سَلِّمْ على الدَّارِ بِذِي تَنْضُبِ |
فشطِّ حوضى فلوى قعنبِ |
واسْتَوْقِفِ الرَّكْبَ عَلَى رَسْمِهَا |
بل حلَّ بالرَّسمِ ولا تركبِ |
لَمَّا عَرَفْنَاهَا جَرَى دَمْعُهُ |
مَا بَعْدَ دَمْعِ الْعَانِسِ الأَشْيَبِ |
طالب بسعدى شجناً فائتاً |
وهل لما قد فاتَ من مطلبِ |
وصاحبٍ قد جنَّ في صحَّة ٍ |
لاَيَشْرَبُ التِّرْيَاقَ مِنْ عَقْرَبِ |
جافٍ عنِ البيضِ إذا ما غدا |
لم يبكِ في دارٍ ولم يطربِ |
صَادَيْتُه عَنْ مُرِّ أخْلاَقِهِ |
بحلوِ أخلاقي ولم أشغبِ |
حتَّى إذا ألقى علينا الهوى |
أظفارهُ وارتاحَ في الملعبِ |
أصفيتهُ ودِّي وحدَّثتهُ |
بالْحَقِّ عَنْ سُعْدَى وعَنْ زَيْنَبِ |
أقول والعينُ بها غصَّة ٌ |
مِنْ عَبْرَة ٍ هَاجَتْ ولَمْ تَسْكُبِ: |
إِنْ تَذْهَبِ الدَّارُ وسُكَّانُهَا |
فَإِنَّ ما فِي الْقَلْبِ لَمْ يَذْهَبِ |
لا غَرْوَ إِلاَّ دَار سُكَّانِنَا |
تمسي بها الرُّبدُ معَ الرَّبربِ |
تنتابها سعدى وأترابها |
فِي ظِلِّ عَيْشٍ حَافِلٍ مُعْجِبِ |
مرَّ علينا زمنٌ مصعبٌ |
بَعْدَ زَمَانٍ لَيْسَ بالْمُصْعَبِ |
فَاجْتَذَّ سُعْدَى بِحَذَافيرِهَا |
غيرَ بقايا حبِّها المصحبِ |
قد قلتُ للسَّائلِ في حبِّها |
لمَّا دنا في حرمة ِ الأقربِ: |
يا صاحِ لا تسأل بحبِّي لها |
وانْظُرْ إِلَى جِسْمِي ثم اعْجَبِ |
من ناحلِ الألواحِ لو كلتهُ |
في قلبها مرَّ ولم ينشبِ |
شتَّانَ مجدودٌ ومن جدُّهُ |
كالكعبِ إن ترحل بهِ يرتبِ |
أغرى بسعدى عندنا في الكرى |
مَنْ لَيْسَ بِالدَّانِي ولا الْمُصْقَبِ |
مكِّيَّة ٌ تبدو إذا ما بدت |
بالميثِ من نعمانَ أو مغربِ |
علِّقتُ منها حلماً كاذباً |
يا ليتَ ذاكَ الحلمَ لم يكذبِ |
وملعبِ النُّونِ يرى بطنهُ |
من ظهرهِ أخضرَ مستصعبِ |
عَطْشَانَ إِنْ تأَخُذُ عَلَيْهِ الصَّبَا |
يَفْحُشْ عَلَى الْبوصِيِّ أو يَصْخَبِ |
كأنَّ أصْوَاتاً بِأرْجَائِه |
من جندبٍ فاضَ إلى جندبِ |
ركبتُ في أهوالهِ ثيِّباً |
إِلَيْكَ أوْ عَذْرَاءَ لَمْ تُرْكَبِ |
لمَّا تَيَمَّمْتُ عَلَى ظَهْرِهَا |
لمجلسٍ في بطنها الحوشبِ |
هيَّأتُ فيها حينَ خيَّستها |
مِنْ حَالِكِ اللَّونِ ومِنْ أصْهَبِ |
فأصبحت جارية ً بطنها |
مَلآنُ مِنْ شَتَّى فَلَمْ تُضْرَبِ |
لا تشتكي الأينَ إذا ما انتحت |
تهدى بهادٍ بعدها قلَّبِ |
رَاعي الذِّرَاعَيْنِ لِتَحْرِيزهَا |
من مشربٍ غارَ إلى مشربِ |
إِذَا انْجَلَتْ عَنْهَا بِتَيَّارِهِ |
وارْفَضَّ آلُ الشَّرَفِ الأَحْدَبِ |
ذكَرْتُ مِنْ هِقْلٍ غَدَا خَاضباً |
أو هقلة ٍ ربداءَ لم تخضبِ |
تصرُّ أحياناً بسكَّانها |
صَرِيرَ بَاب الدَّار فِي الْمِذْنَبِ |
بمِثْلِهَا يُجْتَازُ فِي مِثْلِهِ |
إِنْ جَدَّ جَدَّتْ ثُمَّ لَمْ تَلْعَبِ |
دُعْمُوصُ نَهْرٍ أنْشَبَتْ وَسْطَهُ |
إن تنعبِ الرِّيحُ لها تنعبِ |
إِلى إِمَام النَّاسِ وَجَّهْتُهَا |
تَجْرِي عَلَى غَارٍ مِنَ الطُّحْلُبِ |
إِلى فتًى تَسْقِي يَدَاهُ النَّدَى |
حيناً وأحياناً دمَ المذنبِ |
إذا دنا العيشُ فمعروفهُ |
دَانٍ بِعَيْشِ الْقَانِعِ الْمُتْرِبِ |
زينُ سريرِ الملكِ في المغتدى |
وغرَّة ُ الموكبِ في الموكبِ |
كأنَّ مبعوثاً على بابهِ |
يدني ويقصي ناقداً يجتبي |
إذا رماهُ النَّقرى بامرئٍ |
لاَنَ لَهَ الْبَابُ وَلَمْ يُحْجَبِ |
دأبتُ حتَّى جئتهُ زائراً |
ثمَّ تعنَّيتُ ولم أدأبِ |
ما انشقَّتِ الفتنة ُ عن مثلهِ |
في مشرقِ الأرضِ ولا مغربِ |
أطبَّ للدِّينِ إذا رنَّقت |
عيناهُ من طاغية ٍ مجربِ |
ألقى إليهِ "عمرٌ" شيمة ً |
كَانَتْ مَوَارِيثَ أبٍ عَنْ أبِ |
قوْدَ الْمَطَايَا بِعَمَى مَارِقٍ |
عوتبَ في الله فلم يُعتبِ |
إنَّ يزيداً فادنُ من بابهِ |
في الضيقِ إن كانَ أو المرحبِ |
أجْدَى عَلَى النَّاسِ إِذَا أمْحَلُوا |
يوماً وأكفى للثأى المنصبِ |
دعامة ُ الأرضِ إذا ما وهت |
سماؤهُ عن لاقحٍ مقربِ |
الْجَالِبُ الأُسْدَ وأشْبَالَهَا |
يزرنَ من دورينِ في المجلبِ |
بِعَسْكَرٍ ظَلَّتْ عَنَاجِيجُهُ |
في الْقودِ مِنْ طِرْفٍ ومِنْ سَلْهَبِ |
مجنوبة َ العصرينِ أو عصرها |
بسيرِ لا وانٍ ولا متعبِ |
يتبعنَ مخذولاً وأشياعهُ |
بالْعَيْنِ فالرَّوْحَاء فالْمَرْقَبِ |
حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَنَ مِن كَبْوَة ٍ |
وكُنَّ مِنْهُ لَيْلَة الْمِذَّبِ |
خَرَجْنَ من سَوْدَاءَ في غِرِّة ٍ |
يردينَ أمثالَ القنا الشُّرَّبِ |
لَمَّا رَأوْا أعْناقَهَا شُرَّعاً |
بالموتِ دونَ العلقِ الأغلبِ |
كانوا فريقينِ فمن هاربٍ |
ومقعسٍ بالطّعنِ لم يهربِ |
مثل الفزاريِّ الَّذي لم يزل |
جَدَاهُ يَكْفِي غَيْبَة َ الْغُيَّبِ |
أنزلنَ عبدَ الله من حصنهِ |
إذ جئنهُ من حيثُ لم يرهبِ |
وانْصَعْنَ لِلْمَخْدُوع عَنْ نَفْسِهِ |
يَذُقْنَ ما ذَاقَ فَلَمْ يُصْلَبِ |
وَلَوْ تَرَى الأَزْدِيَّ فِي جَمْعِهِ |
كانَ كضلِّيلِ بني تغلبِ |
أيَّامَ يهززنَ إليه الرَّدى |
بكُلِّ مَاضِي النَّصلِ والثَّعْلَبِ |
حتَّى إذا قرَّبهُ حينهُ |
منها ولولاَ الحينُ لم يقربِ |
خاضَ ابنُ جمهورٍ ولو رامها |
مطاعن الأسدِ على المشربِ |
وزرنَ شيبانَ فنامت بهِ |
عَيْنٌ ولَمْ تَأرَقْ عَلَى مُذْنِبِ |
أجْلَى عَنِ الْمَوْصِلِ مِنْ وَقْعِهَا |
أو خرَّ من حُثحُوثها المطنبِ |
هُنَاكَ عَادَ الدِّينُ مُسْتَقْبَلاً |
وانتصبَ الدّينُ على المنصبِ |
وَعَاقِدُ التَّاجِ عَلَى رَأسِهِ |
يبرقُ والبيضة ُ كالكوكبِ |
لا يضعُ الَّلأمة َ عن جلدهِ |
وَمِحْمَلَ السَّيْفِ عَنِ الْمَنْكِبِ |
جلاَّبُ أتلادٍ بأشياعهِ |
قلتُ لهُ قولاً ولم أخطبِ |
لَوْ حَلَبَ الأَرْضَ بأخْلاَفِهَا |
دَرَّتْ لَكَ الْحَرْبُ دَماً فَاحْلُبِ |
يا أيها النَّازي بسلطانهِ |
أدللتَ بالحربِ على محربِ |
الْغِيُّ يُعْدِي فاجْتَنِبْ قُرْبَهُ |
واحْذَرْ بُغَى مُعْتَزَلِ الأَجْرَبِ |
أنهاكَ عن عاصٍ عدا طورهُ |
وألهبَ القصدَ على الملهبِ |
لاَ تَعْجَلِ الْحَرْبَ لَهَا رَحْبَة ٌ |
تغضبُ أقواماً ولم تغضبِ |
إن سرَّكَ الموتُ لها عاجلاً |
فاستعجلِ الموتَ ولا ترقبِ |
مَا أُحْرِمَتْ عَنْكَ خَطَاطِيفُهُ |
فَارْقَ عَلَى ظَلْعِكَ أوْ قَبْقِبِ |
إِنَّ الأُلَى كَانُوا عَلَى سُخْطِهِ |
من بينِ مندوبٍ ومستندبِ |
لمَّا دنا منزلهُ أطرقوا |
إِطْراقَة َ الطَّيْرِ لذِي الْمِخْلَبِ |