ابن أبي أصيبعة

1203-1270م

هو موفق الدين أبو العباس أحمد بن سديد الدين القاسم بن خليفة المعروف بإبن أبي أصيبعة. ولد في دمشق من أسرة كانت معاصرة للدولة الأيوبية من حيث العمل مع صلاح الدين وأولاده.

 

ابن أبي أصيبعة سليل أسرة اشتهرت بالطب وهو من أشهر أفراد الأسرة واليه يصرف الانتباه. وكني أبا العباس قبل أن يطلق عليه لقب جده أبي أصيبعة وقد نشأ في بيئة حافلة بالدرس والتديس والتطبيب والمعالجة.

 

درس في دمشق والقاهرة نظرياً وعملياً، وطبق دروسه في البيماريستان النوري، وكان من اساتذته ابن البيطار العالم النباتي الشهير ومؤلف (جامع المفردات). وكان يتردد كذلك على البيمارستان الناصري فيقوم بأعمال الكحالة، وفيه استفاد من دروس السديد ابن أبي البيان، الطبيب الكحال ومؤلف كتاب الأقراباذينن المعروف باسم الدستور البيمارستاني.

 

تلقى العلوم اللسانية على علماء زمانه وأصدقاء والده وعمه، ثم انصرف إلى علوم الطب، فأخذ مبادئها عن الوالد والعم، لكنه رأى أن ما عند والده في ذلك لا يكفي، فرحل إلى القاهرة  والتحق هناك بالبيمارستان الناصري الذي كان قد أنشأه صلاح الدين في عاصمة الديار المصرية، وأخذ يعمل بمنتهى الجد في تحصيل العلم، فاشتهر بمعرفته وحسن معاملته للمرضى ومداواته لأمراض العيون.

 

ألحقه السلطان بخدمة الدولة وبلغت شهرته عز الدين صاحب صرخد (وهي اليوم صلخد من أعمال جبل العرب في سوريا)، في حوران في بلاد الشام فأرسل في طلبه وتوفي فيها.

 

كتابه "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" هو الكتاب الوحيد الذي ألّفه ابن أبي أصيبعة. فهو فريد بالنسبة للمؤلف، وهو فريد بالنسبة للموضوع، إذ لم يضع أحد سواه معجماً تاريخياً للأطباء إلى أيامه. وهكذا انصرف إلى وضع كتابه، وجعله في خمسة عشر باباً: الخمسة الأولى منها تتناول كيفية وجود صناعة الطب، وطبقات الأوّلين في الصناعة، وطبقات أطباء اليونان من نسل أسقليبيوس، إله الطب عند اليونان، إلى أيام جالينوس. ثم يتحدث في الأبواب العشرة الباقية عن الأطباء الإسكندرانيين، والأطباء العرب في أول ظهور الإسلام، والأطباء السريان في ابتداء ظهور بني العباس ونقل الطب من اللسان اليوناني إلى العربي. كما يتحدّث عن أطباء العراق والجزيرة، والأطباءء الذين ظهروا في بلاد العجم، وأطباء الهند والأطباء الذين ظهروا في المغرب والأندلس، والأطباء الذين ظهروا في مصر، وأخيرا يتناول المشهورين من أطباء الشام. ويحتوي الكتاب أيضاً ما يقارب أربعمئة ترجمة، القليل القليل منها يتناول غير الأطباء.

 

ويستشف من أقوال ابن أبي أصيبعة نفسه أنه ألف ثلاثة كتب أخرى، ولكنها لم تصل إلينا، وهي: كتاب حكايات الأطباء في علاجات الأدواء، وكتاب إصابات المنجمين، وكتاب التجارب والفوائد الذي لم يتم تأليفه.

 

صرف ابن أبي أصيبعة سنوات طويلة وبذل جهدا كبيرا في وضع كتابه، وأكثر من الاستماع إلى الرواة بالنسبة للمعاصرين. 

 



دمشـق
القاهـرة