أتنكــر مــا نطقــت بــه بديهـا المتنبي

أَتُنكِــرُ مــا نَطَقــتُ بِــهِ بَدِيهـا

وَلَيسَ  بِمُنْكـــرٍ سَـــبقُ الجَــوادِ

أحُلمــاً  نَــرى أمْ زمانــاً جَــديدا

أمِ  الخَـلْقُ  فـي شَـخصِ حَـيٍّ أُعِيـدَا

أَمِــنْ كُــلِّ شَـيءٍ بَلَغـتَ المُـرادا

وفــي  كُــلِّ شَـأْوٍ شَـأَوْتَ العِبـادا

وَشـــامِخٍ  مِــنَ الجِبــالِ أَقــوَدِ

فَــرْدٍ كيَــأْفوخِ البَعِــيرِ الأَصيَــدِ

نَسِـيتُ  ومـا أنسَـى عِتابـاً على الصَدِّ

ولا خَــفَراً زادَت بــهِ حُـمرَة الخَـدِّ

عيــدٌ  بِأيَّـةِ  حـالٍ عُـدتَ يـا عِيـدُ

بِمــا  مَضَـى أَم لأَمْـرٍ فِيـكَ تجـدِيدُ

مــا  ذا الـوَداعُ وَداعُ الـوامِقِ الكَمِـدِ

هــذا الــوَداعُ وَداعُ الـرُوحِ لِلجَسَـدِ

أقْصِـــرْ  فلســـتَ  بِزائــدي وُدَّا

بلـــغَ المــدَى وتجــاوَزَ الحــدَّا

بكُـــتب  الأَنـــام  كِتـــابٌ وَرد

فَـــدَت يَــدَ كاتبِــه كُــلُّ يَــدْ

وَبَنِيّــةٍ مــن خَــيزران ضُمّنَــت

بِطِّيخــةً نَبَتَــت بِنــارٍ فــي يَـدِ

أُحـــادٌ  أَم سُــداسٌ فــي أُحــادِ

لُيَيْلَتُنـــا  المنوطَـــةُ بالتَّنـــادي

إن  القــوافيَ لــم تنمــكَ وإِنِّمــا

مَحَـقَتْك  حَـتى صِـرْتَ مـا لا يُوجَـدُ

أَيَـــا خَــدَّدَ اللــهُ وَردَ الخُــدودِ

وقَـــدَّ  قُــدودَ الحِســانِ القُــدودِ

يَســتَعظِمُونَ أُبَيّاتًــا نَــأَمتُ بِهــا

لا  تَحسُــدُنّ عــلى أَن يَنـأَمَ الأَسـدا

مـــا ســـدكَت علَّــةٌ بمَــورُودِ

أكـــرَمَ  مــن تَغلِــبَ بْــنِ داوُدِ

حَسَـم  الصُلـحُ مـا اشـتَهَتْه الأَعـادِي

وأَذاعَتْــــهُ  أَلسُـــنُ الحُسَّـــادِ

جــاءَ نيروزنــا وأَنــتَ مُــرادُهْ

ووَرَت بـــــالَّذي أرادَ زنــــادُهُ

أوَدُّ مـــنَ الأيَّــامِ مــا لا تَــوَدُّهُ

وأشــكُو إلَيهــا بَينَنـا وَهْـيَ جُـندُهُ

أَقَــلُّ  فَعــالي  بَلْــهَ أَكـثَرَهُ مَجـدُ

وذا  الجِـدُّ  فيـه نِلْـتُ أَمْ لـم أَنَـلْ جَدُّ

أَمَّــا  الفِــراقُ فإِنــهُ مــا أَعْهـدُ

هُــوَ  تَــوْأَمي لَــوْ أنَّ بَيْنًـا يُولَـدُ

كــم  قَتيــل كَمــا قُتِلــتُ شـهيدِ

لبيـــاض  الطُّــلَى ووَرْدِ الخــدود

فــارَقتُكُم  فــإذا مــا كـانَ عِنـدَكُمُ

قَبــلَ الفِـراقِ أَذًى بَعْـدَ الفِـراقِ يَـدُ

لَقَـدْ حـازَني وَجْـدٌ بِمَـنْ حـازَهُ بُعـدُ

فَيــا لَيْتَنــى بُعْـدٌ ويـا لَيْتَـهُ وَجْـدُ

لكـل  امـرئٍ مـن دَهـرِهِ مـا تَعـوَّدا

وَعـادةُ سَـيفِ الدولـةِ الطّعْنُ في العِدَى

عَــواذِلُ  ذاتِ الخــالِ فِـيَّ حَواسِـدُ

وإِنَّ  ضَجِــيعَ الخَــوَدِ مِنّـي لَمـاجِدُ

وَزِيـــارَةٍ  عَــنْ غَــيْرِ مَوْعِــدْ

كــالغُمْضِ  فــي  الجَــفْنِ المُسَـهَّدْ

أزائِـــرٌ يـــا خيــالُ أمْ عــائِدْ

أمْ عِنـــدَ مَــولاكَ أنَّنــي راقِــدْ

مُحَـمدَ  بْـنَ زُرَيـقٍ مـا نَـرى أحَـدًا

إذا  فَقَدنــاكَ يُعْطــي قَبـلَ أنْ يَعِـدا

يــا  مَــن  رأَيــتُ الحَـلِيمَ وَغْـدا

بـــه  وحُـــرَّ  المُلــوكِ عَبْــدا

وَشــادنٍ  رُوحُ مَـن يَهْـواهُ فـي يـده

سـيفُ  الصُّـدودِ  عـلى أَعْـلى مُقلَّـدِه

وسَــوداءَ  مَنظُــومٍ عَلَيهــا لآلـئٌ

لَهـا  صُـورةُ البِطِّيـخِ وَهْـي مِـنَ النَّدَّ

مـا الشّـوقُ مُقتَنِعًـا مِنِّـي بِـذا الكَمَـدِ

حَــتَّى  أكــونَ بِـلا قَلْـبٍ ولا كَبِـدِ

اَليــومَ  عَهْــدُكُمُ  فــأَين الموَعِــدُ

هَيهــاتِ لَيسَ لِيَــومِ عَهْــدِكُمُ غَـدُ