أَفِدَ الرَّحِيلُ وحثَّنِي صَحْبِي |
والنفسُ مشرفة ٌ على النَّحبِ |
لمَّا رأيتُ الهم مجتنحاً |
في القلب والعينان في سكب |
والْبيْنُ قدْ أَفِدَتْ ركائِبُهُ |
والْقوْمُ مِنْ طَرِبٍ ومِنْ صَبِّ |
ونادْيتُ: إِنَّ الْحُبَّ أشْعرنِي |
قَتْلاً وما أَحْدَثْتُ مِنْ ذَنْبِ |
أَهْدَى لِعَيْنِي ذِكْرُكُمْ سَهَدَاً |
مِنْ غيْرِ ما سَقَمٍ ولا طَبِّ |
إِلاَّ التَّمَنِّي أنْ أفُورَ بِكُمْ |
فتحرَّجي يا "عبدَ" من غضبي |
لَوَجَدْتِ حُبَّكِ قاتِلِي عَجَلاً |
إنْ لمْ يُفرِّجْ كَاشِفُ الْكرْبِ |
وعلاَمة ٌ مِنْكُمْ مُبيَّنة ٌ |
حسبي بها من حبِّكمْ حسبي |
أنِّي أُكِبُّ إِذا ذكرْتكُمُ |
مِنْ مجْلِسِ القُرَّاءِ والشَّرْبِ |
حتِّى يقول الناس بينهم: |
شَغَفُ «الْمُرَعَّثِ» دَاخِلُ الْحُبِّ |
ما زلت أذكركم وليلكمُ |
حَتَّى جَفَا عَنْ مَضْجَعِي جَنْبِي |
وعلمتُ أنَّ الصَّرمَ شيمتكم |
في النأي والهجران في القربِ |
فَظَلِلْتُ لا أدْرِي: أُقِيمُ علَى الْـ |
ـهِجْرانِ أوْ أغْدُو مع الرَّكْبِ |
فلئِنْ غدوْتُ لقدْ أُصِبْتُ بِكُمْ |
ولئِنْ أقمْتُ لَمُسْهَبُ اللُّبِّ |
قامت تراءى لي لتقتلني |
في القرطِ والخلخالِ والإتبِ |
فدعوتُ ربِّي دعوة ً جمعتْ |
رغبَ المحبِّ وشدة َ الرهبِ |
ألاَ تَرَاكِ بِنَا مُتَيَّمَة ً |
فأجابَ دعوة عاشقٍ ربِّي |
أهذي بكم ما عشتُ إنكمُ |
يَا حِبُّ وَافَقَ شِعْبُكُمْ شِعْبِي |
ورأت عجاباً شيبتي عجباً |
إنَّ العجائبَ في "أبي حربِ" |
ولقد أتانا أنَّ غانية ً |
أخرى وكنتُ بهنَّ كالنَّصبِ |
يأملنني ويرينَ منقصتي |
عندَ الرِّضا عنها وفي العتبِ |
لمَّا مررْتُ بها مُسَتَّرة ً |
في الحيِّ بين خرائدٍ عربِ |
قالت لنسوتها على عجلٍ: |
أنى لنا بمصدع القلبِ |
لسمَاعُهُ ـ إنْ كان يُسْمِعُنا ـ |
أشْهى إِلَى قلْبِي مِن الْعَذْبِ |
فَأجبْنهَا: إِنَّ الْفَتَى غَزِلٌ |
وأحب من يمشي على التربِ |
لاَ تُعْجِلِينا أنْ نُوَاعِدَهُ |
فيكونَ مجلسنا على خصبِ |
وننالَ منهُ غيرَ واحدة ٍ |
إِنَّ السَّمَاعَ لأَهْوَنُ الْخَطْبِ |