تفتأ عجبا بالشيء تدكره البحتري

تفتأ عجبا بالشيء تدكره

وإن تولى أو انقضى عصره

ذكرت من واسط وبارحها

ليل السواجير ساجياً سحره

وزائر زار من أعقته

يميل وزنا بأنسه ذعره

كأنه جاء منجزا عدة،

وبت في الراقبين أنتظره

لم أنسه موشكا على عجل

مدامجا في الحديث يختصره

كأنما الكاشحون قد خرصوا

مكانه أو أتاهم خبره

وقد دعا ناهيا فأسمعني

وخط على الرأس مخلس شعره

شيب أرتني الأسى أوائله

فليت شعري ماذا تري أخره؟

صغر قدري في الغانيات، وما

صغر صبا تصغيره كبره

ولي فؤاد دنت إفاقته

فانزاح إلا صبابة سكره

بين التكاليف والنزوع فما

تأخذه لوعة ولا تذره

كل امرئ مرصد لعاقبة

ساوى إليها رجاءه حذره

لا تسخط المصعد المهول إذا

كان إلى ما ترضاه منحدره

تثوب حال الفتى وإن لج صر

ف الدهر يجني عليه أو يتره

ثؤوب ذي الأثر إن يعد صنع

له صقالا يوما يعد له أثره

هل يلقيني إلى رباع إبي الـ

ــجيش خطار التغوير أو غرره

مخيم في دمشق من دونه الــ

ـخرق، بعيد من دوره صدره

أعارها ن ضيائه، وغدا

فخراً لها مجده ومفتخره

كاد دجى الليل من طلاقته

يقمر والأفق ساقط قمره

وبين أسوان والفرات زها

رعية ما يغبها نظرة

تبلغ أوطارها، وتعلمه

مجتمعا في صلاحها وطره

يقصر شأو الملوك عن ملك

نجله دونهم ونجتهره

أغر منهم، والشهر آنسه

لطالب ذي لبانة غرره

منى له الله حظنا معه،

ويغرق البحر وافيا غزره

والصنع إذ يرتجيه آمله

مرجاً إلى أن يسوقه قدره

كالسهم لا يكتفي بوحدته الـ

ـقانص حتى يعينه وتره

وقد كفى غول دهره جبل

يعظم عن أهل دهره خطره

يخشى شذاه، وغير مغتبط

نفع مرجى لا يختشى ضرره

إن سار عاد النهار من رهج الـ

ـزحوف ليلاً يسود معتكره

فالجو كابي الأرواق أكلفها

والماء طرق نميره كدره

عبء على الواصفين تؤثر أخــ

ــبار نداه، وتقتفى سيره

إذا علا في بهاء منظره

أربى عليه في الحسن مختبره

كالغيث ما عينه ببالغة

بعض الذي راح بالغاً أثره

لفا عتاد مما يراه لنا

ننفقه تارة وندخره

يثلم في وفر لابس مقة

يكاد حبا لحظه يفره

أزهر، والروض لا يروقك أو

يحكي مصابيح ليله زهره

نخيل حتى نرى النجاح على

ظاهر بشر مبينة بشره

والغيم محبوكة طرائقه

أحجى من الصحو يبتغى مطره