تَأبَّدَتْ بُرْقَة ُ الرَّوْحَاء فَاللَّبَبُ |
فالمحدثات بحوضى أهلها ذهبوا |
فأصبحت روضة ُ المكاء خالية ً |
فَماخِرُ الْفَرْعِ فالْغَرَّافُ فالْكُثُبُ |
فَأجْرَعُ الضَّوع لاَ تُرْعَى مَسَارِحُهُ |
كُل الْمَنَازِلِ مَبْثُوثٌ بِهَا الْكَأبُ |
كَأنَّهَا بَعْدَ مَا جَرَّ الْعَفَاءُ بِهَا |
ذَيْلاً من الصَّيفِ لَمْ يُمْدَدْ لَهُ طُنُبُ |
كَانَتْ مَعَايَا مِن الأَحْنَابِ فانْقَلَبَتْ |
عن عهدها بهمُ الأيام فانقلبوا |
أقُولُ إِذْ وَدَّعُوا نَجْداً وسَاكِنَهُ |
وَحَالَفُوا غُرْبَة ً بالدَّارِ فاغْتَرَبُوا |
لاَ غَرْوَ إِلاَّ حَمَامٌ في مَسَاكِنِهمْ |
تدعو هديلاً فيستغري به الطربُ |
سَقْياً لِمنْ ضمَّ بطْنُ الْخيْفِ إِنَّهُمُ |
بانوا "بأسماء" تلك الهم والأربُ |
أئِنُّ مِنْهَا إِلَى الأَدْنى إِذَا ذُكِرَتْ |
كما يئِنُّ إِلَى عُوَّادِهِ الْوصِبُ |
بجارة ِ البيت همُّ النفس محتضرٌ |
إِذَا خلوْتُ وماءُ الْعيْنِ ينْسكِبُ |
أنسى عزائي ولا أنسى تذكُّرها |
كأنني من فؤادي بعدها حربُ |
لا تَسْقِنِي الْكأسِ إِنْ لمْ أبْغ رُؤْيتها |
بالذَّاعِريَّة ِ أثْنِيها وتنْسلِبُ |
تطوي الفلاة بتبغيلٍ إذا جعلت |
رؤوسُ أعلامها بالآلِ تعتصبُ |
كم دون "أسماءَ" من تيهٍ ملمعة ٍ |
ومنْ صفاصف منها القهبُ والخربُ |
يَمْشِي النَّعامُ بِها مثْنى ومُجْتمِعاً |
كأنُّها عصبٌ تحدو بها عصبُ |
لا يغفل القلبُ عن "ليلى " وقد غفلت |
عمَّا يُلاقِي شَجٍ بالْحُبِّ مُغْترِبُ |
في كُلِّ يوْم لهُ همّ يُطالِبُهُ |
عِنْد الْمُلُوكِ فلاَ يُزْرِي بِهِ الطَّلبُ |
يا«سُعْد» إِنِّي عداني عنْ زِيارتِكُمْ |
تَقَاذُفُ الْهَمِّ والْمهْرِيَّة ُ النُّجُبُ |
في كُلِّ هنَّاقة ِ الأَضْواء مُوحِشَة ٍ |
يسْترْكِضُ الآلَ في مجْهُولِها الْحَدَبُ |
كأنَّ في جانبيها من تغولها |
بَيْضَاءُ تَحْسِرُ أحياناً وَتَنْتَقِبُ |
جرْداءُ حوَّاءُ مخْشِيّ متالِفُها |
جشَّمْتُها الْعِيسَ والْحِرِباءُ مُنْتصِبُ |
عشراً وعشراً إلى عشرين يرقبها |
ظهرُ ويخفضها في بطنه صببُ |
لم يبق منها على التأويبِ ضائعة ً |
ورحلة الليل إلاَّ الآلُ والعصبُ |
ورَّادة ٌ كُلَّ طامِي الْجمِّ عَرْمَضُهُ |
في ظِلِّ عِقْبانِهِ مُسْتأسِدٌ نشِبُ |
وسبْعة مِنْ «بنِي الْبطَّالِ» قَيِّمُهُمْ |
رداؤهُ اليوم فوق الرَّجلِ يضطربُ |
جليتُ عن عينه بالشعر أنشدهُ |
حتى استجاب بها والصبحُ مقتربُ |
قال «النُّعيْمِيُّ» لمَّا زَاحَ باطِلُهُ |
وافْتَضَّ خَاتَمَ ما يَجْنِي بِهِ التَّعبُ |
ما أنْت إِنْ لمْ تكُنْ أيْماً فقدْ عجِبتْ |
منك الرفاقُ ولي في فعلك العجبُ |
تهفو إلى الصيدِ إن مرَّت سونحهُ |
بِساقِطِ الرِّيشِ لمْ يُخْلِفْ له الزَّغَبُ |
إن كنتَ أصبحتَ صقراً لا جناح لهُ |
فقد تهانُ بك الكروانُ والخربُ |
لله درك لم تسمو بقادمة ٍ |
أوْ يُنْصِفُ الدَّهْرُ منْ يلْوِي فَيَعْتَقِبُ |
إلى "سليمان" راحت تغتدي حزقاً |
والخيرُ متَّبعٌ والشرُّ مجتنبُ |
تزُورُهُ مِنْ ذَوِي الأَحْسَابِ آوِنَة ً |
وخير من زرت سلطانٌ لهُ حسبُ |
أغَرُّ أبْلَجُ تَكْفِينَا مَشَاهِدُهُ |
في القاعدين وفي الهيجا إذا ركبوا |
أَمْسَى «سُلَيْمَانُ» مرْؤُوماً نُطِيفُ بِهِ |
كما تُطِيفُ ببَيْتِ الْقِبْلَة ِ الْعَرَبُ |
ترى عليه جلالاً من أبوتهِ |
وَنُصْرَة ً مِنْ يِدٍ تَنْدَى وتُنْتَهَبُ |
يَبْدُو لَكَ الْخَيرُ فيهِ حِينَ تُبْصُرُهُ |
كما بَدَا في ثَنَايا الْكَاعِبِ الشَّنَبُ |
في هامة ٍ من "قريشٍ" يحدقونَ بها |
تجبى ويجبى إليها المسكُ والذهبُ |
عَالَى «سلَيْمَانُ» فِي عَلْيَاءَ مُشْرِفَة ٍ |
سيفٌ ورمحٌ وآباء له نجبُ |
يَا نِعْمَ مَنْ كانَ مِنْهُمْ في مَحَلَّتِهِ |
وكان يشربُ بالماء الذي شربوا |
كانوا - ولا دين إلاَّ السيفُ - ملكهمُ |
راسٍ وأيامهم عادية غلبُ |
تطولُ أعمار قومٍ في أكفهمُ |
حيناً وتقصرُ أحياناً إذا غصبوا |
الْعَاقِدِينَ الْمَنَايَا في مُسَوَّمَة ٍ |
تُزْجَى أوَائِلُهَا الإِيجَافُ والْخَبَبُ |
بِيضٌ حِدَادٌ وأشْرَافٌ زَبَانِيَة ٌ |
يغدو على من يعادي الويلُ والحربُ |
أقُولُ لَلْمُشْتَكِي دَهْراً أضَرَّ بِه |
فِيهِ ابْتِذَالٌ وفِي أنْيَابِهِ شُعَبُ: |
لاَ جَارَ إِلاَّ «سُلَيْمَانٌ» وأسْرَتُهُ |
من العدوِّ ومن دهرٍ به نكبُ |
إِذَا لقِيتَ «أبَا أيُّوبَ» فِي قَعَدٍ |
أوْ غَازِياً فَوْقَهُ الرَّايَاتُ تَضْطَرِبُ |
لاَقَيْتَ دُفَّاعَ بَحْرٍ لا يُضَعْضِعُه |
للْمُشرِعِينَ عَلَى أرْجَائِهِ شُرُبُ |
فاشرب هنيئاً وذيل في صنائعه |
وانعم فإنَّ قعود الناعم اللعبُ |
الْهَاشِمِيُّ «ابْنُ دَاوُدٍ» تَدَارَكَنَا |
وَمَا لَنَا عِنْدَهُ نُعْمَى وَلاَ نَسَبُ |
أحيا لنا العيشَ حتى اهتزَّ ناضرهُ |
وجارنا فانجلت عنا به الكربُ |
لَيْثٌ لدَى الْحَرْبِ يُذْكِيهَا وَيُخْمِدُهَا |
وَلاَ تَرَى مِثْلَ مَا يُعْطِي وَمَا يَهَبُ |
صعباً مراراً وتاراتٍ نوافقهُ |
سَهْلاً عَلَيْهِ رِوَاقُ الْمُلْكِ وَاللَّجِبُ |
رَكَّابُ هَوْلٍ وَأعْوَادٍ لِمَمْلَكَة ٍ |
ضرابُ أسبابِ هم حين يلتهبُ |
ساقي الحجيج أبوه الخيرُ قد علمت |
عُلْيَا «قُرَيْشٍ» لَهَ الْغَايَاتُ والْقَصَبُ |
وافى "حنيناً" بأسيافٍ ومقربة |
شُعْثِ النَّوَاصِي بَرَاهَا الْقَوْدُ والْخَبَبُ |
يعطي العدى عن رسولِ الله مهجتهُ |
حتى ارتدى زينها والسيفُ مختضبُ |
وكَانَ «دَاوُدُ» طَوْداً يُسْتَظَلُّ بِهِ |
وفي " عليٍّ" لأعداء الهدى هربُ |
وَالْفَضْلُ عِنْدَ «ابْنِ عَبَّاسٍ» تُعَدُّ لَهُ |
فِي دَعْوَة ِ الدِّينَ آثَارٌ ومُحْتَسَبُ |
قل للمباهي "سليمانا" وأسرتهُ |
هَيْهَاتَ لَيْسَ كَعُودِ النَّبْعَة ِ الْغَرَبُ |
رَشِّحْ أباكَ لأُخْرَى مِنْ صَنَائِعِهِ |
واعْرفْ لِقَوْم برَأسٍ دُونَهُ أشَبُ |
أبْنَاءُ أمْلاَكِ مَنْ صَلَّى لِقِبْلَتِنَا |
فَكُلُّهُمْ مَلِكٌ بِالتَّاجِ مُعْتَصِبُ |
دم النبيِّ مشوبٌ في دمائهمُ |
كما يخالطُ ماء المزنة ِ الضربُ |
لو ملك الشمس قوم قبلهم ملكوا |
شمس النهار وبدر الليل لا كذبُ |
أعطاهم الله ما لم يعط غيرهمُ |
فهم ملوكٌ لأعداء النهى وركبُ |
لا يحدبون على مالٍ بمبخلة ٍ |
إِذَا اللِّئَامُ عَلَى أمْوَالِهِمْ حَدِبُوا |
لَوْلاَ فَضُولُ «سُلَيْمَانٍ» وَنَائِلُهُ |
لَمْ يَدْرِ طَالِبُ عُرْفٍ أيْنَ يَنْشَعِبُ |
ينتابه الأقربث الساعي بذمته |
إذا الزمان كبا والخابطُ الجنب |
كم من يتيم ضعيف الطرف ليس لهُ |
إلاَّ تناولَ كفَّي ذي الغنى أشبُ |
آخَى لَهُ عَرْوُهُ الأَثْرَى فَنَالَ به |
رواحَ آخرَ معقود له سببُ |
بِنَائِلٍ سَبطٍ لا منَّ يُرْدِفُهُ |
إذا معاشر منوا الفضل واحتسبوا |
يا ابْن الأَكارِم آباءً ومأثرة ً |
منك الوفاءُ ومنك النائل الرغبُ |
في الحيِّ لي دردق شعث شقيت بهم |
لا يكسبون وما عندي لهم نشبُ |
عزّ المضاعُ عليهم بعد وجبتهم |
فَمَا تَرَى فِي أنَاسٍ عيْشُهُمْ وجبُ |