوانِ

لا أشرَبُ الرّاحَ، أشري طيبَ نَشوَتِها

بالعَقلِ أفضَلِ أنصاري وأعواني

لو كانَ يَعرِفُ دُنياهُ مُصاحِبُها،

أرادَها لعَدوٍّ دونَ إخوان

وإنْ كفَتني عَذابَ اللَّهِ آخِرَةٌ،

فَما أُحاوِلُ منها فَوْزَ رُضوان

والرّزْقُ يُقسَمُ، ما فَتكي بمُنتقِصي

حَظّاً، ولا النُّسكُ في المكروهِ أهواني

سِيحانُ للرّومِ عَذبٌ، ليسَ مورِدُه

مِلحاً كزَمزَمَ، أو عَينٍ لسُلوان

والإنسُ مثلُ نِظامِ الشِّعر، كم رجلٍ

بالجيشِ يُفدى، وكم بَيتٍ بديوان

وأقصرُ الوقتِ كونٌ ثمّ يَنظِمُهُ

حُكمُ القَديمِ، فيُفنيهِ بأكوان

إن جاءَني الخطبُ يَجنيه، بلا سَبَبٍ،

كَيوانُ، فاللَّهَ أرجو، ربَّ كَيوان