جارَ هذا الدّهرُ، أو آبا، |
و قراكَ الهمُّ أوصابا |
و وفودُ النجم واقفة ٌ ، |
لا ترى في الغربِ أبوابا |
وكأنّ الفجرَ، حينَ رأى |
ليلة ً قاسية ً، هابا |
غَضَبُ الإدلال مِن رشَإٍ، |
لابسٍ للحُسنِ جِلبابا |
سحرتْ عيني ، فلستُ أرى |
غيرَه في النّاس أحبابا |
و لحيني ، إذ بليتُ به ، |
وأرى للحَين أسْبابا |
غُصُنٌ يَهتَزُّ في قمرٍ، |
راكضاً للوشيِ سحابا |
أثمَرت أغصانُ راحتِه، |
لجناة ِ الحسنِ عنابا |
لامهُ فيالوشاة ُ ، وكم |
ذامني منهم ، وكم عابا |
عَذّبوا صَبّاً بعَذلِهمُ، |
متعباً في الحبِّ إتعابا |
فتبرا من محبتنا ، |
وأُراه كان كَذّابا |
لا ترى عيني له شبهاً ، |
غَزِلٌ في الحبِّ ما حابَى |
وحديثٍ قد جعلتُ له، |
دونَ عِلمِ النّاس حُجّابا |
لا يملُّ النثرَ لافظه ، |
مفتنٌ يعجبُ إعجابا |
قد أبحناهُ فطابَ لنا، |
وحَوَيْنا منه إنهابا |
و شبابٍ كان يعجبني ، |
وبهِ قد كنْتُ لَعّابا |
جاه حُسنٍ ما رُدِدْتُ به، |
وشفيعٌ قطُّ ما خابا |
ثمّ أدينا إلى شمطٍ ، |
مُسبِلٍ في الرّأس أهدابا |
فأمامي المرُّم عمري ، |
وورائي منه ما طابا |
خضبتْ رأسي ، فقلتُ لها : |
اخضبي قلبي، فقد شابا |
شرطُ دهري كلّه غِيَرٌ، |
حبنَ عاديناهُ إسحابا |
و لقد غاديتُ مترعة ً ، |
لم تشم في خلقي عابا |
و حلبتُ الدهرَ أشطره ، |
و قضتهُ النفسُ أطرابا |
و خميسُ الأرضِ مالكهُ ، |
يملأ الأرضَ به غابا |
مثلُ لُجِّ البحرِ مُصطخَباً، |
يَزجُرُ الليلَ، إذا غابا |
ولقد أغزو بسَلهَبة ٍ، |
تُعطِبُ الأحقافَ إعطابا |
قد حَذاها الدّهرُ جِلدتَه، |
وكَساها اللّيلُ أثوابا |
جاس فيها الشكُّ حينَ رأتْ |
بجنوبِ الحزنِ أسرابا |
فرجمناها بغرتها ، |
فقَضت للحِرصِ آرابا |
وَرَدَدنا الرّمحَ مُختضِباً، |
لِدماءِ الوَحشِ شرّابا |