تَهاوَنْ بالظّنونِ وما حدَسْنَهْ، |
ولا تخشَ الظّباءَ متى كنسنَهْ |
وأوقاتُ الصِّبا، في كلّ عصْرٍ، |
أراقمُ، والمَنيّةُ ما قلسنَه |
يُجِدْنَ بهَيّنٍ ويَعِدْنَ فيهِ، |
أليسَ، بعلم ربّكَ، قد ألَسْنَه؟ |
يَلُسنَ شخوصَ أهلِ الأرض، حتى |
يُسِخنَ، وراء ذلك، ما يَلُسنه |
وما أنا والظّعائنُ سائراتٍ، |
أغُرْنَ، معَ الغوائرِ، أو جلَسنَه |
ضَرَبتَ لجاهلٍ مَثَلَ الغَواني، |
قَلَبنَ، وما رأبنَ، غداةَ رُسْنَه |
هيَ النّيرانُ، تُحسِنُ من بَعيدٍ، |
وتُحرِقْنَ الأكفَّ، إذا لمَسنَه |
أخذنَ اللُّبَّ أجمعَ، ظاعناتٍ، |
فعُدْنَ وما رَبَعْنَ وما خمَسنَه |
إذا مَدّتْ روامِقَها إلَيها |
قوابسَ، لم يَعُجْنَ بما قبَسنَه |
ولولا أنّهنّ أذًى وكيدٌ، |
لَمَا أصبَحنَ في كِلَلٍ حُبِسنَه |
ثُغُورُ مُحارِبٍ مَنعَتْ هُجوعاً، |
ثُغوراً، في مَضاحكِها، غُرِسنَه |
تَشابَهَتِ الخَلائِقُ والبَرايا، |
وإن مازَتهمُ صوَرٌ رُكِسنَه |
وجُرمٌ، في الحقيقةِ، مثلُ جَمرٍ، |
ولكنّ الحروفَ بهِ عُكِسنَه |
غِنى زيدٍ يكونُ لفَقرِ عمرٍو، |
وأحكامُ الحوادِثِ لا يُقَسْنَه |
كأنّكَ، إنْ بَقيتَ على اللّيالي، |
بأعلامِ الوُلاةِ، وقد نُكِسنَه |
وخَيرُ الرّزقِ ما وافاكَ عَفواً، |
فخلِّ فُضولَ أموالٍ مُكِسنَه |
ولْيتَ نُفوسَنا، والحَقُّ آتٍ، |
ذهبْنَ كما أتَينَ وما أحَسْنَه |
قَدِمنا، والقَوابلُ ضاحِكاتٌ؛ |
وسِرْنا، والمَدامعُ يَنبَجِسنَه |
عَناصِرُنا طَواهرُ غَيرَ شَكٍّ؛ |
فَيا أسَفا لأجسام نَجِسنَه! |
ويَرجو أن يُزيلَ الغُلَّ صادٍ، |
إذا سَمِعَ الرّواعِدَ يَرتَجِسْنَه |
وقد زَعَمَ الزّواعمُ، وافتكَرْنا؛ |
فوَيْحٌ للخَواطِرِ ما هَجَسنَه |
ومن يتأمّلِ الأيّامَ تَسهُلْ |
عليهِ النّائباتُ، وإنْ بَخسنَه |
ولو صُرِفَ الهُدَى بجَميلِ فعلٍ |
إلى مُهَجٍ نَفِسنَ، لما نَفِسنَه |
ومَن يَحْمَدْ، لعيشتِهِ، لِياناً، |
يَذُمَّ الغِبَّ أخلاقاً شَرِسْنَه |
وما الأحراسُ إلاّ أُمّهاتٌ، |
أكَسنَ النّاجياتِ، وما أكَسنَه |
تَحاسَدتِ العُيونُ على مَنامٍ، |
عَرَفنَ كِذابَهُ، وأردنَ حُسنَه |
فصَبراً، إنْ سَمعتَ لسانَ سُوءٍ |
من ابن مَودّةٍ، وتَوَقّ لِسنَه |
فإنّ الوِرْدَ من مِلْحٍ أُجاجٍ، |
أجِئتَ لشُربهِ، وعَرفتَ أسنَه |
ولولا ضعفُ أرواحٍ أُعِرنْا |
سَفاهاً، ما ابتَهَجنَ ولا ابتأسنَه |
وإنّ ملوكَ غَسّانٍ تَقَضَّوا، |
ولم يُترَكْ لهمْ، في الملكِ، غُسنَه |
وفارسُ عزَّ منها، كلَّ راعٍ، |
أُسُودٌ للمَقادِرِ يَفترِسنَه |
وهَدّ جِبالَها أقيالُ فِهرٍ، |
فتلكَ رُبُوعُها آياً طُمِسنَه |
يُذيبونَ النُّضارَ بكلّ مشتى، |
إذا الأمواهُ من قَرٍّ جَمَسنَه |
وقد حَرَسَ المَمالكَ حيُّ لخمٍ، |
فغالَتهمْ نوائبُ يَحترِسْنَه |
شكا الرّكبُ السُّهادَ، فلمْ يُعيجوا |
بأشباحٍ، على قلَقٍ، ينُسنَه |
وكم قطعتْ سواري الشُّهبِ، ليلاً، |
سواهدَ ما هجَعنَ، ولا نَعَسنَه |
هَواكَ مُشابهٌ فَرَساً جَموحاً، |
وما ألجَمتَهُ، فعلَيكَ رَسْنَه |
ولا يُعْجِبْكَ روضٌ، باكرَتْه |
غَمائمُهُ، وأغصانٌ يَمِسنَه |
ولا الأفواهُ تضحَكُ عن غريضٍ، |
فَرائدُ في مُدامتِها غُمِسنَه |
تنَعّمَتِ الخَوافضُ في مَقامٍ، |
فكَيفَ النّاعماتُ، إذا رُمِسنَه؟ |
فأينَ القائلاتُ بلا اقتصادٍ، |
أألغَينَ التكلّمَ أم خَرِسْنَه؟ |
ملأنَ مواضيَ الأزمانِ قولاً، |
وأُلزِمنَ السّكوتَ، فَما نبَسنَه |
ألمْ تَرَني حَمَيتُ بناتِ صَدري، |
فَما زوّجتُهنّ، وقد عنَسنَه |
ولا أبرزتُهنّ إلى أنيسٍ، |
إذا نُورُ الوحوشِ به أنِسنَه |
وقالَ الفارسونَ: حليفُ زُهدٍ، |
وأخطأتِ الظّنونُ بما فرَسنَه |
ورُضتُ صِعابَ آمالي، فكانتْ |
خُيولاً، في مَراتِعِها، شَمَسنَه |
ولم أُعْرِضْ عن اللّذّاتِ، إلاّ |
لأنّ خِيارَها عَنّي خَنَسنَه |
ولم أرَ، في جِلاسِ النّاسِ، خيراً، |
فمَن ليَ بالنّوافرِ، إن كنَسنَه؟ |
وقد غابتْ نجومُ الهَدي عَنّا، |
فَماجَ النّاسُ في ظُلَمٍ دَمَسنَه |
وقد تَغشَى السّعادَةُ غَيرَ نَدْبٍ، |
فيُشرِقُ بالسّعودِ، إذا ودَسنَه |
وتُقسَمُ حُظوَةٌ، حتى صخورٌ |
يُزَرنَ، فيُستَلمنَ ويُلتَمَسنَه |
كذاتِ القُدسِ، أو رُكنَيْ قريشٍ، |
وأسرَتُهنّ أحجارٌ لُطِسنَه |
يحُجُّ مَقامَ إبراهيمَ وفدٌ، |
وكم أمثالِ مَوقِفِهِ وطَسنَه |
تَشاءَمَ بالعَواطسِ أهلُ جهلٍ، |
وأهوِنْ إن خَفَتنَ، وإنْ عطَسنه |
وأعمارُ الذينَ مضَوا صِغاراً، |
كأثوابٍ بَلِينَ وما لُبِسنَه |
وهانَ، على الفَراقدِ والثّرَيّا، |
شخوصٌ، في مَضاجعِها، دُرِسنَه |
وما حفَلَتْ حَضارِ ولا سُهَيلٌ |
بأبشارٍ يَمانيَةٍ، يُدَسنَه |