نَعَمْ، بالصَّبا، قلبي صبا لأحِبّتي؛ |
فيا حبّذا ذاكَ الشّذا حينَ هَبّتِ |
سرتْ فأسرَّتْ للفؤادِ غديَّة ً |
أحاديثَ جيرانِ العُذيبِ، فسرّتِ |
مُهَيْنِمَة ٌ بالرُّوْضِ، لَدْنٌ رِداؤها، |
بها مَرَضٌ، مِنْ شأنِهِ بُرْء عِلّتي |
لَهَا بِأُعَيْشابِ الحِجَازِتَحَرّشٌ |
بهِ لا بخمرٍ دونَ ضحى سكرتي |
تذكِّرني العهدَ القديمَ لأنَّها |
حديثة ُ عهدٍ منْ أهيلِ مودَّتي |
أيا زاجِراً حُمرَ الأوارِكِ، تارِكَ الـ |
ـمَوَاركِ، من أكوارها، كالأريكَة ِ |
لكَ الخيرُ إنْ أوضحتَ توضحَ مضحياً |
وجُبْتَ فَيافي خَبْتِ آرام وَجْرَة |
ونكَّبتَ عنْ كثبِ العريض معارضاً |
حزوناً لحزوي سائقاً لسويقة ِ |
وباينْتَ باناتٍ، كذا، عن طُوَيْلعٍ، |
بسلعٍ فسلْ عنْ حلَّة فيهِ حلَّتِ |
وعَرّجْ بِذيّاكَ الفريقِ، مُبَلِّغاً، |
سلمتَ عريباً ثمَّ عنِّي تحيَّتي |
فلي بينَ هاتيكَ الخيامِ ضنينة ٌ |
علَّى بجمعي سمحة ٌ بتشتُّتي |
محجَّبة ٌ بينَ الأسنِّة ِ والظُّبي |
إليها انثَنَتْ ألبابُنا، إذ تثَنّتِ |
مُمَنَّعَة ٌ، خَلْعُ العِذارِ نِقابُها، |
مسربلة ٌ بردينِ قلبي ومهجتي |
تتيحُ المنايا إذْ تبيحُ ليَ المنى |
وَذاكَ رَخيصٌ مُنْيَتي بِمنِيّتي |
وَما غدَرَتْ في الحُبّ أنْ هَدَرَتْ دَمي |
بشرعِ الهوى لكنْ وفتْ إذْ توفَّتِ |
متى أوعدت أولتْ وإنْ وعدت لوت |
وإن أقسَمَتْ:لا تُبرِئ السّقْمَ بَرّتِ |
وإنْ عَرَضَتْ أُطرِقْ حَيَاءً وَهَيبَة ً؛ |
وإن أعرَضَتْ أُشفِقْ، فلَم أتَلَفّتِ |
ولو لمْ يَزُرْني طيْفُها، نحوَ مَضْجَعي، |
قضيتُ ولمْ أسطعْ أراها بمقلتي |
تخَيُّلَ زُورٍ كانَ زَورُ خَيالِها، |
لمشبههِ عنْ غيرِ رؤيا ورؤية ِ |
بفرطِ غرامي ذكرَ قيسٍ بوجدهِ |
وبَهجتُها لُبْنى ، أمَتُّ، وَأمّتِ |
فلمْ أرَ مثلي عاشقاً ذا صبابة ٍ |
ولا مثلها معشوقة ً ذاتَ بهجة ِ |
هيَ البدرُ أوصافاً وذاتي سماؤها |
سَمَتْ بي إليها همّتي، حينَ هَمّتِ |
مَنازِلُها منّي الذّراعُ، تَوَسُّداً، |
وقلبي وطرفي أوطنتْ أو تجلَّتِ |
فما الودقُ إلاَّ منْ تحلُّبِ مدمعي |
وما البرْقُ، إلا مَن تَلَهّبِ زَفرَتي |
وكُنْتُ أرَى أنّ التّعشّقَ مِنْحَة ٌ |
لقلبي فما إنْ كانَ إلاَّ لمحنتي |
منعَّمة ُ أحشايَ كانتْ قبيلَ ما |
دعتها لتشقي بالغرامِ فلبَّتِ |
فلا عادَ لي ذاك النَّعيمُ، ولا أرى ، |
منَ العيشِ إلاَّ أنْ أعيشَ بشقوتي |
ألا في سبيلِ الحبِّ حالي وما عسى |
بكمْ أنْ ألاقي لو دريتمْ أحبَّتي |
أخذتمْ فؤداي وهوَ بعضي فما الَّذي |
يَضُرّكُمُ أن تُتْبِعوهُ بِجُمْلَتي |
وجَدتُ بكم وجْداً، قُوى كلّ عاشِقٍ، |
لوِ احتملتْ منْ عبئهِ البعض كلَّتِ |
برى أعظمي منْ أعظمِ الشَّوقِ ضعفُ ما |
بِجَفْني لِنومي، أوْ بِضُعْفي لِقُوّتي |
وأنْحَلَني سُقْمٌ، لَهُ بِجُفونِكُمْ |
غرامُ التياعي بالفؤادِ وحرقتي |
فَضُعْفي وسُقْمي:ذا كَرَأي عواذلي، |
وذاكَ حديثُ النَّفسِ عنكُمْ برَجْعَتي |
وهي جسدي مما وهي جلدي لذا |
تَحَمُّلُهُ يَبْلى ، وتَبْقى بَلِيّتي |
وعدتُ بمالمْ يبقِ منِّي موضعاً |
لضرٍّ لغوَّادي حضوري كغيبتي |
كأنِّي هلالُ الشَّكِّ لوْ لا تأوَّهي |
خفيتُ فلمْ تهدَ العيونُ لرؤيتي |
فجسمي وقلبي مستحيلٌ وواجبٌ |
وخدِّي مندوبٌ لجائزِ عبرتي |
وقالوا:جَرتْ حُمْراً دموعُكَ، قلتُ:عن |
أمورٍ جرتْ في كثرة ِ الشَّوقِ قلَّتِ |
نحرَتُ لضيفِ الطيفِ، في جَفْني الكَرى |
قِرى ً، فَجَرَى دَمْعي دماً فوْقَ وَجنَتي |
فلا تنكروا إنْ مسَّني ضرُّ بينكمْ |
عليّ سُؤالي كَشْفَ ذاكَ وَرَحْمَتي |
فصبري أراهُ تحتَ قدري عليكمُ |
مطاقاً وعنكم فاعذروا فوقَ قدرتي |
ولما توافينا عشاءً وضمَّنا |
سَواءُ سَبيلَيْ ذي طَوى ً، والثّنِيّة ِ |
ومنَّتْ وما ضنَّتْ على َّ بوقفة ٍ |
تُعادِلُ عِنْدي، بالمُعَرَّفِ، وَقْفتي |
عتبتُ فلمْ تعتبْ كأنْ لمْ يكنْ لقاً |
وما كانَ إلآ أن أُشَرْتُ وَأوْمَتِ |
أيا كعبة َ الحسنِ الَّتي لجمالها |
قلوبُ أُولي الألبابِ، لَبّتْ وَحجّتِ |
بريقَ الثَّنايا منكِ أهدى لناسنا |
بريقِ الثَّنايا فهوَ خيرُ هديَّة ِ |
وأوحى لعيني أنّ قلبي مجاورٌ |
حِماكِ، فتاقَتْ لِلجَمالِ وَ حَنّتِ |
ولوْلاكِ ما استهدَيْتُ برْقاً، ولا شجَتْ |
فؤادي، فأبكتْ، إذشدتْ، وُرْقُ أيكة ِ |
فذاكَ هدى ً أهدى إليَّ وهذهِ |
على العُودِ، إذ غنّتْ، عن العودِ أغنَتِ |
أرومُ، وقد طالَ المَدَى ، منْكِ نظْرة ً، |
وكمْ منْ دماءِ دونَ مرمايَ طلّتِ |
وقد كنتُ أُدعى ، قبلَ حُبّيكِ، باسِلاً، |
فعُدتُ به مُسْتَبْسِلاً، بعدَ مَنعَتي |
أقادُ أسيراً واصطباري مهاجري |
وأنجِدُأنصاري أسًى ، بعدَ لَهْفَتي |
أمالكِ عنْ صدٍّ أمالكِ عن صدٍّ |
لِظَلْمِكِ، ظُلماً منكِ، ميلٌ لعطفة |
فبَلُّ غَليلٍ مِنْ علِيلٍ على شفاً، |
يُبِلّ شِفاءً منه، أعظَمُ مِنّة ِ |
فلا تَحْسبي أني فَنيتُ، من الضّنى ، |
بغيركِ بل فيكِ الصَّبابة ُ أبلتِ |
جَمالُ مُحَيّاكِ، المَصُونُ لِثامُهُ |
عنِ اللّثْمِ، فيه عُدتُ حيّاً كميّتِ |
وجنَّبني حبِّيك وعلى معاشرى |
وحَبّبَني، ما عشتُ، قطْعَ عَشِيرَتي |
وأبْعَدَني عن أَرْبُعِي، بُعْدُ أرْبَعٍ |
شبابي وعقلي وارتياحي وصحَّتي |
فلي بعدَ أوطاني سكونٌ إلى الفلا |
وبالوحشِ أنسي إذ منَ الإنس وحشتي |
وزهَّدَ في وصلي الغوانيَ إذْ بدا |
تيلُّجُ صبحِ الشَّيبِ في جنحِ لمَّتي |
فرُحْنَ بحُزنٍ جازِعاتٍ، بُعَيد ما |
فرِحنَ بِحَزْنِ الجَزْعِ بي، لشَبيبتي |
جهِلْنَ، كلُوّامي، الهوى ، لاعلِمْنه، |
وخابوا وإنِّي منهُ مكتهلٌ فتي |
وفي قَطْعِيَ اللاّحي عليكِ، ولاتَ حِيـ |
ـنَ فيكِ لِجدالٍ، كان وجهُكِ حُجّتي |
فأصْبَحَ لي، من بعدِ ما كان عاذِلاً |
به عاذراً بلْ صارَ منْ أهلِ نجدتي |
وحجِّي عمري هادياً ظلَّ مهدياً |
ضلالَ ملامي مثلُ حجِّي وعمرتي |
رأى رجباً سمعي الأبيَّ ولومي الـ |
محرَّمَ عنْ لؤمٍ وغشٍّ النَّصيحة ِ |
وكمْ رامَ سلواني هواكِ ميمِّماً |
سواكِ وأنِّي عنكِ تبديلُ نيَّتي |
وقالَ تلافي ما بقي منكَ قلتُ ما |
أرانيَ إلاَّ للتلافِ تلفُّتي |
إبائي أبى إلاّ خِلافيَ، ناصِحاً، |
يحاولُ منِّي شيمة ً غيرَ شيمتي |
يلذُّ لهُ عذلي عليكِ كأنَّما |
يرى منَّه منِّي وسلواهُ سلوتي |
ومعرضة ٍ عن سامرِ الجفنِ راهبِ الـ |
فؤادِ المعنَّى مسلمِ النَّفسِ صدَّتِ |
تناءتْ فكانتْ لذَّة َ العيشِ وانقضتْ |
بعمري فأيدي البينِ مدَّتْ لمدَّتي |
وبانتْ فأمَّا حسنُ صبري فخانني |
وأمّا جُفوني بالبكاءِ فوَفّتِ |
فلمْ يرَ طرفي بعدها ما يسرني |
فنَومي كصُبْحي حيثُ كانتْ مَسَرّتي |
وقد سَخِنَت عَيْني عليها، كأنّها |
بها لمْ تكنْ يوماً منَ الدَّهرِ قرَّتِ |
فإنْسانُها مَيْتٌ، وَدَمعِيَ غُسْلُهَ، |
وأكفانُهُ ما ابيَضّ، حُزناً، لِفُرقتي |
فلِلعَينِ والأحشاء، أولَ هل أتى ، |
تلا عائدي الآسي وثالثَ تبَّتِ |
كأنَّا حلفنا للرَّقيبِ على الجفا |
وأنْ لا وفا، لكِن حَنَثْتُ وَبرّتِ |
وكانتْ مواثيقُ الإخاءِ أخيَّة ً |
فلمَّا تفرَّقنا عقدتُ وحلَّتِ |
وتَاللّهِ، لمْ أختَرْمَذَمّة َ غَدرِهَا، |
وفاءً، وإنْ فاءتْ إلى خَترِ ذِمّتي |
سَقى ، بالصّفا، الرَّبْعيُ، رَبعاًبه الصّفا، |
وجادَ، بأجيادٍ، ثرى منهُ ثرْوتي |
مُخَيَّمَ لَذاتي، وسوقَ مَآربي، |
وَقٍبلة َآمالي، وموطِنَ صبْوَتي |
منازلَ أنسٍ كنَّ لمْ أنسَ ذكرها |
بمنْ بعدها والقربُ ناري وجنَّتي |
وَمنْ أجْلِها حالي بها، وَأُجِلّها |
عنِ المَنّ، مالم تَخْفَ، والسّقْمُ حُلّتي |
غَرامي، بِشَعْبٍ عامرٍ شِعْبَ عامرٍ، |
غريمي وإنْ جاروا فهمْ خيرُ جيرتي |
ومنْ بعدها ماسرَّ سرِّي لبعدها |
وقد قطَعَتْ مِنهارجائي بِخَيْبَتي |
وما جزعي بالجزعِ عنْ عبثٍ ولا |
بَدا وَلَعاً فيها، وُلُوعي بِلَوعَتي |
على فائِتٍ من جَمعِ جَمعٍ تأسُّفي، |
وودٍّ على وادي مخسَّرٍ حسرتي |
وَبَسطٍ، طوى قَبضُ التنائي بِساطَهُ |
لَنا بِطُوًى ولّى بأرْغَدِ عيِشَة ِ |
أبيتُ بجَفْنٍ، للسُّهادِ، مُعانِقٍ، |
تصافحُ صدري راحتي طولَ ليلتي |
وَذِكْرُ أُويَقاتي، الّتي سَلَفَتْ بِها، |
سَمِيريَ، لَو عادَت أُوَيقاتيَ الّتي |
رعى اللهَ أياماً بظلٍّ جنابهـَ |
سرَقْتُ بها في غَفْلة ِ البيْنِ، لَذّتي |
وَما دارَ هَجرُ البُعْدِ عنها بِخاطِري، |
لديها بوصلِ القربِ في دار هجرتي |
وقد كانَ عندي وصْلُها دوْنَ مَطلَبي، |
فعادَ بمنى ِّ الهجرِ في القربِ قربتي |
وكم راحة ٍ لي أقبلتْ حينَ أقبلتْ |
ومِن راحتي، لمّا تَوَلّتْ، تَوَلّتِ |
كأنْ لمْ أكنْ منها قريباً ولمْ أزلْ |
بَعيداً، لأيٍّ ما له مِلْتُ ملّتِ |
غرامي أقِم صبري انْصَرِم دمعي انسجِم |
عدوّي احتكمْ دهري انتقمْ حاسدي اشمتِ |
وياجلدي بعدَ النّقا لستَ مسعدي |
ويا كبدي عزَّ الِّلقا فتفتتى |
ولما أبتْ إلاّ جماحاً ودارها انـ |
زاحاً وضنَّ الدَّهرُ منها بأوبة ِ |
نيقَّنتُ أنْ لادارَ منْ بعدِ طيبة ٍ |
تطيبُ وأنْ لا عزَّة ً بعدَ عزَّة ِ |
سلامٌ على تِلكَ المعاهِدِ مِن فتى ً، |
على حفظِ عهدِ العامريَّة ِ مافتي |
أعدْ عندَ سمعي شاديَ القومِ ذكرَ منْ |
بهجرَ لها والوصلِ جادت وضنَّتِ |
تُضَمّنُهُ ماقُلتُ، والسّكْرُ مُعلنٌ |
لسرِّى وما أخفتْ بصحوي سريرتي |