زيد بن حارثة

توفي 8 هـ/ 629 م
بن شراحيل أو شرحبيل بن كعب بن عبد العُزَّى بن يزيد بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان.

الأمير الشهيد النبوي المسمى في سورة الأحزاب أبو أسامة الكلبي ثم المحمدي سيد الموالي وأسبقهم إلى الإسلام وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو حبِّه وما أحب صلى الله عليه وسلم إلا طيباً ولم يسم الله تعالى في كتابه صحابياً بإسمه إلا زيد بن حارثة وعيسى بن مريم عليه السلام الذي ينزل حكماً مقسطاً ويلتحق بهذه الأمة المرحومة في صلاته وصيامه وحجه ونكاحه وأحكام الدين الحنيف جميعها. فكما أن أبا القاسم سيد الأنبياء وأفضلهم وخاتمهم فكذلك عيسى بعد نزوله أفضل هذه الأمة مطلقاً ويكون ختامهم ولا يجيء بعده من فيه خير بل تطلع الشمس من مغربها ويأذن الله بدنو الساعة.

حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن عن أسامة بن زيد عن أبيه قال: خرجت مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً حاراً من أيام مكة وهو مردفي إلى نُصُبٍ من الأنصاب وقد ذبحنا له شاة فأنضجناها. فلقينا زيد بن عمرو بن نفيل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا زيد ما لي أرى قومك قد شَنِفوا لك؟" قال: والله يا محمد إن ذلك لغير نائلة لي فيهم ولكني خرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار فَدَكَ فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به. فقدمت على أحبار خيبر فوجدتهم كذلك فقدمت على أحبار الشام فوجدت كذلك فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي. فقال شيخ منهم: إنك لتسأل عن دين ما نعلم أحداً يعبد الله به إلا شيخ بالحيرة. فخرجت حتى أقدم عليه فلما رآني قال: ممن أنت؟ قلت من أهل بيت الله. قال: إن الذي تطلب قد ظهر ببلادك قد بعث نبي طلع نجمه وجميع من رأيتهم في ضلال. قال: فلم أحس بشيء. قال: فقرب إليه السفرة فقال: ما هذا يا محمد؟ قال: شاة ذبحناها لنصب. قال: فإني لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه. وتفرقنا فأتى رسول الله البيت فطاف به وأنا معه وبالصفا والمروة وكان عندهما صنمان من نحاس: إساف ونائلة. وكان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما فقال النبي: "لا تمسحهما فإنهما رجس" فقلت في نفسي: لأمسنَّهما حتى أنظر ما يقول. فمسستهما فقال "يا زيد ألم تُنْهَ".

قال ومات زيد بن عمرو وأنزل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد: "أنه يبعث أمةً وحده".

عن الحسن بن أسامة بن زيد قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من زيد بعشر سنين. قال وكان قصيراً شديد الأدمة أفطس.

رواه بن سعد عن الواقدي حدثنا محمد بن الحسن بن اسامة عن أبيه ثم قال بن سعد: كذا صفته في هذه الرواية وجاءت من وجه آخر أنه كان شديد البياض. وكان أبنه أسامة أسود ولذلك أعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول مجزز القائف حيث يقول: "إن هذه الأقدام بعضها من بعض". لوين: حدثنا حديج عن أبي إسحاق قال كان جبلة بن حارثة في الحي. فقالوا له أنت أكبر أم زيد؟ قال: زيد أكبر مني وأنا ولدت قبله وسأخبركم: إن أمنا كانت من طيئ فماتت فبقينا في حجر جدنا فقال عماي لجدنا: نحن أحق بابني أخينا. فقال: خذا جبلة ودعا زيداً فأخذاني فانطلقا بي فجاءت خيل من تهامة فأخذت زيدا فوقع إلى خديجة فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

حدثنا أبو فزارة قال: أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة غلاماً ذا ذؤابة قد أوقفه قومه بالبطحاء للبيع فأتى خديجة فقالت: كم ثمنه؟ قال سبع مئة قالت: خذ سبع مئة. فاشتراه وجاء به إليها فقال: أما إنه لو كان لي لأعتقته قالت: فهو لك. فأعتقه.

وعن سليمان بن يسار وغيره قالوا: أول من أسلم زيد بن حارثة.

قال الواقدي عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد على الناس في غزوة مؤتة وقدمه على الأمراء فلما التقى الجمعان كان الأمراء يقاتلون على أرجلهم فأخذ زيد اللواء فقاتل وقاتل معه الناس حتى قتل طعناً بالرماح رضي الله عنه.

قال فصلى عليه رسول الله أي دعا له وقال استغفروا لأخيكم قد دخل الجنة وهو يسعى. وكانت مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان.

جماعة عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل زيد وجعفر وابن رواحة قام صلى الله عليه وسلم فذكر شأنهم فبدأ بزيد فقال: "اللهم اغفر لزيد اللهم اغفر لزيد ثلاثاً اللهم اغفر لجعفر وعبد الله بن رواحة".

حماد بن زيد عن خالد بن سلمة المخزومي قال لما جاء مصاب زيد وأصحابه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منزله بعد ذلك فلقيته بنت زيد فأجهشت بالبكاء في وجهه فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى حتى انتحب فقيل ما هذا يا رسول الله؟ قال: "شوق الحبيب إلى الحبيب" رواه مسدد وسليمان بن حرب عنه.


المرجع: سير أعلام النبلاء