مطيتي الوقت، الذي ما امتطيته أبو العلاء المعري

مَطِيّتيَ الوَقتُ، الذي ما امتَطَيتُهُ

بوِدّي، ولكنّ المُهَيمِنَ أمطاني

وما أحَدٌ مُعطِيَّ، واللَّهُ حارِمي،

ولا حارِمي شَيئاً، إذا هوَ أعطاني

هما الفَتيانِ استَوْلَيا بتَعاقبٍ،

وما لهما لُبٌّ، فكيفَ يَشطّانِ؟

إذا مَضَيا لم يَرجِعا، وتَلاهما

نَظيرانِ، بالمُستَودِعاتِ، يُلِطّان

وكلَّ غنيٍّ يسلبانِ من الغِنى،

وكلَّ كميٍّ، عن جَوادٍ، يحطّان

وكم نَزَلا في مَهمَه، وتحَمّلا،

بغيرِ حَسيسٍ، عن جِبالٍ وغِيطان

وما حَمَلا رَحلَينِ، طوراً، فيؤنِسا،

إذا حفزَ الوَشكُ الرّحالَ يَئِطّان

ويَبترِيانِ العَظمَ والنَّحضَ، ذائباً

ليَنتَقياهُ، والأديمَ يَعِطّان

وقد خطرا فحلينِ، لو زالَ عنهما

غِطاءٌ، لكانا بالوَعيدِ يَغِطّان

وما برِحا، والصّمتُ من شيمَتَيهِما،

يقُصّانِ فينا عِبرَةً، أو يَخُطّان

وقد شهَرا سَيفَينِ في كلّ مَعشرٍ،

يُقدّانِ ما همّا به، أو يقُطّان

لَغيرُكَ بالقُرطانِ أوْلى منَ ان يَرى،

وشنفانِ في الأُذنينِ منه، وقُرطان

تريدُ مَقاماً دائماً، ومَسرّةً

بدارِ همومٍ، لم تكن دارَ قُطّان

وما زالَ شَرْطٌ، يُفسِدُ البيعَ، واحدٌ،

فَما بالُهُ لمّا تَظاهَرَ شَرطانِ؟

لقد خدَعَتني أُمُّ دَفْرٍ، وأصبَحَتْ

مؤيَّدَةً، من أُمّ ليلى، بسُلطان

إذا أخذَتْ قِسطاً من العَقلِ هذهِ،

فتلكَ لها في ضِلّةِ المرءِ قِسطان

دعاوى أُناسٍ توجِبُ الشكَّ فيهِمُ،

وأخطأني غَيثُ الحِجى، وتخَطّاني

ألمْ تَرَ أعشَى هُوذَةَ اهتاجَ، يدّعي

معونتَهُ، عندَ المَقالِ، بشَيْطان؟

يُرادُ بنا المَجدُ الرّفيعُ بزَعمِنا،

ونَختارُ لَبثاً في وبيلةِ أوطان

كأنّا غروبٌ مكْرَهاتٌ على العُلى،

تُمَدّ إلى أعلى الرّكيّ بأشْطان

وما العَيشُ إلاّ لُجّةٌ ذاتُ غمرَةٍ،

لها مَولِدُ الإنسانِ والموتُ شطّان

فأحسِنْ بدنياكَ المسيئةِ، إذْ بدَتْ،

عليها وِشاحٌ من نجومٍ وسِمطان

وكم واسعِ الأعطانِ تجزَعُ نفسُه،

ورحبِ فؤادٍ آلفٍ ضِيقَ أعطان

ومَن لي بجُونٍ عندَ كُدْرٍ بقَفرَةٍ،

كأنّهما من آلِ يَعقُوبَ سِبطان

يُجَرُّ بها المِرْطانِ من يمنيّةٍ،

على كلّ غبراءِ الأفاحيصِ مِرطان

تخالُ بها مَسعًى من الصِّلّ مُسقَطاً

من السوط، والعينان في الجنح سِقطان

إذا ما انجَلى خَيطُ الصّباحِ تَبيّنَتْ

حبالُ رمالٍ، ذاتُ عُفْرٍ وخِيطان