هوى لي وأهواءُ النفوسِ ضروبُ
|
تجانبُ قوسي أن تهبَّ جنوبُ
|
يدلُّ عليها الريفُ أين مكانهُ
|
و يخبرها بالمزنِ كيفَ يصوبُ
|
و نمشى على روضِ الحمى ثم نلتقي
|
فيبلغني منها الغداة َ هبوبُ
|
أماني بعيدٍ لو رآها لسرها
|
مكانَ الحيا من مقلتيه غروبُ
|
و دمعْ إذا غالطتُ عنه تشاهدتْ
|
قوارفُ في خدي له وندوبُ
|
على أنّ ذكرا لا تزال سهامهُ
|
ترى مقتى من مهجتي فتصيبُ
|
إذا قيل ميٌّ لم يرعني بحلمه
|
حياءٌ ولم يحبسْ بكاي رقيبُ
|
أعير المنادى باسمها السمعَ كله
|
على علمه أني بذاك مريبُ
|
و كم ليَ في ليل الحمى من إصاخة ٍ
|
إلى خبر الأحلامِ وهو كذوبُ
|
توقرُ منها ثم تسفهُ أضلعي
|
و يجمدُ فيها الدمعُ ثم يذوبُ
|
و ما حبُّ ميًّ غيرُ بردٍ طويتهُ
|
على الكرهِ طيَّ الرثَّ وهو قشيبُ
|
رأتْ شعراتٍ غيرَ البينُ لونها
|
فأمست بما تطريه أمس تعيبُ
|
أساءكِ أن قالوا أخٌ لكِ شائبٌ
|
فأسوأُ منه أن يقالَ خضيبُ
|
و من عجبٍ أنَّ البياضَ ولونه
|
اليكِ بغيضٌ وهو منكِ حبيبُ
|
أحينَ عسا غصني طرحت حبائلي
|
إليّ فهلا ذاك وهو رطيبُ
|
يظنينهُ من كبرة ٍ فرطَ ما انحنى
|
كأنْ ليس في هذا الزمان خطوبُ
|
فعدى سنيهِ إنما العهدُ بالصبا
|
و إن خانه صبغُ العذارِ قريبُ
|
و في خطلِ الرمح انحناءٌ وإنما
|
تعدُّ أنابيبٌ له وكعوبُ
|
هموميَ من قبل اكتهالي تكهلٌ
|
و غدركِ من قبل المشيبِ مشيبُ
|
و ما كان وجهٌ يوقدُ الهمُّ تحته
|
لتنكرَ فيه شيبة ٌ وشحوبُ
|
لو أنّ دمي حالتْ صبيغة ُ لونهِ
|
مبيضة ً ما قلتُ ذاكَ عجيبُ
|
ألم تعلمي أنَّ الليالي جحافلٌ
|
و أنَّ مداراة َ الزمانِ حروبُ
|
و أنَّ النفوسَ العارفاتِ بلية ٌ
|
و حملَ السجايا العالياتِ لغوبُ
|
يسيغُ الفتى أيامهُ وهو جاهلٌ
|
و يغتصُّ بالساعاتِ وهو لبيبُ
|
و بعضُ موداتِ الرجالِ عقاربٌ
|
لها تحت ظلماء العقوقِ دبيبُ
|
تواصوا على حبَّ النفاقِ ودينهُ
|
بأنْ يتنافى َ مشهدٌ ومغيبُ
|
فما أكثرَ الإخوانَ بل ما أقلهم
|
على نائباتِ الدهر حين تنوبُ
|
و قبلَ ابنِ عبدِ الله ما خلتُ أنه
|
يرى في بني الدنيا الولودِ نجيبُ
|
ألا إن المجدِ يخلصُ طينهُ
|
و كلّ الذي فوق التراب مشوبُ
|
سقى الله نفسا مذ رعت قلة َ العلا
|
فكلُّ مراعيها أعمُّ خصيبُ
|
و حيا على رغم الغزالة ِِ غرة ً
|
إذا طلعتْ لم تدجُ حين تغيبُ
|
و حصنَ صدرا قلبُ أحمدَ تحته
|
يضيق ذراعُ الدهر وهو رحيبُ
|
من القوم بسامون والجوُّ عابسٌ
|
و راضون واليومُ الأصمّ غضوبُ
|
رأوا بابنهم ليثَ الشرى وهو ساربٌ
|
لحاجته والبحرَ وهو وهوبُ
|
فتى ً سودته نفسهُ قبل خطه
|
و شابت علاه وهو بعدُ ربيبُ
|
و قدمه أن يعلقَ الناسُ عقبهُ
|
سماحٌ مع الريح العصوفِ ذهوبُ
|
و رأيٌ على ظهر العواقبِ طالعٌ
|
إذا أخطأ المقدارُ فهو مصيبُ
|
إذا ظنَّ أمراً فاليقينُ وراءه
|
و يصدق ظنُّ تارة ً ويحوبُ
|
و خلقٌ كريمٌ لم يرضهُ مؤدبٌ
|
تمطقَ فوه الثديَ وهو أديبُ
|
تحمل أعباءَ الرياسة ِ ناهضا
|
بها قاعدا والحادثاتُ وثوبُ
|
و صاحتْ به الجلى لسدّ فروجها
|
فأقدمَ فيها والزمانُ هيوبُ
|
و كم عجمتهُ النائباتُ فردها
|
رداداً وعاد النبعُ وهو صليبُ
|
هناك اتفاقُ الناسِ أنك واحدٌ
|
إذا كان للبدر المنير ضريبُ
|
و أعجبُ ما في الجودِ أنك سالبٌ
|
به كلَّ ذي فضل وأنتَ سليبُ
|
أأنسى لك النعمى التي تركتْ فمي
|
يصعدُ يبغي شكرها ويصوبُ
|
ملكتَ فؤادي عند أول نظرة ٍ
|
كما صاد عذرياً أغنُّ ربيبُ
|
و كنتُ أخاف البابليَّ وسحرهُ
|
و لم أدر أن الواسطيَّ خلوبُ
|
و غناك أقوامٌ بوصفِ مناقبي
|
فرنحَ نشوانٌ وحنَّ طروبُ
|
رفعتَ منارَ الفخرِ لي بزيارة ٍ
|
و سمتَ بها مغنايَ وهو جديبُ
|
و كنتَ لداءٍ جئتني منه عائداً
|
شفاءً وبعضُ العائدين طبيبُ
|
و أنهلتنيَ من خلقك العذبِ شربة ً
|
حلتْ لي وما كلُّ الدواء يطيبُ
|
و لما جلا لي حسنَ وجهك بشرهُ
|
تبينَ في وجه السقام قطوبُ
|
أجبتَ وقد ناديتُ غيرك شاكيا
|
و ذو المجد يدعى غيرهُ فيجيبُ
|
فطنتَ لها أكرومة ً نام غفلة ً
|
من الناس عنها مائقٌ وأريبُ
|
ذهبتَ بها في الفضل ذكراً بصوته
|
سبقتَ فلم يقدر عليك طلوبُ
|
لئن كان في قسم المكارم شطرها
|
فللدين فيه والولاءِ نصيبُ
|
و إن أك من كسرى وأنت لغيره
|
فإنيَ في حبّ الوصيّ نسيبُ
|
ستعلمُ أنَّ الصنع ليس بضائعٍ
|
عليّ ولا الغرسَ الزكيَّ يخيبُ
|
و تحمدُ منيّ ما سعيتَ لكسبهِ
|
و ما كلّ ساعٍ في العلاء كسوبُ
|
و مهما يثبك الشعرُ شكرا مخلدا
|
عليها فإنّ اللهَ قبلُ يثيبُ
|
و تسمعُ في نادي الندى أيَّ فقرة ٍ
|
يقوم بها في الوافدين خطيبُ
|
متى امتدّ بي عمرٌ وطالت مودة ٌ
|
فربعك حسنٌ من ثنايَ وطيبُ
|
و دونك مني ضيغمٌ فوهُ فاغرٌ
|
متى مادنا من سرحِ عرضك ذيبُ
|
محاسنُ قومٍ وسمة ٌ في جباههم
|
و لي حسناتٌ سرهن غيوبُ
|
و ما الحسنُ ما تثنى به العينُ وحدها
|
و لكنَّ ما تثنى عليه قلوبُ
|
لقد علقتْ دنياك مذ قيضتك لي
|
و راح عليها الحلمُ وهو غريبُ
|
أظنُّ زماني إن زجرتَ صروفهُ
|
سيرجع عما ساءني ويتوبُ
|
تخاتلني الأخبارُ أخلبَ برقها
|
بأنك يا بدرَ الكمال تغيبُ
|
فأمسكُ قبلَ البين أحشاءَ موجع
|
لها بين أثناء الحذار وجيبُ
|
بأيّ فؤادٍ أحمل البعدَ والهوى
|
جديدٌ وذا وجدي وأنتَ قريبُ
|
فلا تصدعَ الأيامُ شملَ محاسنٍ
|
تسافر مصحوبا بها وتؤوبُ
|
و لا تعدمَ الدنيا بقاءك وحده
|
فإنك في هذا الزمان غريبُ
|