أبعـــد نــأي المليحــة البخــل المتنبي

أبْعـــدُ  نــأيِ المَليحَــةِ البَخَــلُ

فــي البُعْــدِ مــا لا تكَـلُّفُ الإبِـلُ

عَزيـزُ إِسًـا مَـن داؤُهُ الحَـدَق النُّجـلُ

عَيـاءٌ  بِـهِ مـاتَ المحـبُّونَ مِـن قَبل

بَقــائي  شــاءَ لَيسَ هُــمُ ارتِحـالا

وحُســنَ الصــبرِ زمُّـوا لا الجِمـالا

أَحيـا  وَأَيسَـرُ مـا قاسـيتُ مـا قَتَـلا

وَالبَيْـنُ  جـارَ عـلى ضُعفـي وما عَدَلا

ومَـــنْزِل  لَيْسَ  لَنـــا بِمَـــنزل

ولا  لِغَـــيرِ الغادِيـــاتِ الهُطــلِ

قِفــا  تَرَيــا ودْقـي فهاتـا المخـايِلُ

وَلا  تخشَــيا خُلفًــا لمـا أنـا قـائِلُ

صِلَـةُ  الهَجْـرِ لـي وهَجْـرُ الوِصـالِ

نَكَســاني فـي السُّـقْمِ نُكْـسَ الهِـلالِ

فـي  الخَـد أَن عَـزَمَ الخَـليطُ رَحـيلا

مَطَــرٌ  تَزيــدُ بـهِ الخُـدودُ مُحـولا

أَرَى  حُـــلَلاً مُطَـــواةً حِســـاناً

عَـــدَاني أَنْ أَراكَ بهــا اعْتِلالــي

عَــذَلَت مُنَادَمَــةُ الأَمــيرِ عَـواذِلي

فـي  شُـربها وكـفَتْ جَـوابَ السـائلِ

بَــدرٌ فتــىً لـو كـانَ مـن سـؤّالِهِ

يومــاً تَوَفّــرَ حَظُّــهُ مــن مالِـهِ

أحْــبَبت  بِــرَّكَ إذا أرَدْتَ رَحــيلا

فَوَجَــدتُ أكــثر مـا وَجـدْتُ قليـلا

قـــد  أُبــتُ بالحاجــةِ مَقضِيَّــةً

وعِفْــتُ فــي الجَلْسَــةِ تَطْويلَهــا

قَــد شَــغلَ النــاسَ كَـثرةُ الأمَـل

وأَنــتَ بِالمَكْرُمــاتِ فــي شُــغُلِ

مُحِــبي قِيــامي مـا لِـذلِكُمُ النصـل

بَريئـاً  مِـنَ الجرحـى سـليماً مِنَ القَتلِ

لا  تَحْســنُ  الوَفْــرَة حَــتى تـرى

مَنْشــورَةَ الضفْــرَيْنِ يَــومَ القتـالْ

لَيــالِيَّ بَعــدَ الظــاعِنِينَ شُــكُولُ

طِــوالٌ  ولَيــلُ العاشِــقِينَ طَـوِيلُ

إلامَ  طَماعِيَــــــةُ العـــــاذِلِ

وَلا  رأيَ فـــي الحُـــبِّ لِلعــاقِلِ

أَعـلى  الممـالِك مـا يُبنَـى على الأسَلِ

والطعــنُ  عِنــدَ مُحِــبِّيهنَّ كـالقُبَلِ

بِنَـا مِنـكَ فَـوقَ الرَملِ ما بِك في الرَملِ

وهـذا الـذي يُضنـي كـذاكَ الذي يُبلي

لا  الحُــلمُ جــادَ بِــه ولا بِمِثالِــهِ

لـــولا اذِّكــارُ وَداعِــه وزيالــهِ

يُــــؤَمِّمُ ذا الســــيفُ آمالَـــهُ

وَلا  يَفعَـــلُ  الســـيفُ أَفعالَـــهُ

أَيَقـــدحُ  فــي الخَيْمَــةِ العُــذّلُ

وتَشــمَل  مَــن  دَهرَهــا يَشــمَلُ

أَجـابَ  دَمْعـي ومـا الداعي سِوَى طَلَلِ

دَعــا  فلَبَّــاهُ قَبـلَ الـرَكْبِ والإِبِـلِ

عِشِ  ابْـــقَ اســـمُ ســدْ جُــد

قُــدْ  مُــرِ انــهَ اسْـر فُـهْ تُسَـل

وَصفــتَ لَنــا وَلَــم نَـرَهُ سِـلاحًا

كــأَنكَ واصِــفٌ وَقــتَ الــنِّزالِ

شــدِيدُ  البُعـد مـن شُـرْبِ الشَّـمُولِ

تُــرُنجُ الهِنــدِ أَو طَلــعُ النَخِــيلِ

نُعـــدُّ  المَشـــرَفيَّةَ  والعَـــوالي

وتَقتُلُنـــا  المَنُــونُ  بِــلا قِتــالِ

إن  كُــنت عـن خَـيرِ الأَنـامِ سـائِلا

فَخَـــيرُهم  أَكـــثَرُهُم فَضـــائِلا

أَتَيــتُ  بِمَنطِــقِ  العَـرَبِ الأَصِيـلِ

وَكــانَ بِقَــدرِ مــا عـايَنتُ قِيـليِ

دروعِ لمَلْــك الـرُوم هـذي الرَسـائِلُ

يَــرُدُّ بهــا عــن نَفسِـهِ ويُشـاغِلُ

فُــدِيتَ  بمــاذا  يُسَــرّ الرَســولُ

وأَنــتَ الصَحــيحُ بِــذا لا العَلِيـلُ

إِنْ يَكُــنْ صَـبْرُ ذي الرَزِيئَـةِ فَضْـلا

تَكُــنِ الأَفضَــلَ الأَعَــزَّ الأَجَــلاّ

ذِي  المَعــالِي فَلْيَعْلُــوَنْ مَـن تَعـالَى

هكــــذا  هكـــذا وإِلا فـــلا لا

مــا  لَنــا كُلنــا جَـوٍ يـا رَسُـولُ

أنـــا أهــوَى وقَلبُــكَ المتبُــولُ

فَهِمـــتُ الكِتــابَ أبَــرَّ الكُــتُب

فسَـــمْعًا لأِمــرِ أمِــيرِ العَــرَبْ

لا  خــيلَ عنــدَك تُهدِيهـا ولا مـال

فَليُسـعِدِ  النطـق إن لـم تُسـعِد الحـالُ

أَتحـــلِف  لا تكَـــلِّفُني مسِـــيراً

إِلــى  بَلَــدٍ  أُحــاوِلُ فيــهِ مـالا

كَدعـواك  كُـل يَـدَعي صِحـةَ العَقـلِ

ومَـن ذا الـذي يَـدري بِما فيهِ مِن جَهل

إثْلـــثْ فإنَّـــا أيُّهـــا الطَّلَــلُ

نَبكِـــي وتُــرزِمُ تَحتَنــا الإبِــلُ

لَقِيــــتَ العُفــــاةَ بِآمالِهــــا

وزُرتَ  العُـــــداةَ  بِآجالِهـــــا

مـــا  أجــدَرَ  الأيــامَ واللَّيــالي

بِــأنْ  تقُــولَ مــا لَـهُ ومـا لِـي

رَوَيــدَكَ  أيُّهــا  المَلِــكُ الجَــلِيلُ

تَـــأَن  وعُـــدَّهُ مِمَّـــا تُنِيــلُ

لَـكِ  يـا  مَنـازِلُ فـي القُلـوبِ مَنازِلُ

أَقفَــرتِ  أَنْـتِ وهُـنّ مِنـكِ أَواهِـلُ

لا تَحسَـــبُوا رَبْعَكـــم ولا طَلَلــه

أوّلَ حَــــيٍّ فِــــراقُكم قَتَلـــهْ

أَتــاني  كَـلامُ الجـاهِلِ ابـنِ كَـيَغلَغٍ

يَجُــوبُ  حُزونًــا بيْنَنَــا وسُـهولا

أَمــاتَكُمُ  مِــن قبْـلِ مَـوْتِكُمُ الجَـهْلُ

وجَــرَّكُمُ مِــنْ خِفَّــةٍ بِكُـمُ النَّمـلُ

يــا أَكْــرَمَ النــاسِ فــي الفِعـالِ

وأَفْصَــحَ  النــاسِ  فــي المَقــال